|  إعداد محمد الجاموس  |
شهد قطاع السياحة في المغرب خلال السنوات القليلة الماضية تطورا ملحوظا، وأضحى المغرب إحدى المحطات الرئيسية للاستقطاب السياحي العالمي. وإذا كان هذا القطاع قد اعتمد اعتمادا كليا على السياح الأوروبيين فقد اتجه الاهتمام بشكل لافت نحو سوق السياحة العربية.
ويعد استقطاب السياح العرب واحدا من الأهداف التي تتركز حولها الخطة السياحية في المغرب، وكان تم وضع استراتيجية عربية لتنشيط السياحة البينية العربية لزيادة أعداد السياح العرب، خصوصا من دول الخليج العربي التي تعد اكثر الدول العربية تصديرا للسياح، وهناك شريحة كبيرة من الكويتيين يجدون المغرب مكانا جاذبا للسياحة بما يتمتع به من طبيعة جميلة وشواطئ عديدة وشعب محب للضيوف، خصوصا العرب منهم.
وتنبع الأهمية المتزايدة للمغرب كوجهة سياحية مفضلة لدى الكثيرين من هواة السفر والترحال لاغتنائه بثروات طبيعية غاية في التنوع بحيث توفر للراغب في التمتع بها قاعدة عريضة من الخيارات، فإحاطته بالبحر المتوسط من الشمال والمحيط الأطلسي من الغرب خلقت فيه تنوعا طبيعيا فريدا.
ويجد المرء جبال أطلس الشاهقة والشريط الساحلي المعتدل المناخ والمناطق الصحراوية في الجنوب الشرقي جنبا إلى جنب في تناغم رائع، وقد وفر هذا الواقع لقطاع السياحة المغربي العديد من المزايا من أهمها التنوع السياحي كالسياحة الساحلية والجبلية والصحراوية والعائلية والعلاجية والثقافية وغيرها.
والمغرب مثل كثير من البلدان العربية ذات الاستقطاب السياحي الكبير تتميز بالتنوع في بيئتها السياحية من مناخ رائع يمنح السائح خيارات عديدة للراحة والاستجمام والسياحة في غير مكان ومنطقة، لذلك تحتل المغرب مكانة متقدمة على خريطة السياحة العالمية، ويزورها نحو 9 ملايين سائح من مختلف دول العالم سنويا.
ومن الميزات التي ينفرد بها المغرب عن بعض الدول السياحية أنه يقع على واجهتين بحريتين هما حوض البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، تتيح لها التمتع بشواطئ جميلة مترامية تمتد على طول 3500 كم توفر للزائر إمكانية ممارسة هواياته في السباحة والتنزه وممارسة الرياضة البحرية وصيد الأسماك.
بعد أن تتمتع بالطبيعة الخضراء والبحر استعد للذهاب الى جبال أطلس المغربية التي تشمخ عاليا ترتفع بعض قممها أكثر من 3000 متر تهيئ للسائح فرصة للتمتع برؤية غابات الصنوبر والبلوط والأرز والمحطات الجبلية العليا المكسوة بالثلوج. إضافة إلى هذا التنوع الفريد تتوافر الحمامات المعدنية العلاجية المشهورة في المغرب منذ زمن بعيد ويتربع على قمة هذه الثروة السياحية توافر الآثار في المدن العتيقة.
وهذا دليل إضافي على أصالة الحضارة المغربية، فمن خلال مناراتها وأسوارها ومساجدها وقصورها ستقف على أروع صفحات التاريخ المغربي الإسلامي كمدينة فاس التي تحتضن أول جامعة في العالم وهي جامعة القرويين، وكذلك مدينة الرباط العاصمة الإدارية للمغرب والمشهورة بمعالمها التاريخية المتنوعة منذ عهود غابرة تعكس أمجاد الحضارات الرومانية والفينيقية والإسلامية.
والمغرب عالم واسع يمتزج فيه الواقع بالأساطير، وتعيش على مشارف مدائنه وبين جدرانها العصرية عادات وتقاليد لها نكهات مميزة أكثر تميزا من رائحة الشاي الأخضر المغربي المعطر بالنعناع الذي يعبق في أرجاء البلاد.
وتتميز مناطق الساحل المغربي بمناخ البحر الأبيض المتوسط الدافئ ويعتدل على الساحل الشرقي، أما المناطق الداخلية فيسود فيها مناخ قاري أكثر حرارة وجفافا، وفي جنوب البلاد يسود جو حار وجاف طوال معظم أيام السنة، وأشد ما يكون الليل برودة في ديسمبر، ويناير، وتسقط الأمطار من نوفمبرالى شهر مارس في المناطق الساحلية. ويكون المناخ جافا في معظمه مع ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، أما الجبال فيسودها مناخ أكثر برودة.
ويملك المغرب خصائص جغرافية متنوعة، وفيه سلسلة جبال تنتهي بسهول محاذية للصحراء، والمغرب هو أكثر البلدان مطرا في شمال أفريقيا، وتكون جبال الأطلس مقرا حقيقيا للمياه، تتخلل سطح الجنوب أنهار عديدة أهمها: أم الربيع وبورقراق وسبو وتانسفت ودرعة، ومعظمها يصب في المحيط الأطلسي.
نبذة تاريخية
تقع المملكة المغربية في أقصى العالم القديم وتنفصل عن أوروبا بالبحر المتوسط، وعن أفريقيا بسلاسل جبال أطلس والصحراء.
والمعروف أن تاريخ المغرب موغل في القدم حيث تشير النقوش الحجرية في الصحراء إلى ما قبل التاريخ وإلى حقب تاريخية مختلفة ما يدل على انفتاح المغرب منذ القدم على الخارج، وعلى أنه ملتقى للحضارات عبر العصور.
الفتح الإسلامي
وبدأ الفتح الإسلامي لبلاد المغرب عام 643م (22هـ)، وبعد أكثر من عقدين عين عقبة بن نافع واليا عليها فأسس مدينة القيروان وتوغل في المغرب حتى بلغ المحيط الأطلسي، وواصل المغاربة بعدئذ الدور ففتحوا الأندلس تحت قيادة طارق بن زياد، وأسسوا إمارات مستقلة حتى استتب الأمر عام 788م بتأسيس دولة الأدارسة ثم المرابطين فالموحدين فالمرينيين فالوطاسيين فالسعديين فالسلالة العلوية الحالية.
وفي العام 1906 فرضت الحماية الأجنبية على المغرب بموجب معاهدة الجزيرة الخضراء وشهد المغرب ثورة عبدالكريم الخطابي ضد المستعمرين الفرنسيين عام 1921 وفي اليوم الثاني من مارس 1956 أعلن استقلال المغرب فيما عدا مدينتي سبتة ومليلة على ساحل المتوسط واللتين مازالتا خاضعتين للحكم الإسباني.
مناطق الجذب السياحي
الرباط
حين تقرر زيارة المغرب تقفز الى ذاكرتك فورا أشهر المدن المغربية مثل مدينة الرباط وهي العاصمة ومراكش وآغادير ومكناس وطنجة، وهي مدن حباها الله بجمال طبيعي آخاذ.
تمثل عاصمة أي بلد واجهة للبلد ذاته، فمنذ وصولك الى عاصمة البلد الذي تزوره تدرك حينها انك امام حقائق جديدة، وإذا كنت تزور هذا البلد لأول مرة تبدأ عملية المقارنة ما بين ما هو مخزن في ذاكرتك من توقعات عن شكل هذا البلد أو المدينة التي ستزورها والواقع الذي بات امام ناظريك، ويتمحور السؤال في مخيلتك عن الناس والطبيعة والاسواق واماكن الترفيه التي يمكن ان تقضي فيها وقتا ممتعا. فالرباط هي العاصمة وهي الواجهة الأمامية للمغرب، تفتخر بتاريخ مجيد يعود الى عصور قديمة، وتتحلى بجمال تمجعت مظاهره عبر قرون عديدة.
وتميز المدينة الحدائق الغناء والساحات الخضراء والمناظر الخلابة التي تحيط بها، يزيدها الشاطئ الطويل روعة وجمالا، وعلى الجانب الآخر تزينها الغابات والأشجار الباسقة، وتستقبل زوارها بأبهة وفخامة لا مثيل لها. وإذا كنت من عشاق التاريخ يمكنك العبور عبر باب الرياح الذي يعد أجمل الأبواب الخمسة التي تسمح بالدخول الى الرباط، وهو باب فخم ورائع التصميم، يزينه اكليل زهر وتشبيك زهري وارابيسك وردي ومحارات كبيرة، ويسعد الزائر الحظ إذا تصادف وجوده هناك وجود معرض يقام في القاعة.
المتحف الأثري
ولدى زيارتك للمتحف الاثري في مدينة الرباط ستفاجأ بأن المغرب يخبئ تاريخا عريقا من خلال هذا المتحف، يمتد منذ عصر ما قبل التاريخ مرورا بالحضارات ما قبل الرومانية الى فترة عصر الاسلام، وكل خطوة تخطوها داخل المتحف تنقلك الى تحفة جديدة، وتجد نفسك مثلا تنتقل من تمثال «البغلة الثملى» التي تعود الى عصر أغسطس، الى تمثال «الفتى المتوج باللبلاب» رائع الجمال.
بعد هذه الجولة في حنايا التاريخ داخل المتحف، تخرج الى مشهد آخر، لكنك في هذه اللحظة قد تكون شعرت بالجوع وترغب بتناول وجبة شهية، لا عليك... هناك مكان قريب من المتحف ستجد من يسر شهيتك، فمجرد ان تخرج من المتحف ستجد أن روائح اللحم المشوي على الطريقة المغربية خصوصا الكفتة المشوية، وهناك الحلويات العسلية والفواكه المجففة الشهية والمتنوعة.
مصنوعات مختلفة
بعد الانتهاء من تناول الطعام يمنك السير نحو زقاق القناصلة، حيث المحال التجارية تعرض أباريق القهوة طويلة اليد والفناجين المعدنية البيضاء والكؤوس المزخرفة والأثواب المطرزة والأساور الفضية، كما ستجد عروض متنوعة اخرى مثل الزرابي (السجاد) الرباطي المشهور بنعومته ونسيجه الدقيق ولونه الأحمر، وستلاحظ أن كثير من سكان الرباط يقتنون مشترياتهم من هذا السوق.
بعد جولة التنقل بين البوابات والأماكن التاريخية والمتاحف امامك فرصة اخرى للمتعة وسط الرمال الشقراء المتناثر على الشاطئ الممتد بين مدينتي الرباط والدار البيضاء، والفرصة متاحة لزيارة اماكن الاصطياف الممتعة مثل الهرورة وتمارة والرمال الذهبية والصخيرات، وستلاحظ الفنادق متناثر على شاطئ العاصمة حيث المطاعم والمقاهي تتفنن في تخديم زبائنها.
وتنتظرك مناظر جميلة في الشمال الغربي للمدينة حيث شاطئ الامم المتحدة والمهدية اللذان ستحقان الزيارة والتمتع بهذ الجمال الساحر.
والى الجوار من تلك المنطقة تتربع غابة المعمورة على مساحة واسعة من الأراضي، تتناثر عليها أشجار الفلين المرصع بشجر الإجاص الوحشي، وعطر مشاتل الصنوبر والأكاسيا والأوكاليبتوس، وهناك يمكنك سماع تغريد الطيور المهاجرة في حفلة موسيقية مجانية.
وإذا اتبعت اتجاه الطيور ستجد نفسك عند بحيرتي سيدي بوغابة وضاية الرومي، حيث لا حدود للتمتع بالمناظر المحيطة بهما، كما ستجد امامك فرصة لممارسة رياضة الخشبة الشرعية في مياه أي من البحيرتين.
مهرجانات ومواسم ثقافية
تنظم في المغرب العديد من المهرجانات والمواسم الثقافية بمختلف المدن المغربية وعلى مدار السنة، فإضافة إلى مهرجان أصيلة يوجد مهرجان الرباط الذي يستمر 40 يوما وذلك خلال شهر يونيو ومهرجان الموسيقى الروحية الذي يقام في مدينة فاس، وينظم في مايو وموسم الخطوبة الذي يقام في مدينة أملشين وينظم في سبتمبر وموسم حب الملوك الذي ياقم في مدينة صفرو حيث تختار ملكة جمال حب الملوك، ومهرجان عبيدة الرما الذي يقام في مدينة خريبكة، ومهرجان الفنون الشعبية، والمهرجان الدولي للسينما الذي تستضيفه مدينة مراكش سنويا، ومهرجان أغادير للموسيقى العربية وغيرها. يعمل في صناعة السياحة المغربية نحو 620 ألف شخص، وكانت هذه الصناعة شهدت تطورا ملموسا بدايات العقد الماضي حيث زادت إيرادات السياحة بنسبة 28 في المئة، وخطط المغرب لاستقبال عشرة ملايين سائح سنويا اعتبارا من العام 2010 على أن يزداد الرقم سنويا.
وقد يكون المغرب أقل ضررا من الوضع السيئ للسياحة في العالم نظرا للاعتدال الذي يميزه.