عاد المرشح الرئاسي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بعد معركة انتخابية هزم فيها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، محققاً عودة رئاسية استثنائية إلى كرسي السلطة، بعد حملة طويلة من الاعتراضات السياسية والقضائية التي قلبت الطاولة على رغبته في محاولة إقصائية، وآخرها تعرضه لمحاولة الاغتيال أثناء حملته الانتخابية، ولكنه صمد وسط الرياح العاتية حتى نال الفوز المحقق، واليوم أصبح شعاره Make America greatagain وشعار «أميركا أولاً»، شعارين لا يمكن للمواطن الأميركي نسيانهما.

نحن اليوم بانتظار تسلُّمه السلطة في يناير المقبل لعام 2025 حتى نرى ما هو خلف الستار، فهل يتحقق مراده الذي كان يتغنى به في حملاته الانتخابية؟ وهل خططه المستقبلية تصب في صالح المواطن الأميركي؟!

تلك هي تساؤلات سياسية قبل كل شيء، لتكون مواكبة لشعاره «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى».

كانت أولى خطواته الإصلاحية هي هيكلة النظام الأميركي، وتسليطه الضوء على زمام السلطة لتكون قراراتها بيده، فقام بإعادة تنظيم توازن القوى في النظام الأميركي؛ بحيث يصبح البيت الأبيض مركز السلطة وسيد قراراته، وفي المقابل تقويض سلطة الكونغرس، واتخاذ سياسات جديدة لإقرار الميزانية؛ بحيث تكون لديه السلطة حتى في إنفاق الأموال، وكذلك كبح جماح الوكالات الأميركية المستقلة، مثل لجان التجارة والاتصالات، وإخضاعها لسلطة الرئاسة، لاسيما أن ترامب كان من أشد المعارضين لهذه الوكالات في حملته الرئاسية، وكان أيضاً من أشد المعارضين لسلطة شركات الإعلام التقليدية حيث ينوي إلغاء بعض تراخيصها التي تضرر منها، مثل صحيفة واشنطن بوست، وشبكة «إيه بي سي» و«سي بي أس»، بسبب توجهاتها السياسية ضده، ويبقى السؤال هنا: مَن هو فريق إدارته الجديدة عندما تنتقل السلطة إليه، وما الأسماء والوجوه المثيرة للجدل في حكومته المقبلة؟!

لقد اختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، أحد حلفائه المقربين، وهو ستيف ويتكوف، الملقب بتنين العقارات، كمبعوثه الخاص لإخماد الخلافات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط، وهذا الرجل لا يتمتع بخبرة ديبلوماسية واسعة، إلا أنه صانع الصفقات التجارية الناجحة، ولديه سيرة تجارية ناجحة في عالم العقارات في نيويورك وفلوريدا، كما اختار الرئيس دونالد ترامب رجل الأعمال والمليونير إيلون ماسك، الصديق المقرب له والرائد في مجال التكنولوجيا الحديثة والأكثر ذكاء ووضوحاً لترامب؛ حيث وقف ماسك بجانبه وقت الانتخابات ولم يتخل عنه لحظة، وكذلك دعمه الكبير مالياً ومعنوياً طوال حملته الرئاسية؛ لذلك سيقود ماسك وزارة كفاءة الحكومة الجديدة مع فيفيك راماسوامي في إدارته الثانية تحت راية DOGE.

وأيضاً تم اختيار جيه دي فانس، ليكون نائباً للرئيس الأميركي؛ فهو من جيل الألفيه، ويعتبر ثاني أصغر نائب رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، ويعمل دي فانس، عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية Ohio، كما يُنظر إليه على أنه الوريث الواضح لحركة MAGA، التي تتبنى دائماً المواقف الاقتصادية الشعبية للبلاد، وتشارك كثيراً في المشاركات الخارجية للولايات المتحدة.

وأيضاً تم اختيار السيناتور ماركو روبيو، لمنصب وزير الخارجية؛ كونه ابن المهاجرين الكوبيين، ويُنظر إليه على أنه من صقور السياسة الخارجية، الذي يسلك طابع التشدد ضد سياسة إيران والصين، لذلك أطلق عليه ترامب لقب ماركو الصغير، عام 2016 عندما ترشح ضده سابقاً، ويحظى روبيو الصغير باحترام كبير بين الجمهوريين الكبار المؤسسين.

كما تم اختيار بيت هيغسيث، لقيادة وزارة الدفاع الأميركية؛ كونه أحد أهم المحاربين القدامى في حربي العراق وأفغانستان، وقد حصل هيغسيث على أوسمه برونزية عدة تقديراً لدوره العسكري. وهيغسيث خريج جامعة بريتستون، وحاصل على درجة الماجستير من كلية كينيدي للحكومة بجامعة هارفارد.

أما وزارة الأمن الداخلي، فكانت من نصيب السيدة كريستي نويم، حاكمة ولاية ساوث داكوتا، ومن المنتظر أن يكون دورها الإشراف على إدارة الهجرة والجمارك الأميركية؛ حيث ستكلف بتنفيذ العديد من القرارات التي تخص خطة الترحيل الإجباري، التي رسم لها الرئيس دونالد ترامب، واعتبرها من أهم الملفات.

أما العضو السابق جون راتكليف، في الكونغرس عن ولاية تكساس فقد رشح بمنصب مدير المخابرات المركزية؛ حيث كان راتكليف مديراً للاستخبارات الوطنية في عهد ترامب خلال فترة ولايته الأولى، ويُنظر إليه على أنه من الصقور التي وقفت ضد تعاملات الصين، واتَّهم راتكليف الدولة الشيوعية على أنها متورطة في تغطية أصول «كوفيد - 19»، الذي تضررت منه الولايات المتحدة والدول الأخرى المحيطة.

كما تم اختيار النائبة إليز ستيفانيك، لتكون سفيرة لدى الأمم المتحدة؛ كونها حليفة قوية لترامب، وهي رابع أعلى عضو جمهوري في مجلس النواب ممثلة عن ولاية نيويورك، كما يذكر أن استجواب ستيفانيك حول معاداة السامية في الحرم الجامعي، هو من أهم المواقف التي أدت إلى إقالة بعض الرؤساء من الجامعات الأميركية أثناء فترة التجمعات الطلابية المطالبة بوقف النار في غزة.

أما السيد توم هومان، فسيكون مكلفاً بمنصب قيصر الحدود؛ كونه من أشد المؤيدين لعملية الترحيل للمهاجرين؛ حيث ترأس هومان عمليات الإنقاذ والإزالة في إدارة الهجرة والجمارك في عهد الرئيس باراك أوباما عام 2013؛ وأيضا قاد الوكالة في عهد ترامب عام 2017؛ لذلك اختير مرة ثانية للإشراف على خطة ترحيل المهاجرين؛ حيث سيقوم بدعم مبادرة ترامب لترحيل أكثر من مليون مهاجر غير شرعي.

أما المرشحة سوزي وايلز، فقد عينت لتكون رئيسة موظفي البيت الأبيض؛ كونها من قدامى المحاربين في السياسة في فلوريدا، وأدارت حملة ترامب الرئاسية لعام 2024 بنجاح؛ إلى جانب زملائها الآخرين.

كما تم اختيار النائب مايك والتز، ليشغل منصب «مستشار الأمن القومي» لترامب؛ كونه كان عضواً بارزاً في الكونغرس عن ولاية فلوريدا، ومن بين مهامه إدارة وتنسيق كل أعمال الأجهزة الحكومية الخاصة بالملفات الأمنية.

أما السيد روبرت أف كينيدي جونيور، فقد رُشّح ليكون بمنصب المسؤول عن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية؛ كونه يتبنى نظريات المؤامرة، ويعد من المشككين في جدوى اللقاحات أثناء فترة «كوفيد - 19».

كما تم ترشح السيد دوغ بورغوم، وهو حاكم ولاية نورث داكوتا لتولي وزارة الداخلية، فقد كان بورغوم منافساً قوياً لترامب، وحائزاً نيل ترشيحه من الحزب الجمهوري للرئاسة بالسابق.

أما العضو مات غايتس، فقد رُشح ليكون بمنصب المدعي العام، وكان غايتس معروفاً بسياسة الدفاع عن سياسات ومواقف الرئيس دونالد ترامب، كما انتخب عضواً في مجلس النواب الأميركي عام 2016.

أما النائبة تولسي غابارد، في مجلس النواب، والتي كانت منتمية إلى الحزب الديمقراطي سابقاً، فقد اختيرت لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية؛ كونها امرأة شجاعة تتميز بمسيرتها المهنية إلى مجتمع الاستخبارات الأميركية، وهي ممثلة عن ولاية هاواي، والمعروف عن تولسي أنها حولت ولاءها السياسي من مرشحة لترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة في عام 2020 إلى مؤيدة قوية لسياسة ترامب في السنوات الأخيرة، وكذلك من منتقدي إدارة الرئيس الحالي جو بايدن؛ حيث لاتزال نائبة مستقلة، ومن المحاربين القدامى، ومن أصول هندوسية.

إذاً، وفي ضوء ما سبق من أسماء نالت الترشيح، يستعد هؤلاء لتولي مهام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في الدورة الثانية، كفريق حكومي جديد، بعد تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، وبمثابة الرئيس الـ47 في يوم 20 يناير المقبل لعام 2025 م.

والسؤال هنا: هل ينجح ترامب مع فريقه الجديد في هكيلة النظام الأميركي؟ وفي تطبيق سياسته التي وعد بها أثناء حملته الانتخابية الثانية؟!

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com