| علي الرز |
ليسوا أشباحاً وإن ظهروا فجأة لمواجهة المتظاهرين السوريين المتمسكين بشعار «سلمية سلمية» وتحويل الاوضاع على الارض الى «أمنية أمنية». فالنظام السوري الذي عانى من ارتباك في التعامل مع موجات الاحتجاج السلمي في أيامها الاولى كونه يفتقر الى ثقافة التعاطي الديموقراطي مع مطالب الناس، يمكنه اليوم التعاطي مع «الموضوع الامني» ببراعة لا يسبقه اليها احد... بل ان يصدّر هذه البراعة الى مَن يحتاجها شرقاً وغرباً.
ليسوا اشباحاً. هم شباب معروفون في مناطقهم وبين رفاقهم حتى ولو وضعوا ألف قناع او لفوا وجوههم بكوفيات. حراس نظام بالروح والدم لا يسألون حتى على مَن يطلقون الرصاص. يمكن ان يقال لهم ان هذا الناشط تمادى فيرْدونه او ان هذا الشرطي تردد فيرْدونه او ان هذه المنطقة يجب ان تشتعل فيمطرونها بالذخيرة... ثم يستقلون سياراتهم ويعبرون الى ضفاف اخرى خاطفين نظرة في اتجاه كاميرا التلفزيون الرسمي السوري الذي صوّرهم معطياً الاشارة الى سياسيي النظام وإعلامييه بان ينسوا كل التظاهرات والاحتجاجات والشهداء والمطالب والتركيز اكثر على وجود عصابات مسلحة تروّع الآمنين بل وتروّع حتى الذين يريدون التظاهر سلمياً... اننا، اذاً، امام عملية تخريب للمجتمع وتهديد للامن والاستقرار ومصادرة «للحق الديموقراطي» ولا بد ان يتعامل النظام بحزم وعنف من أجل إعادة الامور الى نصابها.
ومَِن يستعدّ ليفدي النظام بروحه ودمه، يسهل عليه ان يخرج لاحقاً الى وسائل الاعلام معلناً اعترافات «خطيرة» ومهمة ودقيقة عن المخطط الذي كان يهدف الى بث الفتنة الطائفية وتهديد المواطنين بأمنهم ورزقهم وحريتهم... هذا خطّط، وذاك اتصل، وثالث دفع المال، ورابع زوّدنا بالسلاح. وهذه الاعترافات لن تتبلور طبعاً قبل ان تستنزف الاجهزة المعنية كل ضغوطها على أطراف دولية وإقليمية كي تضمن ما تريده منها في مقابل تأجيل او تجميد الاعلان عن «الحقائق»... تاركة لوسائل الاعلام «المستقلة مع السلطة» ان تسرح في الكتابة يميناً ويساراً عن هذه المخططات حتى لو وصل بها المستوى الى تقليد مسلسلات الاطفال الكرتونية.
والشبّيحة الحقيقيون هم خارج سورية. أنظمة تنتظر ما سترسمه المواجهات من خطوط طول وعرض دموية قبل ان تدلي بدلوها حتى في ما يتعلق بالضحايا الابرياء، وأنظمة منشغلة في نزاعات اخرى ولا وقت لديها للالتفات ولو انسانياً الى ما يجري، وأنظمة ووسطاء ووفود بدأوا فور اندلاع الاحتجاجات عمليات بيع وشراء ومساومات من فوق الطاولة وتحتها كي تخرج سورية من هذه الازمة بنتائج على المستوى الاقليمي اكثر منها على مستوى تحقيق مطالب الناس.
وتحت خانة الشبّيحة يُصنّف ايضا كتاب وإعلاميون عرب التزموا الصمت حيال ما يجري على قاعدة «يا روح ما بعدك روح» و»يا مصالح ما بعدك مصالح» وأرسلوا مباشرة ومداورة الى ضباط سوريين رسائل تضامن وتذكير «باننا لم نكتب حرفاً عن سورية في فترة الازمة» متمنين اخذ ذلك بعين الاعتبار عندما تستقر الاوضاع. ناهيك عن منظمات حقوق الانسان العربية والاحزاب وهيئات المجتمع المدني التي لم نرها تعتصم لدقيقة على ارواح شهداء الحرية ولم تضئ شمعة امام سفارة او مقر للامم المتحدة تضامناً مع حق السوريين السلمي في التعبير عن الرأي.
أما «الشبّيحة» الذين يصوّرهم التلفزيون السوري فليسوا شبيحة. هم وفد المقدمة الذي يحضر لحدث ما ويمهد الارض له... وقد يكون هذا الحدث بمستوى مجزرة يقف العالم ببلاهة وتواطؤ شاهداً على حصولها.
alirooz@hotmail.com
ليسوا أشباحاً وإن ظهروا فجأة لمواجهة المتظاهرين السوريين المتمسكين بشعار «سلمية سلمية» وتحويل الاوضاع على الارض الى «أمنية أمنية». فالنظام السوري الذي عانى من ارتباك في التعامل مع موجات الاحتجاج السلمي في أيامها الاولى كونه يفتقر الى ثقافة التعاطي الديموقراطي مع مطالب الناس، يمكنه اليوم التعاطي مع «الموضوع الامني» ببراعة لا يسبقه اليها احد... بل ان يصدّر هذه البراعة الى مَن يحتاجها شرقاً وغرباً.
ليسوا اشباحاً. هم شباب معروفون في مناطقهم وبين رفاقهم حتى ولو وضعوا ألف قناع او لفوا وجوههم بكوفيات. حراس نظام بالروح والدم لا يسألون حتى على مَن يطلقون الرصاص. يمكن ان يقال لهم ان هذا الناشط تمادى فيرْدونه او ان هذا الشرطي تردد فيرْدونه او ان هذه المنطقة يجب ان تشتعل فيمطرونها بالذخيرة... ثم يستقلون سياراتهم ويعبرون الى ضفاف اخرى خاطفين نظرة في اتجاه كاميرا التلفزيون الرسمي السوري الذي صوّرهم معطياً الاشارة الى سياسيي النظام وإعلامييه بان ينسوا كل التظاهرات والاحتجاجات والشهداء والمطالب والتركيز اكثر على وجود عصابات مسلحة تروّع الآمنين بل وتروّع حتى الذين يريدون التظاهر سلمياً... اننا، اذاً، امام عملية تخريب للمجتمع وتهديد للامن والاستقرار ومصادرة «للحق الديموقراطي» ولا بد ان يتعامل النظام بحزم وعنف من أجل إعادة الامور الى نصابها.
ومَِن يستعدّ ليفدي النظام بروحه ودمه، يسهل عليه ان يخرج لاحقاً الى وسائل الاعلام معلناً اعترافات «خطيرة» ومهمة ودقيقة عن المخطط الذي كان يهدف الى بث الفتنة الطائفية وتهديد المواطنين بأمنهم ورزقهم وحريتهم... هذا خطّط، وذاك اتصل، وثالث دفع المال، ورابع زوّدنا بالسلاح. وهذه الاعترافات لن تتبلور طبعاً قبل ان تستنزف الاجهزة المعنية كل ضغوطها على أطراف دولية وإقليمية كي تضمن ما تريده منها في مقابل تأجيل او تجميد الاعلان عن «الحقائق»... تاركة لوسائل الاعلام «المستقلة مع السلطة» ان تسرح في الكتابة يميناً ويساراً عن هذه المخططات حتى لو وصل بها المستوى الى تقليد مسلسلات الاطفال الكرتونية.
والشبّيحة الحقيقيون هم خارج سورية. أنظمة تنتظر ما سترسمه المواجهات من خطوط طول وعرض دموية قبل ان تدلي بدلوها حتى في ما يتعلق بالضحايا الابرياء، وأنظمة منشغلة في نزاعات اخرى ولا وقت لديها للالتفات ولو انسانياً الى ما يجري، وأنظمة ووسطاء ووفود بدأوا فور اندلاع الاحتجاجات عمليات بيع وشراء ومساومات من فوق الطاولة وتحتها كي تخرج سورية من هذه الازمة بنتائج على المستوى الاقليمي اكثر منها على مستوى تحقيق مطالب الناس.
وتحت خانة الشبّيحة يُصنّف ايضا كتاب وإعلاميون عرب التزموا الصمت حيال ما يجري على قاعدة «يا روح ما بعدك روح» و»يا مصالح ما بعدك مصالح» وأرسلوا مباشرة ومداورة الى ضباط سوريين رسائل تضامن وتذكير «باننا لم نكتب حرفاً عن سورية في فترة الازمة» متمنين اخذ ذلك بعين الاعتبار عندما تستقر الاوضاع. ناهيك عن منظمات حقوق الانسان العربية والاحزاب وهيئات المجتمع المدني التي لم نرها تعتصم لدقيقة على ارواح شهداء الحرية ولم تضئ شمعة امام سفارة او مقر للامم المتحدة تضامناً مع حق السوريين السلمي في التعبير عن الرأي.
أما «الشبّيحة» الذين يصوّرهم التلفزيون السوري فليسوا شبيحة. هم وفد المقدمة الذي يحضر لحدث ما ويمهد الارض له... وقد يكون هذا الحدث بمستوى مجزرة يقف العالم ببلاهة وتواطؤ شاهداً على حصولها.
alirooz@hotmail.com