إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
هذه أبيات من مطلع قصيدة للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي قالها في العشرينات من القرن الماضي، وها هو الشعب التونسي الأبي اليوم يكسر القيد ويحطم الأغلال لينجلي من بعده ليل الظلم والطغيان.
لقد حاز الشعب التونسي وسام العزة والكرامة، ونال السبق بين الشعوب العربية في إزالة نظام مارس أبشع صور القهر والاستبداد، نظام حارب الحجاب والأذان، نظام كرس الدكتاتورية في الحكم، والاستبداد في الرأي، احتكر الثروات في يد حزبه وحاشيته، بينما يعاني شعبه أصعب الظروف المعيشية، تسلط على رقاب العباد 23 عاماً، امتلأت خلالها السجون بالأبرياء، وفر الآلاف بدينهم وأرواحهم، شردت أسر وتقطعت أرحام، حرم الناس من أبسط حقوق المواطنة، ومورست ضدهم أقسى صور الكبت ومصادرة الرأي، والتنكيل بالمخالفين.
ثم جاءت لحظة الانفجار بعد الصبر الطويل، والتي ابتدأت بحرق الشاب محمد البوعزيزي نفسه، احتجاجاً على كرامته التي أهينت، وحقه الذي لم يجد في المؤسسات الحكومية من يسترده، وما أن أعلن خبر وفاته، حتى انتشرت المظاهرات والمسيرات في مدينته، لتنتشر إلى القرى المجاورة حتى تمتد إلى العاصمة، ويعجز الطاغية (شين العابدين) من احتواء الناس أو تسكين غضبهم، ليدرك بعدها أن دولة القمع قد حان زوالها، ليفر بنفسه وأسرته ويترك الكثير من حاشيته وأتباعه ليواجهوا مصيرهم بين يدي الشعب الثائر.
إن في زوال دولة الظلم السابقة في تونس دروساً وعبراً عدة، ومنها أن الله تعالى يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، وأن الله تعالى يمهل ولا يهمل.
ونتعلم أن دين الله باق مهما حاول خصومه محاربته، فالنظام التونسي السابق حارب الحجاب، ومنع الفتيات من ارتدائه حتى في الأماكن العامة، و حارب الصلاة في المساجد ولأول مرة تخصص بطاقة ممغنطة للمصلي بحيث لا يستطيع الصلاة إلا في المسجد المحدد له من قبل السلطات وإلا عرض نفسه للملاحقات العسكرية وبطش المخابرات، وفي النهاية زال النظام الباغي وبقي الدين منتصراً حتى سمع الأذان في التلفزيون الرسمي والذي توقف منذ عهد أبو قريبة واستمر في زمن (شين العابدين) ليتحقق قول الله تعالى «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون».
ونستفيد أن الشعوب الحية الحرة قد تضعف لكنها لا تموت، وأن الناس تصبر على كل شيء إلا إهانة كرامتها، وقد استمعت إلى العديد من التونسيين وهي يقولون نحن على استعداد بأن نعيش ولو على الخبز ولكن لا نقبل أن تهان كرامتنا، والشاب الذي حرق نفسه لم يلجأ إلى هذا الأسلوب إلا بعد أن أهينت كرامته.
ونجد فيما حدث درساً لكل من وضع يده بيد الغرب وتنكر لشعبه وأمته، بأن الغرب يقف معك ما دمت تحقق مصلحته فإذا انتهت المصلحة أو أصبحت عاجزاً عن تحقيقها بحث عن غيرك، وهذا ما حدث مع طاغية العراق، ورئيس «منظمة التحرير»، وأخيرا وليس آخراً مع (شين العابدين) حيث ان فرنسا التي لطالما دافعت عنه وأغمضت عينيها عن بطشه نراها تتنكر له بعد هربه و ترفض إيواءه أو حتى استقباله.
وأخيراً أتمنى من كل نظام مستبد متجبر أن يعيد حساباته ويتعلم من دروس غيره، فإما أن يعطي الشعب حريته، وإلا فسيجتاحه الطوفان، وأذكرهم بالمثل القائل «إذا شفت الحلاق عند جارك بلل لحيتك».
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com
فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي
ولا بد للقيد أن ينكسر
هذه أبيات من مطلع قصيدة للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي قالها في العشرينات من القرن الماضي، وها هو الشعب التونسي الأبي اليوم يكسر القيد ويحطم الأغلال لينجلي من بعده ليل الظلم والطغيان.
لقد حاز الشعب التونسي وسام العزة والكرامة، ونال السبق بين الشعوب العربية في إزالة نظام مارس أبشع صور القهر والاستبداد، نظام حارب الحجاب والأذان، نظام كرس الدكتاتورية في الحكم، والاستبداد في الرأي، احتكر الثروات في يد حزبه وحاشيته، بينما يعاني شعبه أصعب الظروف المعيشية، تسلط على رقاب العباد 23 عاماً، امتلأت خلالها السجون بالأبرياء، وفر الآلاف بدينهم وأرواحهم، شردت أسر وتقطعت أرحام، حرم الناس من أبسط حقوق المواطنة، ومورست ضدهم أقسى صور الكبت ومصادرة الرأي، والتنكيل بالمخالفين.
ثم جاءت لحظة الانفجار بعد الصبر الطويل، والتي ابتدأت بحرق الشاب محمد البوعزيزي نفسه، احتجاجاً على كرامته التي أهينت، وحقه الذي لم يجد في المؤسسات الحكومية من يسترده، وما أن أعلن خبر وفاته، حتى انتشرت المظاهرات والمسيرات في مدينته، لتنتشر إلى القرى المجاورة حتى تمتد إلى العاصمة، ويعجز الطاغية (شين العابدين) من احتواء الناس أو تسكين غضبهم، ليدرك بعدها أن دولة القمع قد حان زوالها، ليفر بنفسه وأسرته ويترك الكثير من حاشيته وأتباعه ليواجهوا مصيرهم بين يدي الشعب الثائر.
إن في زوال دولة الظلم السابقة في تونس دروساً وعبراً عدة، ومنها أن الله تعالى يملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، وأن الله تعالى يمهل ولا يهمل.
ونتعلم أن دين الله باق مهما حاول خصومه محاربته، فالنظام التونسي السابق حارب الحجاب، ومنع الفتيات من ارتدائه حتى في الأماكن العامة، و حارب الصلاة في المساجد ولأول مرة تخصص بطاقة ممغنطة للمصلي بحيث لا يستطيع الصلاة إلا في المسجد المحدد له من قبل السلطات وإلا عرض نفسه للملاحقات العسكرية وبطش المخابرات، وفي النهاية زال النظام الباغي وبقي الدين منتصراً حتى سمع الأذان في التلفزيون الرسمي والذي توقف منذ عهد أبو قريبة واستمر في زمن (شين العابدين) ليتحقق قول الله تعالى «يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون».
ونستفيد أن الشعوب الحية الحرة قد تضعف لكنها لا تموت، وأن الناس تصبر على كل شيء إلا إهانة كرامتها، وقد استمعت إلى العديد من التونسيين وهي يقولون نحن على استعداد بأن نعيش ولو على الخبز ولكن لا نقبل أن تهان كرامتنا، والشاب الذي حرق نفسه لم يلجأ إلى هذا الأسلوب إلا بعد أن أهينت كرامته.
ونجد فيما حدث درساً لكل من وضع يده بيد الغرب وتنكر لشعبه وأمته، بأن الغرب يقف معك ما دمت تحقق مصلحته فإذا انتهت المصلحة أو أصبحت عاجزاً عن تحقيقها بحث عن غيرك، وهذا ما حدث مع طاغية العراق، ورئيس «منظمة التحرير»، وأخيرا وليس آخراً مع (شين العابدين) حيث ان فرنسا التي لطالما دافعت عنه وأغمضت عينيها عن بطشه نراها تتنكر له بعد هربه و ترفض إيواءه أو حتى استقباله.
وأخيراً أتمنى من كل نظام مستبد متجبر أن يعيد حساباته ويتعلم من دروس غيره، فإما أن يعطي الشعب حريته، وإلا فسيجتاحه الطوفان، وأذكرهم بالمثل القائل «إذا شفت الحلاق عند جارك بلل لحيتك».
عبدالعزيز صباح الفضلي
كاتب كويتي
Alfadli-a@hotmail.com