أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن روسيا لم تُهزم في سورية، وقدمت اقتراحات للحكام الجدد بشأن إبقاء القاعدتين العسكريتين في البلاد.

كما كشف أن القوات الروسية أجلت نحو 4000 مقاتل إيراني من سورية عبر قاعدة حميميم، معتبراً أن إسرائيل هي المستفيد الأساسي من التطورات في سورية.

وقال بوتين خلال مؤتمره السنوي الكبير في موسكو، إنه لم يلتق بعد الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، لكنه يعتزم مقابلته.

ورداً على سؤال عن مصير الصحافي الأميركي أوستن تايس المفقود في سورية، أعلن بوتين أنه سيسأل الأسد عن مصيره ومستعد أيضاً لسؤال حكام سورية الجدد عن مكانه.

وأضاف «سأقول لكم بصراحة، لم أر الرئيس الأسد بعد منذ مجيئه إلى موسكو. لكنني أعتزم القيام بذلك. سأتحدث معه بالتأكيد».

وتابع ان معظم من تواصلت معهم موسكو في سورية بشأن مستقبل قاعدتيها العسكريتين الرئيسيتين هناك يدعمون بقاءهما، لكن المحادثات جارية.

وذكر أن روسيا، التي تدخلت في سورية في 2015 وحولت دفة الحرب لصالح الأسد، أبلغت دولاً أخرى أيضا بأنها تستطيع استخدام قاعدتيها الجوية والبحرية لإيصال مساعدات إنسانية لسورية.

وقال «تريدون تصوير كل ما يحدث في سورية على أنه نوع من الفشل أو الهزيمة لروسيا. أؤكد لكم أنه ليس كذلك. وسأخبركم لماذا. أتينا إلى سورية قبل عشر سنوات لمنع تكون جيب إرهابي هناك».

وتابع «حققنا هدفنا في المجمل. وليس نابعاً من فراغ أن العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة تريد اليوم إقامة علاقات معهم (الحكام الجدد). إذا كانوا منظمات إرهابية، فلماذا تذهبون (الغرب) إلى هناك؟ هذا يعني أنهم تغيروا».

التوغل الإسرائيلي

وأعلن بوتين، أن «روسيا تندد بأي احتلال للأراضي السورية من جانب إسرائيل، وموقفنا ثابت بهذا الخصوص».

وأضاف «إسرائيل تقدمت 25 كيلومتراً ودخلت إلى التحصينات التي أقامها الاتحاد السوفياتي سابقاً في سورية».

وتابع زعيم الكرملين «نأمل أن تنسحب إسرائيل من المناطق التي احتلتها، لكننا نرى أنها ترسل مزيداً من القوات ولا يبدو أن لديها نية في الانسحاب بل في توسيع توغلها، وضم الأراضي، وهذا يعقد الموقف أكثر».

تركيا والأكراد

وأكد بوتين أنه على تواصل دائم مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ويبحث معه الوضع في الشرق الأوسط، وقال إن «موقف الرئيس التركي وموقفنا معروف ولا يعتمد على تغير الظروف السياسية».

ورأى أن «تركيا تقوم بكل ما في وسعها لضمان أمن حدودها الجنوبية وعودة اللاجئين إلى سورية، وربما إبعاد المجموعات الكردية عن الحدود. كل ذلك قد يكون ممكناً ويمكن تنفيذه».

وتابع «قال بعض المسؤولين الأوروبيين سابقاً إنهم وعدوا الأكراد بإقامة دولة مستقلة وخدعوهم. هذه قضية معقدة للغاية، الأكراد مقاتلون أشداء ويجب حل القضية الكردية في إطار التغيرات الجديدة، وأن تحل تركيا القضايا المتعلقة بأمنها، وكل تلك القضايا لا فرصة لمناقشتها الآن، ولكن يجب احترام سيادة كل الدول وسلامة أراضيها، مع الأخذ في الاعتبار السلطة الحالية في سورية».

وأكد بوتين أنه «لابد من تطبيق ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على حق الشعوب في تقرير المصير».

حل الدولتين

وشدد الرئيس الروسي على أنه «لا يمكن حل القضية الفلسطينية سوى عبر إزالة الأسباب الجذرية لها وحل الدولتين. تمت إقامة دولة إسرائيل ولم يتم إقامة دولة فلسطين بعد».

ودان «التصرفات الإسرائيلية في قطاع غزة على كل المستويات والمنصات بما فيها الأمم المتحدة».

أوكرانيا وترامب

وقال الرئيس الروسي إنه مستعد للتوصل إلى حل وسط بشأن أوكرانيا في محادثات محتملة مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حول إنهاء الحرب وليس له شروط لبدء محادثات مع كييف.

والاثنين، قال ترامب إنه يريد التحدّث مع بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لإنهاء «مجزرة» النزاع المسلّح.

وخلال الرد على أسئلة في لقاء الأسئلة والأجوبة السنوي مع الشعب الذي بثه التلفزيون الرسمي، أعلن بوتين لمراسل قناة إخبارية أميركية أنه مستعد للقاء ترامب وإنه لم يتحدث معه منذ سنوات.

وعندما سئل عما قد يكون قادراً على عرضه على ترامب، استهجن بوتين ما يقال عن أن روسيا في موقف ضعيف، وقال إن روسيا أصبحت أقوى بكثير منذ أمر بدخول قواتها إلى أوكرانيا في 2022.

وتابع «قلنا على الدوام أننا مستعدون للتفاوض والتوصل لحلول وسط»، بعد أن أكد أن القوات الروسية تتقدم على طول جبهة القتال وتتحرك صوب تحقيق أهدافها الأساسية.

وتابع «قريباً، الذين يريدون القتال من الأوكرانيين سينفدون في رأيي، قريباً لن يكون هناك باقون يريدون القتال. نحن مستعدون، لكن على الطرف الآخر أيضاً أن يكون مستعداً للأمرين... المفاوضات والحلول الوسط».

وذكرت «رويترز» الشهر الماضي، أن بوتين منفتح على فكرة مناقشة اتفاق لوقف إطلاق النار مع ترامب، لكنه استبعد تقديم أي تنازلات كبرى عن الأراضي وأصر على تخلي كييف عن مساعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وقال بوتين، أمس، إن روسيا ليس لديها شروط لبدء محادثات ومستعدة للتفاوض مع أي شخص بما في ذلك زيلينسكي.

لكنه أوضح أن أي اتفاق لا يمكن توقيعه إلا مع السلطات الشرعية، والتي يعتبر الكرملين في الوقت الحالي أنها ممثلة في البرلمان فقط.

وانتهت مدة ولاية زيلينسكي الرئاسية، لكنه أجل إجراء انتخابات بسبب الحرب.

ويقول بوتين إن شعبه يجب أن يعيد انتخابه قبل أن يعتبره طرفاً شرعياً للتوقيع على أي اتفاق لضمان سلامته القانونية الكاملة.

وأضاف أن أي محادثات يجب أن تأخذ اتفاقاً أولياً تم التوصل إليه بين مفاوضين روس وأوكرانيين في بدايات الحرب في محادثات في إسطنبول كنقطة انطلاق. ولم ينفذ هذا الاتفاق أبداً.

وعن التطورات على جبهة القتال، قال بوتين إن الوضع معقد في المعارك وبالتالي «التنبؤ بما هو قادم صعب وعديم الجدوى... (لكن) نقترب من إتمام مهامنا الأساسية التي حددناها في بداية العملية العسكرية الخاصة».

وفي ما يتعلق باستمرار وجود قوات أوكرانية في منطقة كورسك، أكد أن قوات كييف ستُجبر بالتأكيد على الخروج، لكنه رفض أن يقول متى قد يحدث ذلك على وجه التحديد.

ووصف صاروخ «أوريشنيك» الروسي، بأنه سلاح حديث، مؤكداً «ليست هناك فرصة لإسقاط أوريشنيك»، الذي يمكنه بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر.

كما أكد زعيم الكرملين أن «وضع الاقتصاد كله في روسيا مستقر، رغم التهديدات الخارجية ومحاولات التأثير علينا»، مشيراً إلى أنّ ارتفاع معدّل التضخم «مؤشر مقلق».