| بيروت ـ من ليندا عازار |
... وفي اليوم 133 على سحبها «بساط» الغالبية النيابية من «تحت أقدام» قوى 14 آذار، خسرت «الأكثرية الجديدة» اول اختبار «قوة» لها تحت قبة البرلمان بما ظهّر ان «تحالف الضرورة» الذي جعلها تلتقي تحت سقف تسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة يقف على «ارض مهتزّة» سرعان ما أفرزت «تشققات» أظهرته على انه «تجمُّع اللحظة» الذي فقد «القوة اللاصقة» التي جمعت أطرافه على طريقة «من كل واد عصا».
... أمس، وبمعزل عن «المطالعات» عن دستورية «اللا جلسة» التشريعية التي أرجأها رئيس البرلمان نبيه بري الى الاربعاء المقبل، وعن «لقاء الثمانية» بين أقطاب الغالبية الجديدة في مكتب الاخير قبل تجرُّع «كأس» عدم القدرة على تأمين نصاب الجلسة (65 نائباً)، بدا ان الأكثرية «المركّبة» عادت الى مقاعد الأقلية التي كانت تضمّ في شكل رئيسي «حزب الله» وحركة «أمل» وتيار العماد ميشال عون، قبل ان تُمسك «على الورق» بزمام مجلس النواب بانضمام رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط وكتلته البرلمانية «المنقسمة» وميقاتي وحليفيه محمد الصفدي واحمد كرامي اليها.
امس، «افترق» جنبلاط وميقاتي عن الغالبية الجديدة مكرّسيْن سياسة التعاطي «بالمفرّق» مع كل استحقاق وفق ما تقتضيه المرحلة وظروف كلّ منهما سواء داخل طائفته او في قراءته للوقائع الجديدة في المنطقة، ليعود رئيس «جبهة النضال الوطني» مجدداً الى لعب دور «بيضة القبان» (كتلته من 7 نواب) التي رجّحت هذه المرّة كفّة تعطيل عقد الجلسة التشريعية التي بقي التئامها يحتاج الى سبعة نواب ليكتمل نصاب افتتاحها بعدما قاطعتها 14 آذار لاعتبارها غير دستورية بظلّ حكومة تصريف أعمال.
واذا كان العنوان المعلَن لمقاطعة ميقاتي وحليفيْه الجلسة «حفظ دور المؤسسات والانسجام مع اقتناعاتنا بعدم زيادة الشرخ بين اللبنانيين»، ولجنبلاط «خفض التوتر المذهبي» واحتجاجاً على عدم حصر جدول الاعمال الفضفاض ببند واحد (التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة)، فان الأخيريْن بحضورهما المفاجىء امس الى البرلمان ومشاركتهما في «اجتماع الصدفة» في مكتب بري (ضم ايضاً عون والنواب سليمان فرنجية ومحمد رعد واسعد حردان وطلال ارسلان)، وجّها إشارة الى ان موقفهما من الجلسة ليس في سياق «الانفصال» عن الاكثرية الجديدة بل في إطار «أخذ مسافة» لا «تحرق المراكب» في علاقة الزعيم الدرزي مع 14 آذار التي عاد الى التواصل معها، كما لا «تقطع الجسور» في علاقة الرئيس المكلف مع طائفته السنية التي بدا «منسلخاً» عنها حين ظهر كأنه «شريك» في إقصاء الحريري عن رئاسة الحكومة في يناير الماضي.
وبرزت امس محاولتان لـ «الحدّ من الخسائر» التي أفرزها واقع الاكثرية الجديدة «العاجزة» عن تسييل غالبيتها على مستوى السلطة البرلمانية وهما:
* مشهد أقطاب الغالبية مجتمعين في مكتب بري قبيل إرجاء الجلسة التشريعية، وعلى «جدول نقاشهم» بند تشكيل الحكومة الذي بدت الاجواء التي اشيعت عن تقدّم على طريق بتّه ولا سيما بين ميقاتي وعون اللذين «كسرا الجليد بينهما» بمثابة «تعويض» عن الفشل في إظهار الاكثرية الجديدة عند اول استحقاق على انها «جسم واحد»، وفي إطار احتواء الأضرار الناجمة عن هذا المشهد. علماً ان الرئيس بري شخصياً عبّر عن منحى التفاؤل الحكومي بعبارة «ان شاء الله الفول رح يصير بالمكيول».
* استباق بري «القصور» في تأمين نصاب الجلسة التشريعية ثم تكرار الموقف بعد إرجائها، معلناً انه كان سيرفع الجلسة ولو حضرها مئة نائب اذا كان المكوّن السني غائباً عنها لانه «لا يرضى بأن تعقد جلسة لا يكون النصاب الطائفي متحققاً فيها» اذ تكون بذلك «دستورية ولكن غير ميثاقية».
وكان الاجتماع في مكتب بري اعقبه اعلان ميقاتي انه أراد من هذه الزيارة «تأكيد أن هذا البرلمان لكل اللبنانيين».
وقال: «من باب المصادفة اجتمعنا بحضور العماد عون (...) وكانت مناسبة لنبحث في الموضوع الحكومي. وأقولها بصراحة إن الجليد قد انكسر. كما كان لقاء ثنائي جيد بيني وبين العماد عون، وليست هناك أي فيتوات مسبقة، وقد تفاهمنا على الخطوات المقبلة في سبيل تسهيل تشكيل الحكومة».
وفيما اوضح جنبلاط «اننا أكدنا على تحالفنا، والاجتماع كان «صدفة جميلة» والاجواء «ايجابية»، تطرقت قناة «المنار» الى الحديث عن ان لقاء ميقاتي وعون في مجلس النواب «حسم كل النقاط العالقة على خط تشكيل الحكومة»، في حين ذكرت معلومات أخرى انه جرى تذليل العديد من العقبات ولكن تبقى ثمة نقاط تحتاج الى التشاور في شأنها مع الرئيس ميشال سليمان لا سيما حول الوزير الماروني السادس حيث يبدو زعيم «التيار الحر» مصراً على ألا يوزّر سليمان شخصيات من كسروان او جبيل ربطاً باستحقاق الانتخابات النيابية المقبلة.
وفي غمرة هذه المعطيات التي قابلتها اوساط مراقبة بحذَر نظراً الى التجارب السابقة في التعاطي مع مسار الملف الحكومي وفي انتظار تبلور المشهد في الساعات المقبلة، قدّم بري بعد رفع «اللا جلسة» التشريعية مطالعة قانونية دستورية اكد فيها «دستورية» الجلسة، مصوّباً في السياسة على «ثورة الأرز» التي تأخذ خطوة الى الامام لتردّنا خطوات بعيدة الى الوراء عبر الاصرار على احتكار السلطة ومحاولة احباط هذه المبادرة النيابية».
ولفت الى «ان الهدف الاكبر من هذه الجلسات هو عدم ايجاد ديكتاتورية مقنعة. لان القول بعدم دستورية الجلسات في ظل حكومة مستقيلة يؤدي الى وضع عمل المجلس النيابي في قبضة الشخصية المكلفة والقوى التي تشكّل الحكومة». أضاف: «لم نسع الى فرصة سانحة لإحلال النظام المجلسي ولا نزال نؤمن باتفاق الطائف حتى الآن وبالنظام البرلماني الى الابد ولكن لن نقبل باحتكار السلطة ووضع خطوط حمر».