من سجن الباستيل الفرنسي المشيد في القرون الوسطى - كرمز للاستبداد - والذي شهد بدايات الثورات الفكرية والسياسية في أوروبا إلى سجون البعث العربي الاشتراكي السوري وتحديداً سجن صيدنايا الذي شيّده حافظ الأسد في القرن العشرين ليكون معقلاً للاضطهاد والقمع في عالمنا المعاصر... «الباستيل» اقتحم عام 1789 و«صيدنايا» شيّد عام 1987 وما بين التاريخين تتكشف لنا حكايات معقّدة من الحرية والعدالة والإنسانية.

اقتحم الثوار «الباستيل» في الرابع عشر من يوليو 1789 ليكون الإعلان عن بداية الثورة الفرنسية وما تبع ذلك من تغيير جذري في النظام السياسي وقيام الجمهورية الفرنسية.

هرب بشار الأسد، فجر الأحد وسقط النظام الذي عاث في سورية الخراب والدمار منذ انقلاب البعث في السادس عشر من نوفمبر عام 1970... هرب بشار وسقطت مؤسسات الدولة وانكشفت عورة النظام وسوءته...

وجد باستيل القرن الحادي والعشرين... وجد سجن صيدنايا وما يمثله من خزي وعار لكل من دافع ويدافع عن هذا النظام الفاشي الذي ترك بناء البلاد وتفرّغ للسجون والاضطهاد...

رفض بشّار منطق العصر ودروس التاريخ... طغت عليه جينات الوراثة على مفاهيم الحداثة... رفض كما والده التغيير، متجاهلاً بأن السجون ليست دائمة وأن الشعوب قادرة على تحدي الظلم مهما طال أمده. وكما تحرّر الشعب الفرنسي من قيده تحرّر الشعب السوري من قيوده.

من «الباستيل» إلى «صيدنايا» يظل السجن رمزاً للصراع بين الديكتاتورية المطلقة والشعب المتلهف للحرية والديمقراطية، لكن الفارق هو أن إرادة الشعوب حين تتحد قادرة على هدم أسوار القهر وفتح أبواب الحرية.

فكما كان سقوط سجن الباستيل بزوغ شمس الحرية في فرنسا، سيكون سجن صيدنايا هو فجر سورية الجديدة، سورية الحضارة والتاريخ. وعلى قيادتها الجديدة التفكير بفكر الدولة لا بفكر الثورة، فلا تُبنى البلدان إلّا بسواعد أبنائها مهما كانت أطيافهم ومذاهبهم.