| خولة القزويني |
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبسمك في وجه أخيك صدقة...
والابتسامة رسول محبة بين الناس... لكننا في الكويت بتنا نفتقد أجمل خاصية** يتصف بها الفرد الكويتي وهي الطيبة والسماحة... فعندما تضطرك الظروف إلى إجراء معاملة في إحدى الدوائر الحكومية تصطدم بالموظف المكفهرّ الوجه والموظفة الجالسة على صفيح ساخن والدليل أنك إن اختلفت أو اعترضت على أمر فتوقع في الحال مشاجرة من النوع الثقيل ناهيك عن الأسلوب الجاف والناشف الذي يضطرك أن تخضع وتهان حتى تشحذ رضا الموظف أو رضاها.
فالتذمّر واضح على الوجوه العابسة... حوادث كثيرة تحدث كل يوم، في الشارع، في السوق، في المدارس، في الكليات، حتى المعلمة التي تفتح طابور الصباح تسمع صراخها المرعب للأطفال والمكدر لمزاجهم، التكشيرة التي لا أجد لها أي مبرر.
وأقول لا أجد لها أي مبرر إنما أعني أننا في الكويت نعيش بألف خير، نعيش بأمن وأمان وفي ظروف معيشية يحسدنا عليها كل شعوب العالم، إن مشاكلنا في الكويت تعتبر مشاكل كمالية وليست أساسية، فكل واحد منا يملك الراتب الكبير والسيارة الفخمة والمنزل الواسع والضمانات الجيدة لحياته و لمستقبل أولاده ويعيش في دولة مستقرة لم تتعرض إلى حروب وهزات سياسية أوكوارث طبيعية أو نكبات كتلك التي تتعرض لها الدول الأخرى، فمن الأولى أن نشكر الله عز وجل على هذه النعم وأن نترجم هذا الشكر بالأخلاق النبيلة، بالتعامل الطيب، بالأسلوب المهذّب، بمصالحة أنفسنا، بتبادل المحبة، مشكلتنا في هذا البلد الطيب أننا لا نقدّر نعمه ولا نحمد الله على ما أسبغ علينا من هبات ولطائف، فنظام الحكم قائم على العدل والديموقراطية ولم نعش أبداً حالة كبت وقمع ومطاردات أمنية كما يحدث في باقي الدول العربية التي تتعرض إلى ابتلاءات ممثلة بنقص في الثمرات والأنفس أو تلك التي تعرضت لضغوط سياسية قاهرة.
فلماذا تتضجر وتغضب و كأنك لغم مشحون ينفجر حينما يشتعل فتيله بكلمة أو موقف غير مقصود من الطرف الآخر!
نحن شعب عرف عنا بالطيبة والسماحة فلم انقلبت ثقافة التسامح إلى ثقافة عنف وغضب وعدوانية؟.. لم ضاقت صدورنا عن تقبل الآخر والعفو عنه والصفح لوجه الله تعالى؟
لم انتقلت ثقافة العنف لفظاً وجسداً حتى إلى أطفالنا؟ أين التهذيب والخلق الرفيع؟ أين مكارم الأخلاق التي أوصى بها رسول الله (ص)؟ أين قيم الدين وخلق العرب... لم صارت لغتنا عدائية وهجومية وكأن في ردع الآخر قوة في الشخصية أو عنوانا لاثبات الذات؟ ليتنا نفهم أن الأخلاق النبيلة معيار لحضارةالأمم وليس في الثروات والمادة.
التعامل الحضاري القائم على السماحة والعفو هو ميزان التقدم والرقي وليس السيارات الفخمة والثياب الثمينة.
نحتاج إلى تعميم الابتسامة العذبة على وجوه المواطنين ليبتهج الوطن الحزين، تدهشني الموظفة المتبرّجة بأتقن مكياج لكنها بوجهها العابس وأسلوبها الفظ تشوه معنى الجمال، تصدمني المحجبة المرتدية ثوب الدين حينما تخاطب الناس انما بفظاظة وغلظة، أتعجب من رجل متدين يفترض أنه قدوة يتهم الناس ويجرحهم تحت عنوان الهداية.
الأخلاق يا أحبتي هي الوجه الحضاري لأي مجتمع والمقياس لثقافة الإنسان وعمق شخصيته، فإن أردنا الحفاظ على بريق الكويت الجميل ما علينا إلا أن نتزيّن بالأخلاق ونطهّر قلوبنا بالصفح والمحبة ونرسم أجمل ابتسامة على وجوهنا العكرة. وقد خاطب الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في قوله: «ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك».

* أديبة روائية كويتية