استعرض المتحدثون في «الضريبة على أرباح الأعمال.. وعاؤها والخاضعون لها وتأثيرها المباشر على نشاط الأشخاص» التي نظّمها قسم القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت، أمس، مسودة مشروع قانون ضريبة الدخل وأثرها على الأفراد.

وعلق عدد من الأكاديميين على المفاهيم التي تضمنتها المسودة، ومنها تعريف الممول والوعاء الضريبي، معتبرين أنه يتعين في قانون الضريبة العامة أن يبين بشكل دقيق، الأسس والتعريفات، من الممول والوعاء ومعدل الضريبة وكذلك أحكام تحصيل هذه الضريبة.

فقد قال أستاذ القانون العام في الكلية الدكتور إبراهيم الحمود، إن «هذا المشروع بمرسوم قانون يعتبر خطوة جديدة في عالم القانون في دولة الكويت، باعتبار أنه لأول مرة منذ قيام دولة الكويت تفرض ضريبة على دخل الأفراد»، مبينا أنه «في السابق كانت الضرائب على المؤسسات والهيئات، وفي الأكثر ضرائب غير مباشرة، ولأول مرة تفرض ضريبة على دخل الأفراد».

ورأى أن «هذا المشروع فيه إيجابيات من نوع ما، لكن برأيي أن المساوئ التي فيه تطغى على إيجابياته بشكل كبير بحيث تؤدي إلى عوار عدم الدستورية في مواضع كثيرة».

وبيّن الحمود أن «الضريبة وفقا لأحكام الدستور هي 4 عناصر يجب أن تبين في القانون، ويتعين في قانون الضريبة العامة أن يبين الممول بشكل دقيق، وأن يبين الوعاء بشكل دقيق، ومعدل الضريبة بشكل دقيق، وكذلك أن يبين أحكام تحصيل هذه الضريبة، ومع الأسف، هذا المشروع بقانون في تعريفة للممول، قسّم الممولين لأشخاص ذوي صفة اعتبارية، وأشخاص طبيعيين وهم نحن الإنسان».

وتابع «الممول الطبيعي، وهو الإنسان، وأصبح يخضع لهذه الضريبة أي نسان موجود في دولة الكويت وليس شرطاً أن يكون كويتياً أو عنده الأهلية، إذ إن أي إنسان منذ ولادته حتى وفاته يخضع لأحكام هذا القانون بشكل واضح»، مردفاً «يفترض حتى يعتبر الشخص خاضعاً لهذه الضريبة كممول طبيعي وهو الإنسان، أن يكون لديه سكن دائم في الكويت أو مقيم في الكويت لمدة 183 يوماً، سواء متصلة أم متقطعة. والإقامة قد تكون مشروعة أو غير مشروعة، حتى القادم بإقامة غير مشروعة كالتهريب هذا أيضاً يعتبر ممولاً، كذلك الطفل يعتبر ممولاً، وعديم الأهلية يعتبر ممولاً، أي إنسان يعتبر ممولاً في القانون».

الوعاء

وتطرّق الحمود إلى «الوعاء الذي تفرض عليه الضريبة وهو المحل الذي تأتي منه الضريبة»، قائلا إنه «بحسب المشروع هو أي ايراد يحصل عليه الممول من نشاط تجاري أو استثماري، ومن ثم تخرج الرواتب والأجور من الخضوع لأحكام القانون، لكن بعد ذلك، تدخل جميع الأنشطة، والمقصود بالنشاط التجاري والاستثماري ليس من لهم القانون التجاري بل هو أي عمل يؤدي إلى الربح».

من جهتها، قالت الدكتورة فاطمة دشتي، إن «هذا المشروع خالف بصورة أو بأخرى ما يتعلق بأن الضرائب تصدر بقانون، حسب المادة 134 من الدستور والمادة 72 التي تتحدث عن اللوائح التنفيذية، كما لم يحدد القانون تحديداً دقيقاً للمكلف والممول والوعاء».

وأشارت دشتي إلى أن مسودة القانون لجأت إلى الضريبة النسبية وترك الضريبة التصاعدية رغم أنها أكثر عدالة، كما أن عدم التعامل مع المكلفين بشكل عادل ما يقوي فرص التهرب الضريبي. وبيّنت دشتي ملاحظات عدة في شأن مسودة القانون.

بدورها، قدمت أستاذة القانون العام الدكتورة سارة السلطان، مقارنة بين القانون القديم ومسودة القانون المقترح، مشيرة إلى أنه «في النظام الضريبي الحالي للشركات، هناك قوانين عدة تفرض على الشركات العاملة في الكويت لكن هذه القوانين يعتمد تطبيقها على جنسية الشركة ومكان ممارستها للعمل والشكل القانوني».

وأضافت السلطان «أقدم هذه القوانين، هو مرسوم ضريبة الدخل رقم 3 لسنة 1955، وقانون اﻟزﻛﺎة وﻣﺳﺎﻫﻣﺔ اﻟﺷرﻛﺎت اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻣﻘﻔﻠﺔ الذي يطبق على الشركات المساهمة العامة والمقفلة الكويتية، وقانون دعم العمالة الوطنية».

وبينت التحول الذي سيطرأ بعد تطبيق هذه المسودة، بأنه «سيتم إلغاء مرسوم ضريبة الدخل، وسيتم إلغاء قانون الزكاة والمادة التي تتكلّم عن الضريبة في قانون دعم العمالة ويتم استبدالها بضريبة أرباح الأعمال».

مبدآن للضرائب

من جهتها، قدمت أستاذة القانون العام الدكتور جمانة الصيرفي، لمحة تاريخية عن دولية الضرائب والأبعاد الدولية لمشروع القانون. وقالت إنه «على مر العصور كانت التجارة العالمية والاستثمار الدولي جزءاً لا يتحزأ من الأنشطة الاقتصادية، ومع ذلك كانت ضريبة الدخل

لا يتم فرضها على هذه الأنشطة إلا بعد الحرب العالمية الثانية».

وأضافت أنه «مع مرور الوقت، وإزالة الحواجز الاقتصادية والتغيرات السياسية بين الدول زادت التعاملات عن بعد، وظهر الاقتصاد الحديث، ونتيجة التطورات أصبح البعد الدولي عنصراً أساسياً ومحط اهتمام الدول، ويتم ادخاله في الأنظمة الداخلية للدول».

وبينت أن هناك «مبدأين يتم تطبيقهما من ناحية الضرائب الدولية، وهما مبدأ الإقامة ويتم فرض ضريبة الدخل على المقيم بغض النظر عن مصدر دخله سواء كان داخل الدولة أو خارجها، والثاني مبدأ مصدر الدخل الذي يتم فرض الضريبة على الدخل المتحقق داخل الدولة، ومعظم الدول أخذت في المبدأين».

وأشارت إلى أن القانون المقترح أخذ فقط بمبدأ المصدر، لافتة إلى إيجابية في القانون المقترح تم ادراج المنشأة الدائمة حيث قدمت نبذة عن مفهوم المنشأة الدائمة وفق المفهوم الدولي.

باب للتهرب الضريبي

لفت الدكتور إبراهيم الحمود إلى أن «المشرع يعرف النشاط الخاضع للضريبة الذي يشكل منه الوعاء، أن هذا النشاط هو أي نشاط ذي طبيعة تجارية أو صناعية، وهذا يفتح الباب للتهرب الضريبي»، مقدماً مثلاً أن «شخصاً يعمل في شركة والشركات عليها ضرائب، والأجور والمرتبات خرج من الوعاء، فيقدم أجور كبيرة وعلاوات كثيرة لأعضاء مجلس الإدارة وتعتبر تكلفة على الدخل، وهي أجور ومرتبات لا تخضع للضريبة لكنها وسيلة للتهرب الضريبي حتى لا يصل للحد اللازم للخضوع لهذه الضريبة».

وأشار إلى أن «حجم الوعاء والدخل الخاضع للضريبة، قيل إنه مليون ونصف دينار كويتي، أي الدخل الصافي، ولو نستفسر من أصحاب المكاتب والمؤسسات الفردية يعتبر من ضمن الدخول المنخفضة بالنسبة للعمال التجارية وبالتالي سيترتب عليها ارتفاع في الأسعار والمنتجات دون أن يحدد المشرع قواعد أكثر في هذا الشأن».

القانون يمسح باباً اسمه التبرع والعمل الخيري

وقدم الحمود ملاحظات عدة على مسودة القانون، قائلا إن «الضريبة عدم واقعيتها وعدم دستوريتها واضحة، بل في كثير من الأحوال في هذا المرسوم بقانون يضع مصطلحات تخالف المبادئ التي تدرس في سنة أولى»، مشيرا إلى أنه «في القوانين الكويتية القديمة، تجمع التبرعات من قبيل التكاليف حتى تشجع على التبرع. وهذا القانون مسح شيئاً اسمه تبرع، كأنه يحارب الاعمال الخيرية والتبرعات، وهذا لا يجوز إذ ان القوانين الضريبية تشجع على التبرعات في أوروبا وأميركا، التبني وتقديم تبرعات لجمعيات النفع العام لأن مقابل هذا التبرع المبدأ الذي يقابله يكون مُعفى من الضريبة ليشجع الناس على التبرع»

وأضاف «قانون ضريبي على الدخل ويشمل الأفراد لأول مرة، ويأتي فقط من 40 مادة، وفي فرنسا الكود الضريبي يتكون من 6 آلاف مادة، وكذلك هل الإدارة الضريبية في البلد مهيأة؟، في فرنسا عدد الرجال العاملين في الضرائب يساوي عدد الرجال العاملين في الشرطة».

جرح في كثرة الإحالات للائحة التنفذية

قالت الدكتورة فاطمة دشتي إن «الإحالة إلى اللائحة التنفيذية تكررت 13 مرة في هذا القانون أي ما يعادل نسبة 32.5 في المئة من مواد القانون، وهذا الأمر يجعلني أضع بعض الملاحظات، حيث أن كثرة الإحالات للائحة التنفذية، تنطوي على جرح لمبدأ حصرية وضع الحكم في القانون وليست في أداة أدنى، كما أن العمومية في الاحالة دليل على عدم وضع كل الأحكام المتعلقة في الضريبة في صلب القانون نفسه».

وأضافت دشتي «كثرة الاحالات إلى اللائحة التنفيذية قد تكون مؤشر على عدم جهوزية الإدارة في تطبيق القانون، رغم أن المشرع في نص المشروع قرر أن اللائحة التنفيذية تصدر بعد 6 أشهر من نشر القانون»، مردفة أن «القانون لم يكن مفصلاً بشكل كافٍ، إذ أضفنا فئة جديدة من المكلفين بالضريبة وهم الأفراد، والفرد بحاجة إلى تفاصيل أكثر لفهم مفهوم الضريبة التي ستفرض عليه، حيث إن الشركات لديها منظومة قانونية تستطيع الاعتماد عليها لكن الأفراد سيطبق عليهم الضريبة يجب أن يحتوي القانون على تفاصيل كثيرة».