| علي الرز |
إلى متى ستستمر تلك الابتسامة المنتشية في وجوه قيادات «حزب الله» الحاكم وحلفائه في الجبهة الوطنية التقدمية اللبنانية؟ سؤال مشروع بعدما اعتقدت هذه القيادات انها نجحت في اقصاء سعد الحريري تحديدا عن موقع الرئاسة الثالثة وبالتالي عن القرار التنفيذي في الدولة.
الابتسامة ايضا مشروعة حتى الآن فما جرى ليس بالقليل، وما استطاع الحزب الحاكم تحقيقه بالقمصان السود قلب الموازين ونقل الاصوات الى ضفة اخرى.
والابتسامة انتقلت من «المشروعة» الى الشرعية عندما حصل ما حصل في يوم الغضب الذي ترافق مع استشارات التكليف كونه تماهى مع شارع مماثل بمفرداته المذهبية واعماله العنفية وخطابه المحموم... حتى ان قيادات 8 آذار تغنت بما حصل من باب «صرتو متلنا وما حدا احسن من حدا».
رغم ذلك كله فإن الابتسامة لن تستمر طويلا وهي بدأت تبهت وتذوي تدريجيا وقد يحل محلها قريبا صرير اسنان وعض على اصابع الندم، فحافة الهاوية التي اعتمدوها سيسقطون فيها والقوة التي لوحوا بها استهلكت زخمها بتغيير المشهد السياسي، وفائضها لن يفيد في مواجهة حركة مقاومة حقيقية سلمية حضارية ضد تغيير طبيعة النظام اللبناني.
في بعض ما جرى من قبل الحزب الحاكم تحرير لسعد الحريري من الضغوط والقيود والالتزامات التي فرضها موقعه وحتمتها المصلحة الوطنية والرهان الوهمي على رغبة الطرف الآخر في ارساء حل شامل للازمة اللبنانية. كانت تكفيه خطوات تلاق في منتصف الطريق لكن كبيرهم وكبير كبيرهم وكبير كبير كبيرهم ارادوه ان يعتبر ولاية الدم وكالة حصرية له لا وطنية عامة.
كانوا يريدونه ان يسامح وينسى ويتنازل ويشكك ويبعد رفاق دربه ويوقع على ان الضحايا هم القتلة. في مقابل «التوافق» بمفهوم الحزب الحاكم والجبهة التقدمية. بمعنى آخر، اذا استبيحت شوارع بيروت وبيوتها ومساجدها باشتباكات بين ميليشيات حزب الله وامل والاحباش فيمكن ان يعتبر ما جرى «خلافا صحيا» لكنه يجب الا يتفقد منطقة الاشتباكات ويواسي الناس والا صار مذهبيا فئويا.
واذا اشتعل السلاح الفلسطيني خارج المخيمات يمكنه ان يطالب بضبطه وحصره لكن يمكن ايضا لزعماء هذه الفصائل المقيمة في سورية ان يصلوا فورا الى مسقط رأسه صيدا وينددوا بكلامه ويؤكدوا له ان السلاح سيبقى.
كان يمكنه ان يطالب بعلاقات مستقلة وسيادية من دولة لدولة مع سورية، ولكن يمكن ايضا ان تنفتح كل مسارات «الاستدعاءات» التشاورية لمسؤولين لبنانيين يعودون الى بلدهم ويحيطون رؤساءهم بمضمون الاجتماعات.
وكان يمكنه ان يطالب بتسيير عمل الوزارات على اسس من الشفافية وان يتحمل كل شتائم الآخرين لوزراء محسوبين عليه ولادائهم، انما لا يمكنه ان يسأل لماذا رست المناقصة هنا على اقرباء وزير او ماذا فعل وزير هناك لحل المشكلات، فالتوافق بمفهوم الحزب الحاكم يعني ان يتحمل الحريري وزر اخطاء جماعته وجماعتهم.
يمكنه ان يطالب بترسيم الحدود مرة وفتح ملف الموقوفين كي يبقى منسجما مع خطابه واهداف جمهور 14 اذار، ثم يمكنه ايضا ان يلتزم الصمت تقديرا للمرحلة التي يخوض فيها محور الخير اللبناني - السوري - الايراني - الحمساوي معركته الكبرى مع محور الشر.
ويمكنه ان يطالب باعادة النظام اللبناني الى اصوله الديموقراطية من خلال ضمانات بعدم تعطيل مصالح الناس وضمان الحريات العامة. ويمكنه ان يطالب ببيروت منزوعة السلاح... ويمكنهم ان يردوا بالمطالبة برئاسة حكومة منزوعة الصلاحيات.
ليس خافياً على احد ان سعد الحريري كان تحت ضغوط محلية وعربية ودولية لم يستطع حلفاء له تحمل جزء يسير منها، وانه كان يحاول من خلال اغلاق ملف أن يفتح نافذة لمستقبل لبناني مختلف... اما وقد تفتقت عبقرية البعض على ان الوقت حان لاقصائه لاستكمال التغيير فليكن... ما اقصوه ولكن شبه لهم... حرروه من ضغوط والتزامات، وها هي التسويات حول المحكمة والسلاح في العهدة العامة لا الحصرية، فليواجه السلاح اهله... اذا بقيت له مبررات في العاصمة والمدن.


alirooz@hotmail.com