| كتب علاء السمان |
عادت عقارب البورصة بالزمان إلى الوراء 9 سنوات أمس، لتسجل أدنى قيمة يومية لها منذ 6 نوفمبر 2002، في أبلغ تعبير عن عمق أزمة السيولة في البورصة المستمرة منذ العام الماضي، والتي وصلت إلى العظم، لتنذر بتبعات قاسية على شركات إدارة الأصول وشركات الوساطة والمتداولين الذين تشكل البورصة مصدر كسب لهم.
وكسرت قيمة التداولات التي بلغت 8.1 مليون دينار، القعر الذي سجل في 12 ديسمبر الماضي، حين بلغت 8.7 مليون دينار. ولم تشهد البورصة مثل هذه القيمة المتدنية في ظروف شديدة الصعوبة مثل حرب تحرير العراق في العام 2003، ولا خلال أسوأ فترات الأزمة المالية العالمية.
وللإشارة فقط الى ان معطيات السوق تغيرت كثيراً منذ العام 2002، فعدد الشركات المدرجة ارتفع من 120 إلى 230 حالياً، والمؤشر اليوم يزيد بنحو 4000 آلاف نقطة عن مستويات 2002، ومع ذلك فإن قيمة التداولات عادت إلى الوراء إلى ذلك الزمان.

التداعيات
وتنذر أزمة السيولة بتداعيات على شركات إدارة الأصول وشركات الوساطة، وبتراجع إيرادات الشركة الكويتية للمقاصة والبورصة وهيئة أسواق المال.
فتداولات الأمس مثلاً، سيستقطع واحد بالألف منها رسوماً، أي 8100 دينار فقط (!)، لتكون هي حصيلة إيرادات اليوم لـ14 شركة وساطة و«المقاصة» والبورصة. وباعتبار أن «المقاصة» والبورصة تحصل على 30 في المئة من هذا المبلغ، فإن 14 شركة وساطة حصلت مجتمعة على 5670 ديناراً، أي أن متوسط ما حصلت عليه الشركة الواحدة 405 دنانير، هذا من دون احتساب الخصومات التي تقدمها بعض الشركات لعملائها!
مثل هذا المبلغ يجب أن يكون كافياً لدفع مصاريف التشغيل، من إيجارات ورواتب موظفين واتصالات... والشاي والقهوة طبعاً! وهذا يعني أن من المستحيل على تلك الجهات أن تحقق ربحاً في الظروف الحالية.
يقول مسؤول في إحدى شركات الوساطة إن الأزمة آتية إلى القطاع، لأن فترة التحمل شارفت على نهايتها، وستصبح الشركات في وقت قريب عاجزة عن الاستمرار في الدفع من «الشحم» الذي جمعته في السنوات السمان. ويضيف «كيف لنا في ظروف كهذه أن نزيد رأسمالنا 300 أو 400 او 500 في المئة لاستيفاء متطلبات (هيئة الأسواق)، أو دفع الرسم السنوي الذي فرضته الهيئة والبالغ 100 ألف دينار؟
وجه آخر من الأزمة أخطر وأشد عمقاً يضرب شركات إدارة الأصول التي يعتمد على دخلها من الرسوم والأتعاب عن إدارة محافظ العملاء والصناديق الاستثمارية.
وقد بلغت الإيرادات التشغيلية الناتجة عن رسوم الإدارة والعمولات لدى شركات الاستثمار المدرجة العام الماضي نحو 55 مليون دينار. وهذا الرقم، على انخفاضه، يبدو بعيد المنال هذا العام إذا بقيت التداولات على وتيرتها الحالية.
النتيجة، كما يقول مصدر في القطاع، ان «الأزمة وصلت إلى العظم»، خصوصاً أن قطاع الاستثمار لم يتعاف حتى الآن. فالشركات التي نجحت في لملمة آثار الأزمة وإعادة هيكلة ديونها وتحملت بعد ذلك فترات مالية عدة من الخسائر، قد لا تظل قادرة على تحمّل المزيد، ما ينذر بموجة جديدة من التعثرات، قد تكون قاضية هذه المرة ما لم تتحرك جهود جدية لمعالجة الوضع المتردي.

الأسباب
لخص مراقبون الأسباب التي هوت بتداولات سوق الأوراق المالية الى هذا المستوى في عدد من النقاط منها:
-الإجراءات التنظيمية التي اتخذتها هيئة أسواق المال وتعمل الجهات المعنية في البورصة على تطبيقها، اذ اشاعت تلك الإجراءات حالة من الهلع لدى اوساط المضاربين أفراد ومحافظ كبرى.
-تراجع مستوى الأوضاع المالية لشركات إدارة الأصول وإحجام الشركات الاستثمارية وغير الاستثمارية عن التداول.
-حالة الإحباط الناتجة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والتي ألقت بظلالها على نفسيات المتعاملين.
-خروج المحافظ المملوكة لكبار اللاعبين الى خارج السوق الكويتي بحثاً عن فرص استثمارية أكثر أماناً.
-تتبع المضاربين سواء ما يتداولون وفقاً للقانون أو خارج هذا الاطار أدى الى فقدان الثقة خشية الوقوع في خطأ غير مقصود يدفع مقابله المخطئ ما لديه.
- ما يتردد عن توجه بعض المؤسسات الحكومية بشأن عدم ضخ مبالغ إضافية في محافظها المالية مثل «التأمينات».
- تجمد رؤوس أموال المحافظ والشركات في مساهمات مدرجة أدى الى ضيق نظرة القائمين عليها في ظل الافتقار الى السيولة.
-إغلاق قنوات التمويل التابعة للبنوك كان وما زال لها دور رئيسي في تردي الوضع العام للسوق، لاسيما وأن البنوك ذاتها سبق أن خصصت مساحة كبيرة من محفظتها للاستثمار في البورصة والاقراض مقابل أسهم.
-غياب المحافظ الوطنية أو المليارية التي تطلقها الحكومة وعدم قيامها بالدور المأمول.