بعد نحو شهرين من تسلمه منصبه، شن دونالد ترامب ضربات عسكرية واسعة النطاق على جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن، رداً على استهدافها حركة الشحن في البحر الأحمر، ما أسفر عن مقتل 31 شخصاً على الأقل وعشرات الجرحى، بينهم العديد من القادة المتمردين، في بداية حملة من المتوقع أن تستمر لأيام وربما لأسابيع.

كما توعّد الرئيس الأميركي، المتمردين الحوثيين، بـ «جحيم» لم يعهدوه، داعياً طهران إلى الكفّ عن دعمها للمتمردين «فوراً»، ومحذراً من أنه إذا هددت إيران الولايات المتحدة «فإن أميركا ستحملكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لطفاء، ولن نقدم إليكم هدايا!»، بينما أكد قائد الحرس الثوري حسين سلامي أن الجمهورية الإسلامية ستردّ على أي اعتداء قد تتعرض له.

وتعد الهجمات، أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي ترامب منصبه في يناير الماضي، وتأتي في وقت تصعد الولايات المتحدة، ضغوط العقوبات على طهران، بينما تحاول جلبها إلى طاولة المفاوضات على برنامجها النووي.

وأشار ترامب في منشور على منصته «تروث سوشال» للتواصل الاجتماعي، إلى احتمال القيام بعمل عسكري أكثر تدميراً ضد اليمن، متوعداً «سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا»، مشيراً إلى أن الحوثيين «يمارسون القرصنة والعنف والإرهاب ضد السفن والطائرات».

وقال «إلى كل الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءاً من اليوم. إذا لم تفعلوا ذلك، فسينهمر عليكم الجحيم مثلما لم تروا من ذي قبل!».

وأضاف عبر منصة «تروث سوشيال»: «مرّ أكثر من عام منذ أن أبحرت سفينة تجارية تحمل علما أميركيا بسلام عبر قناة السويس، أو البحر الأحمر أو خليج عدن» بسبب هجمات الحوثيين.

وأكد الرئيس الأميركي «لن تتمكن أي قوة إرهابية من منع السفن الأميركية من الإبحار بحرية في الممرات المائية في كل أنحاء العالم».

وأوضح أن الجيش يستهدف قادة الحوثيين وقواعدهم ودفاعاتهم الصاروخية.

ونشر البيت الأبيض عبر منصّة «إكس» صوراً لترامب، برفقته وزيرا الدفاع والخارجية بيت هيغسيث وماركو روبيو، وهم يتابعون تنفيذ العملية العسكرية.

لا غزو برياً

من جانبها، أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) أن الضربات هي بداية لعملية واسعة النطاق في أنحاء اليمن.

ونشرت عبر حسابها في «إكس» مقاطع مصورة لعملية قصف أهداف للحوثي انطلاقاً من بوارجها الحربية، إضافة إلى مقاتلاتها الحربية التي أقلعت من حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، الموجودة في البحر الأحمر.

ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مصدر رسمي ان الولايات المتحدة لن تغزو اليمن برياً، ولن ترسل قوات على الأرض، بل ستعمل على شن سلسلة من الهجمات على أهداف إستراتيجية.

وتوقع المصدر اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد الحوثيين خلال الأسابيع القليلة المقبلة، «لكن الأمر يتوقف على تقييم الأضرار الناجمة» عن ضربات السبت.

ونقلت الشبكة عن مسؤول آخر أن التخطيط للضربات استغرق وقتاً طويلاً، نظراً للاحتياج لوقتٍ كافٍ لجمع المعلومات اللازمة عن الأهداف.

وذكرت «نيويورك تايمز» أن «الضربات الجوية والبحرية استهدفت رادارات ودفاعات جوية وأنظمة صواريخ وطائرات مسيّرة، في محاولة لفتح ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر».

وأضافت أن ترامب «لم يوافق بعد» على إستراتيجية شن حملة عسكرية مكثفة بغية تجريد الحوثيين من سيطرتهم على مناطق في شمال اليمن.

تهديد حوثي

وفي صنعاء، قال الناطق باسم وزارة الصحة التابعة للحوثيين أنيس الاصبحي، إن «الإحصائية الأولية لعدد ضحايا العدوان الأميركي الذي استهدف مناطق مدنية وسكنية في صنعاء ومحافظة صعدة والبيضاء ورداع وتعز» بلغت «31 شهيداً و101 جريح معظمهم من الأطفال والنساء»، وأكد مواصلة البحث «لانتشال الضحايا».

واستهدفت 10 موجات متتالية من الغارات الأميركية الـ 41، ست محافظات.

وبثت لقطات مما ذكرت أنها «جريمة العدوان الأميركي على منطقة قحزة شمالي» صعدة، أظهرت مسعفين ينقلون جرحى بينهم أطفال، بدت على بعضهم آثار حروق وغالبيتهم ملابسهم ممزقة، لمعالجتهم في مستشفى، بينما وضعت في جانب آخر من الغرفة ذاتها بضع جثث.

كما توعد الحوثيون بالرد «جريمة حرب»، حسب قولهم.

ونقلت «المسيرة» عن المكتب السياسي لحركة «أنصارالله»، أن «العدوان لن يمر من دون رد، وقواتنا المسلحة اليمنية على أتم الجاهزية لمواجهة التصعيد بالتصعيد».

وذكرت مصادر أن قيادات حوثية تركت صنعاء وتوجهت لصعدة وعمران، مشيرة إلى افراغ بعض مخازن الصواريخ.

وبعد وقف هجماتهم إثر دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في يناير، أعلن الحوثيون في 11 مارس الجاري «استئناف حظر عبور» السفن الإسرائيلية قبالة سواحل اليمن، رداً على منع الدولة العبرية إدخال المساعدات الانسانية الى غزة.

إيران تحذّر

وفي تعقيب على مواقف الرئيس الأميركي، قال قائد الحرس الثوري حسين سلامي، إن «إيران لن تشنّ حرباً، لكن إذا هددها أحد، ستردّ بشكل مناسب وحاسم وقاطع».

وشدد على أن «أنصار الله» حركة ممثلة للشعب اليمني... تتخذ قراراتها الإستراتيجية بنفسها.

وفي وقت سابق، دان الناطق باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي «بشدة» الضربات، معتبراً في بيان أنها «انتهاك سافر لميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للقانون الدولي».

وأتى ذلك بعد موقف لوزير الخارجية عباس عراقجي على منصة «إكس»، شدد فيه على أن«الحكومة الأميركية ليس لديها سلطة ولا حق في إملاء سياسة إيران الخارجية»، داعياً إلى «وقف قتل الشعب اليمني».

وكان ترامب بعث رسالة إلى المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، يضغط فيها للتفاوض في شأن الملف النووي، أو مواجهة عمل عسكري محتمل، بينما أكدت طهران أنها لن تتفاوض في ظلّ سياسة «الضغوط القصوى».

وفي بيروت، دان «حزب الله» الضربات، وأكد تضامنه الكامل مع الحوثيين.

وفي موسكو، أفادت الخارجية الروسية بأن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الذي تواصل هاتفياً مع سيرغي لافروف، السبت، أبلغه بأن واشنطن قررت شنّ ضربات ضد الحوثيين.

وأكد الوزير الأميركي أنه «لن يتم التسامح مع هجمات الحوثيين المستمرة على السفن العسكرية والتجارية في البحر الأحمر».

في المقابل، أبلغ لافروف، روبيو، بضرورة أن تمتنع واشنطن عن «استخدام القوة» في اليمن والشروع في «حوار سياسي».

مصدر سعودي مسؤول ينفي المزاعم بدعم العملية لوجستياً

نفى مصدر سعودي مسؤول في تصريحات لشبكة «العربية/الحدث»، صحة المزاعم المتداولة عن دعم المملكة اللوجستي للعملية العسكرية في اليمن، واصفاً في الوقت ذاته هذه المزاعم بـ «المضللة وعارية عن الصحة».

3 أهداف للضربات

قالت مصادر أميركية مطلعة لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إن هناك 3 أهداف لاستهداف الحوثيين:

فعلى المدى القصير، تستهدف الضربات منصات إطلاق صواريخ تنقل نحو ساحل البحر الأحمر استعداداً لهجمات جديدة على السفن.

كما تستهدف الضربات قادة جماعة الحوثي بشكل شخصي. وفي السياق، ذكرت مصادر مطلعة أن من بين المواقع المستهدفة منازل قادة حوثيين يقيمون في صنعاء وصعدة.

أما الهدف الثالث، فهو توجيه رسالة إلى إيران مفادها بأنها قد تكون التالية.

ووفق موقع «أكسيوس»، أمر الرئيس دونالد ترامب وزارة الدفاع، بالبدء في إعداد خطط عسكرية ضد الحوثيين، في أعقاب قراره بإعادة تصنيفهم «منظمة إرهابية» بعد أسابيع من توليه منصبه.

وبعد أن أسقط الحوثيون مسيّرة أميركية قبل أسبوعين، تسارعت وتيرة الاستعدادات للضربات.

وفي الأيام الأخيرة، أصبح السؤال الرئيسي بين صناع القرار الأميركي، هو التوقيت العملي الأمثل للضربات.

وأكد المسؤول، أن ترامب وافق على خطة الهجوم يوم الجمعة، وأصدر الأمر النهائي بتنفيذها يوم السبت.

وأبلغت إدارة ترامب عدداً قليلاً من حلفائها الرئيسيين مسبقاً، وأبرزهم إسرائيل التي سبق لها تنفيذ ضربات عنيفة على اليمن، تزامناً مع حربهاً على قطاع غزة.

«بوليتيكو»: ترامب فوّض قادته بالضرب... بلا إذن

سمح الرئيس دونالد ترامب لقادته العسكريين في الشرق الأوسط بتنفيذ الضربات «بلا رادع»، ومن دون إذن من البيت الأبيض، وفقاً لما أوردته صحيفة «بوليتيكو». وأوضحت أنه أصبح بإمكان القادة في الشرق الأوسط وأفريقيا تنفيذ الضربات حيثما يرون ذلك مناسباً.

ونقلت عن مسؤول أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته، أن الزيادة في الضربات التي شهدها الصومال أخيراً والتي استهدفت مقاتلي حركة «الشباب»، إضافة إلى الضربات في سوريا ضد قادة تنظيم «داعش»، هي نتيجة لهذه السياسة الجديدة.

وأضاف أنه «سيكون هناك المزيد من الضربات في المنطقة مع ظهور فرص جديدة للجيش لاستهداف قادة المتشددين».