من إشكالية كيفية التعامل مصرفياً مع المُخوّل بالتوقيع على الحسابات البنكية، إلى المساهمين في الشركات، انتقل النقاش القانوني والإجرائي من البنوك إلى وزارة التجارة والصناعة، دون أن يختلف السؤال كثيراً، والتي جاءت صيغته كالتالي، ماذا نصنع في سجلاتنا مع المساهم الذي سحبت جنسيته ويرغب في الخروج من ملكيته لصالح آخرين؟

وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» من مصادر مطلعة، أن «التجارة» تشهد نقاشاً واسعاً فتح بعد تنامي وتيرة تلقي مسؤوليها الفترة الأخيرة طلبات من مساهمين كانوا مسجلين في دفاتر سجلات الوزارة على أنهم ملاك كويتيون، والآن يرغبون في تنفيذ إجراء تعديل في سجلات الشركات التي يملكون فيها، يقضي بخروجهم من مساهماتهم لصالح آخرين يتملّكون حصصهم، وذلك بعد أن سحبت جنسياتهم، مؤكدين أنه لن يقابل ذلك أي دفع مالي لصالح المسحوبة جنسيته، إلا أن مسؤولي «التجارة» اعتذروا من تنفيذ الإجراء، التزاماً بالقرار الحكومي الخاص بوقف تعاملات المسحوبة جنسياتهم في جميع جهات الدولة.

نطاق الطلبات

وبينت المصادر أن نطاق الطلبات المقدمة إلى الوزارة حول تعديل هيكل الملكية يشمل عشرات المساهمات اللواتي شملهن سحب الجنسية (مادة ثامنة)، وأن ملكياتهن المطلوبة تعديلها تركّزت في شركات مُتنوّعة الشخصية القانونية، حيث جاء في مقدمتها كيانات الشخص الواحد، وذات مسؤولية محددة، إلى جانب شركات مساهمة، موضحة أن النساء تسيطرعلى شريحة المتقدمين لتعديل أوضاعهم في سجلات «التجارة» والتخارج من ملكياتهم.

وأفادت بأن أصحاب طلبات التعديل اقترحوا دخول أسماء جديدة من العائلة نفسها لتحل محلهم في هيكل ملكية الشركة، موضحة أن الأسماء المطلوب دخولها في سجل الشركة عادة ما تقتصر على الابن بصورة رئيسية، إضافة إلى الأخ أو أحد الأقرباء بالدرجة الأولى، وعلى الأرجح يكون البديل كويتي الجنسية، مشيرة إلى أن خصوصية القرابة، وحمل الشخص المراد دخوله لهيكل المساهمين الجنسية الكويتية لم تُشكّل على ما يبدو أي فارق جوهري لدى مسؤولي «التجارة»، ويمكن من خلاله أن يغيروا موقفهم الرقابي، المحكوم بتوجيه حكومي.

حِدّة الإشكالية

ولفتت المصادر إلى أن ما يزيد حدة الإشكالية أن جزءاً من الملاك المسحوبة جنسياتهم يسهم في الشركة اسمياً، بمعنى أنهم ليسوا المستفيدين الفعليين، حيث الملكية المسجلة بأسمائهم تعود لآخرين وتحديداً لأبنائهم، والذي عادة ما يكونوا موظفين ولا يحق لهم قانونياً التملك في الشركات، ما يدفعهم إلى تأسيس أنشطتهم الخاصة ومزاولتها من خلال تسجيل ملكياتهم بأسماء أشخاص يثقون فيهم، وبالتالي تكون الأم الخيار الأمثل للتملك باسمها، لا سيما إذا كانت متقاعدة أو ربة منزل.

فضلاً على ذلك، يدفع المتقدمون بطلبات خروج المسحوبة جنسياتهم لصالح دخول آخرين في هيكل ملكية الشركة، بأن تعديل أوضاع إقامتهم قد يستغرق فترة طويلة.

مخاوف متصاعدة

وفيما لفتوا إلى أنه كلما طالت فترة تعديل أوضاع إقاماتهم واجهت شركاتهم مخاطر عالية، دافعوا عن طلباتهم، بأنه لن يترتب على تنفيذها ضخ أيّ أموال نقدية لصالحهم، بل لتعزيز سلامة الشركات التي يساهمون فيها، خصوصاً أن بعضهم يتمتع بصلاحيات مالية وقانونية واسعة، بينها تصديق العقود، وصرف الرواتب والاستحقاقات، كما أكدوا أن طلبهم التعديل مدفوعاً بهدف وقائي للشركة، ونشاطها، وليس للمسحوبة جنسياتهم، حيث من خلال تنفيذ التعديل المطلوب يمكن ضمان استمرار النشاط، وممارسة الأعمال دون تعرضها لمخاطر قانونية ومالية.

وأشارت المصادر إلى أنه نتيجة للمخاوف المتصاعدة من مخاطر بقاء المسحوبة جنسياتهم عالقين في الشركات، تشهد «التجارة» تنامياً في حركة مراجعات المسحوبة جنسياتهم، في المقابل أفاد مسؤولو الوزارة بأن «السيستم» لا يسمح بتنفيذ طلباتهم، بسبب القيود الحكومية الموضوعة على نافذتهم، والتي تفتح أمامهم «الشاشة الحمراء» المقيدة لمعاملاتهم.

ومع تزايد وتيرة طلبات التعديل، أفادت المصادر بأن مسؤولي «التجارة» يبحثون تأكيد موقفهم إجرائياً وقانونياً للاطمئنان من جهة، ومن ناحية أخرى دراسة أيّ تسهيلات مُمْكنة في هذا الشأن، دون إخلال بالتعليمات الحكومية.