| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
قالت مصادر ديبلوماسية غربية رفيعة المستوى لـ «الراي»، ان «شبكات تحترف تهريب الاسلحة من سورية الى «حزب الله» في لبنان، تبيع اليوم خدماتها الى المعارضة السورية في الخارج، التي تعمل بدورها على مد المنتفضين ضد نظام (الرئيس بشار) الاسد بهواتف تعمل عبر الاقمار الاصطناعية، وكاميرات فيديو، وكمبيوترات، ووسائل لوجستية اخرى يستخدمها الثوار في انتفاضتهم».
وتشكل وسائل الاتصال هذه، السلاح الاساسي بيد شباب «الثورة السورية» المندلعة منذ 15 مارس الماضي، اذ يستخدمها المطالبون باسقاط نظام الاسد لايصال تظاهراتهم وعمليات العنف بحقهم، بالصوت والصورة، الى العالم.
ورغم محاولات القوى الامنية مصادرة هذه الوسائل واستخلاص اعترافات تحت وطأة التعذيب من اصحابها حول مصدرها، وحول الكلمات السرية التي يستخدمونها لتحميل الفيديوات عبر الانترنت، وللتواصل في ما بينهم عبر موقع «فيسبوك »، فان النظام السوري لم ينجح في قطع علاقة المنتفضين بالعالم.
وجزمت المصادر بانه «لم يتم تهريب اي سلاح من لبنان الى داخل سورية عن طريق هذه الشبكات».
وسألت «الراي» عن امكانية وجود قرار سياسي او تكتيكي لدى «حزب الله» بالعمل ضد حليفه في دمشق، فقالت المصادر ان «الشبكات التي لطالما استخدمها حزب الله لتهريب الاسلحة من سورية الى لبنان، لا تدين بالولاء الكامل» للحزب.
واضافت: «تتألف هذه الطبقات من مزيج من قطاع الطرق، ومقاتلين من الفصائل الفلسطينية الموالية لسورية، وعصابات تهريب، وبعض المقربين من حزب الله». 
هذه المجموعات حازت على ثقة الحزب مع مرور الوقت، وهي تحمل اليوم تراخيص تصدرها لها جهات سورية ولبنانية. ولطالما عملت هذه المجموعات الى جانب الحزب مقابل مبالغ مالية كبيرة، وهي «تتميز بقدرتها على تمويه شحنات الاسلحة واخفائها عن عيون الفضوليين من المواطنين العاديين، وخصوصا اخفاءها عن عيون الاقمار الاصطناعية وطائرات التجسس الاسرائيلية».
بيد ان ولاء هذه المجموعات، هو للمال اولا، وقد قام ناشطون سوريون في الخارج بالاتصال بها، مع مطلع العام الحالي، والطلب منها المساعدة في تمرير هواتف تعمل عبر الاقمار الاصطناعية الى ناشطين شباب داخل سورية، مقابل مبالغ مالية هائلة.
وافقت هذه الشبكات، وتم التوصل الى صيغة تحمي هوية المهربين وهوية الشباب الذين يقومون حتى اليوم، حسب المصادر، باستلام وسائل التكنولوجيا التي احرجت الاسد دوليا بتعطيلها فاعلية الحظر المفروض على وسائل الاعلام المستقلة والعالمية من العمل داخل سورية.
هل يدعم «حزب الله» عمل هذه المجموعات؟ تقول المصادر انها تشك في ان «يقوم حزب الله بدعمها لان ولاءه لنظام الاسد لا شك فيه».
بيد ان عمل هذه المجموعات دفع الحزب الى الوقوع في الحيرة، فهو «ان عمل على محاربتها وتفكيكها فهو سيخسر احدى اهم شبكاته لتهريب السلاح والذخائر عبر الحدود مع سورية». اما ان تجاهل عملها، حسب المصادر، «فمن الممكن ان تستمر في ارهاق حليفه وقد تؤدي في نهاية المطاف الى انهياره (نظام الاسد)».
ثم ان معضلة اخرى تواجه الحليفين في دمشق وبيروت، فان «عمل فعلا حزب الله والسلطات السورية على سحب التراخيص الامنية اللبنانية والسورية الممنوحة لافراد هذه الشبكات وحاولوا تفكيكها، فان خطوط التهريب من والى سورية من الممكن ان تستمر عبر القنوات العشائرية من خلال الحدود السورية المشتركة مع العراق والاردن وشمال لبنان».
ختاما، تقول المصادر ان «دمشق لطالما استخدمت شبكات التهريب هذه لارسال السلاح والمقاتلين الى داخل لبنان والعراق، لكن لم يتنبه الاسد حينها ان من الممكن ايضا استخدام الشبكات بالاتجاه المعاكس، وهو اليوم امام معضلة محاولة القضاء عليها لقطع وصول وسائل الاتصال الى الثائرين ضد حكمه، وان نجح في ذلك، يقضي على واحدة من الوسائل التي بنى عليها اسلوب تدخله في شؤون الجوار، وهذه بدورها سياسة اساسية لدى الاسد لتقديم نفسه كلاعب اقليمي فيما قام بتجاهل مصلحة السوريين الفعلية في الداخل لسنوات طويلة».