لندن - ا ف ب - يبدو ان الانتخابات التشريعية المرتقبة، غدا، ستحسم المصير السياسي لرئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الذي تدهورت شعبيته ويتراجع في استطلاعات الرأي، فضلا عما لحق به من اذلال بسبب زلة لسان.
ففي فبراير، حلل كتاب سياسي لكاتب المقالات اندرو رونسلي شخصيته المعقدة راسما صورة سلبية له على انه سريع الغضب لا بل ظالم مستبد مع المحيطين به.
حتى ان زلة اللسان التي ارتكبها اخيرا وضعت كل شيء على المحك، عندما وصف متقاعدة التقاها بانها «شديدة التعصب» غير مدرك ان مذياعه ما زال مفتوحا. فاضطر للاعتذار لكن ذلك لم يصلح الامر والهفوة جعلت الحملة محمومة.
ورأى معارضوه ان هذه الحادثة تكشف جانبا خفيا ولغة مزدوجة وطبعا ناريا لا يحتمل الاعتراض. وقال رونسلي «يمكننا بالتأكيد اعتبار انه الدليل على البعد الاقل جذبا في شخصيته».
وارسلت صحيفة «الغارديان» لائحة من الاسئلة الشخصية الى المرشحين الرئيسيين. واعتبر براون «التسوق عبر الانترنت» عادة سيئة مؤكدا انه يستمد سعادته من عائلته، زوجته ساره وابنيه. اما عن عيبه الرئيسي، فاقر بانه «غير صبور بعض الشيء».
ولد براون في العام 1951 وسط عائلة متواضعة في مدينة العمال الصغيرة كيركالدي (اسكوتلندا). واعطاه والده القس الكالفيني هذه «البوصلة الاخلاقية» التي ما زالت تقود خطاه، كما يقول.
وكان براون تلميذا مجتهدا شغوفا بالرياضة والتحق بجامعة ادنبره في سن السادسة عشرة. هناك فقد البصر في احدى عينيه في مباراة ركبي.
وبعد ان نال شهادة دكتوراه في التاريخ ومارس لفترة وجيزة مهنة الصحافة والتعليم، انتخب نائبا في العام 1983. وفي وستمينستر ربطته صداقة مع نائب شاب لامع ما لبث ان غير مجرى حياته، وكان اسمه توني بلير.
لكن تحول من اعتبرا «اخوة في الدم» الى خصمين بعد وفاة الزعيم العمالي جون سميث عام 1994. وترك براون لبلير رئاسة الحزب مقابل وعد برد المثيل، حسب الصحافة.
وفي العام 1997 اوصلت موجة عارمة من تأييد العماليين بلير الى «10 داونينغ ستريت»، مقر رئاسة الوزراء فعين براون وزير ماليته القوي.
ومنح «المستشار الحديدي» بنك انكلترا حريته، ورفض الانضمام الى منطقة اليورو. وينسب اليه فضل تضاعف النمو، ما اثار الحسد في اوروبا.
وبعد ان اضعفت الحرب على العراق بلير، دفع الى الاستقالة عام 1997. وفي اواخر يونيو تسلم براون رئاسة حزب العمال ثم دخل «داونينغ ستريت» من دون المرور في انتخابات.
واثر شهر عسل لم يدم طويلا مع البريطانيين، تردد براون وانتهى في خريف 2007 الى الاحجام عن الدعوة الى انتخابات مبكرة كان من الممكن ان تثبت شرعيته.
وفي خريف 2008، افسحت له الازمة الاقتصادية العالمية المجال لتحسين وضعه مجددا فاطلق سلسلة من خطط الانقاذ المصرفية الطموحة. غير ان المملكة المتحدة غرقت رغم كل ذلك في احدى اسوأ الازمات الاقتصادية في تاريخها، حيث اتهمت النقابات والمعارضة براون بالسماح للعجز بالارتفاع الحاد. وتدهورت شعبيته.
ولاحقا ادى الخروج من الانكماش في مطلع 2010 الى تحسين صورته قليلا. واضمحل بريق تقدم المحافظين في استطلاعات الرأي.
ولقي براون الذي لا يشعر بالارتياح امام عدسات الكاميرات، صعوبة في فرض نفسه امام منافسه الاربعيني ديفيد كاميرون وامام نك كليغ الذي يضاهيه حيوية والذي برز في هذه الحملة اثناء المناظرات التلفزيونية الثلاث غير المسبوقة التي اعتبر في نهاية المطاف مهزوما فيها.
لكن أكانت هزيمة ام لا، فان براون الذي صمد امام انقلابات عدة حذر فعلا من انه عازم على البقاء على رأس حزب العمال. الا ان الطامحين الشبان في حزبه قد يقررون امرا مغايرا لاسيما ان جعل كليغ من رحيل براون شرطا للتحالف مع العمال.