تُعد اللغة العربية الفصحى أهم اللغات التي يتواصل بها الناس، وهي اليوم اللغة الرسمية في كل الأقطار العربية، لكننا لم نعطها المكانة السامية التي تستحقها ولم نخلص لها؛ حتى صرنا اليوم نشعر بألم بالغ لما تتعرض له لغتنا من إهمال وضعف شديدين، فالواجب على الجهات التعليمية أن تسير نحو تأصيل لغتنا وتطويرها، خصوصاً في مدارسنا، فهي لغة التعليم لأطفالنا وشبابنا في جميع الأماكن التعليمية بمختلف مستوياتها.

من أهم أسباب‏ ضعف اللغة العربية؛ الابتعاد عن القراءة السليمة للقرآن الكريم؛ فإنه مصدر تَعلُم الفصاحة والبلاغة العربية الذي نحتاج إلى التركيز عليه من قبل المعلمين المتقنين، واستخدام أنسب الوسائل التعليمية.

المدارس اليوم تعاني من قلة المعلمين المؤهلين، وللأسف الشديد صار المعلم بحاجة لمن يعلّمه اللغة العربية الفصحى، ويحتاج دورات تأسيسية لتقوية المستوى المطلوب، فالحاصل أن المعلم سواء أخذ شهادة التخرج بمستوى ضعيف أو قوي يتجه إلى التدريس بصورة سهلة.

ومن أسباب الضعف أن المدارس تعتمد على مناهج غير متطورة، يصعب على الدارس فهمها، فإن كتب النحو والبلاغة تحتاج إلى التوضيح بصورة جذابة مع استخدام الأساليب الحديثة.

كما أن الأمانة العلمية أصل من أصول التدريس وترجع إلى ضمير المعلم، حيث إن بعض المدرسين وإن كان متمكناً من اللغة العربية لا يهتم بتصحيح أخطاء الطلاب، فضلاً عن أن كثيراً من المعلمين لا يستخدم اللغة العربية الفصحى مع طلبته، ويلجأ إلى اللهجات العامية في التخاطب، ولا يُلزم الطلبة بالتحدث باللغة الفصحى أثناء الدرس.

ولا نلقي اللوم على المعلم فقط، فننتبه إلى تقصير الطلبة في متابعة دروسهم، ويتعلق ذلك بانشغال الأهل وعدم تحمل الأسرة مسؤوليتها في متابعة أبنائها وتوجيههم إلى ما يرفع مستواهم العلمي، كقراءة الكتب العربية المفيدة ومتابعة البرامج التعليمية السمعية والبصرية التي تقوي المستوى اللغوي.

ومن أشد ما يضعف النطق باللغة العربية السليمة في المجتمع كله أن المتخصّص يهمل ذلك في الندوات العامة والمجالس العلمية، ووسائل الإعلام أيضاً؛ فقد زاد بث حوارات وبرامج مختلفة باللهجة العامية التي أثرت على ألسن أهل اللغة العربية.

فإن اللغة العربية هي اللغة الأم التي يجب أن نصونها، ونعود إلى منبع اللغة العربية وهو: (القرآن الكريم) الذي أنزله تعالى: (بلسانٍ عربيٍ مبين)، فإنه أقوى وسيلة لتعديل اللسان، وفي ذلك قال الإمام الرازي، في آخر حياته، بعد أن أدرك وجرّب كل الطرق وجميع السُبل: لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، ورأيت أقرب الطرق: طريقة القرآن!

aaalsenan @