كتبت في ختام مقالة لي قبل اسبوعين المثل القائل «إذا شفت الحلاق عند جارك بلل لحيتك»، وهو مثل يضرب لكل إنسان تشابهت ظروفه مع ظروف جاره أن يتوقع المصير نفسه، وكنت قد كتبت العنوان «بن علي...!». واليوم أرى أن الأحداث المتسارعة في عالمنا العربي تجعلنا نضع العديد من علامات الاستفهام حول من سيأتيه الدور في التغيير.
لقد بدأت الشعوب العربية تتغير ولكن إلى الأفضل، فلم تعد تأبه للخوف، ولا تلقي بالاً للموت ما دام أن الثمن هو الحصول على الحرية، هذه الشعوب التي ترى في محمد عليه الصلاة والسلام قدوتها وأسوتها، وهو الذي علمها الشجاعة وعدم الخضوع للذل والهوان.
فهو القائل «سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام ظالم فأمره ونهاه وقتله»، وهو الذي أجاب السائل عن أفضل الجهاد بقوله «كلمة حق عند سلطان جائر»، وهو الذي حذر من السكوت على الظلم بقوله «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده».
لقد سئمت الشعوب العربية من حكم الحزب الواحد الذي لا يترك ولو فسحة بسيطة للرأي الآخر، وامتلأت قلوبها بالضيق والضجر من رؤيتها للتمييز والتفرقة بين أبناء البلد الواحد، ففي الوقت الذي يأكل فيه البعض بملاعق الذهب نجد آخرين يبحثون عن لقمة العيش لأبنائهم في أكوام الزبالة.
وفي اللحظة التي يتقلد فيه أبناء الحزب الحاكم أعلى المراتب وأفضل المناصب يظل أصحاب الشهادات العليا دون وظيفة. وفي الوقت الذي يسكن فيه علية القوم القصور الفارهة ويملكون العقارات السكنية والتجارية، لا يجد آخرون مأوى لهم سوى المقابر، ثم بعد هذا كله هل يملك أحد أن يتساءل لم كل هذه الثورات والمظاهرات والاعتصامات.
لقد دب الرعب ببعض الحكومات العربية وبدأت بتدارك الأمر قبل أن يأتيها سيل الجموع الباحث عن الحرية والكرامة، ولذلك بدأنا نسمع عن رفع للرواتب و تخفيض في أسعار السلع الاستهلاكية، وتغيير في بعض الوزارات، وإعلان عن عدم وجود نية للحكم مدى الحياة، وغيرها من المحاولات لتهدئة الشعوب الغاضبة. والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستنفع هذه الاجراءات أم انه قد فات الأوان، وأصبح التغيير مقبلاً لا محالة؟ أعتقد أن الإجابة ستحملها لنا الأيام المقبلة.
أعجبني كثيراً وقوف العلماء والدعاة مع المعتصمين في ميدان الحرية في القاهرة، فهم لم يكتفوا بإطلاق شعارات الحرية والتغيير عن بعد وإنما كانوا في الميدان وعاشوا بين الناس وكان لهم دورهم الكبير في تعديل مسار تلك المظاهرات، بحيث لا تخرج عن الهدف السامي الذي خرجوا من أجله، فبينوا حرمة الاعتداء على الدماء أو الأموال، وحذروا من التخريب أو التدمير، فهكذا ينبغي أن يكون العلماء وإلا فلا.


عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com