الخيانة تعدُّ من أكثر الظواهر الاجتماعية والنفسية تعقيداً وإثارة للجدل، حيث تختلف النظرة إليها بين الثقافات والمجتمعات.

في الكويت، كما في بقية العالم، تُرى الخيانة كأحد أسباب تدهور العلاقات الزوجية والصداقات، ويُثار التساؤل دائماً: هل الخيانة طبيعة ذكورية أم أنثوية؟

للإجابة عن هذا السؤال، علينا الغوص في الجوانب النفسية والاجتماعية لهذه الظاهرة، مع دعمها بنظريات علمية وأمثلة.

فلنبدأ بها:

ما هي الخيانة؟

تُعرف الخيانة بأنّها كسر للثقة المتبادلة في علاقة ما، سواءً كانت علاقة زوجية، صداقة، أو علاقة مهنية. تتمثل في قيام أحد الأطراف بأفعال تناقض الالتزامات أو الاتفاقات الضمنية أو الصريحة التي تربطهما.

ومن هنا نصل لسؤال مهم هل الخيانة: بيولوجية أم ثقافية؟

تقول النظرية التطورية (Evolutionary Theory):

إن الخيانة قد تكون متجذرة في البيولوجيا.

• بالنسبة للرجل: يُفسّر السلوك الخياني أحياناً بأنه مرتبط بالسعي اللاواعي لنشر جيناته على نطاق أوسع.

• بالنسبة للمرأة: تُفسر الخيانة بأنّها بحث عن شريك أفضل من الناحية العاطفية أو الاقتصادية لضمان استقرارها واستقرار أبنائها.

أما النظرية الثقافية: فهي تشير إلى أن الخيانة ليست طبيعة فطرية، بل هي نتاج عوامل اجتماعية وثقافية.

في المجتمعات التي تتيح حرية أكبر للرجل، قد تكون الخيانة أكثر وضوحاً عنده مقارنة بالمرأة، التي غالباً ما تواجه قيوداً اجتماعية وأخلاقية صارمة.

وإذا قربنا الصورة في مفهوم الخيانة وجدناها في المجتمع العربي، تُلقي الثقافة السائدة مسؤولية الخيانة في معظم الأحيان على الرجل.

تعود هذه النظرة إلى العوامل التالية:

• النفوذ الاجتماعي للرجل: يحصل الرجل غالباً على حرية اجتماعية أوسع، ما يزيد من فرص تعرّضه لمغريات خارج العلاقة.

• والتوقعات الثقافية من المرأة: تُعتبر المرأة في المجتمعات المحافظة رمزاً للشرف، ما يجعل خيانتها أقل تقبلاً اجتماعياً.

• وأخيراً الزواج التقليدي: في بعض الحالات، قد يؤدي الزواج التقليدي غير المبني على التوافق إلى شعور الطرفين بالاغتراب، ما يفتح الباب أمام الخيانة.

أما عن الأسباب النفسية للخيانة فهي الإهمال العاطفي، الذي يشعر أحد الطرفين بعدم الاهتمام الكافي أو الإهمال العاطفي، ما يدفعه للبحث عن الاهتمام خارج العلاقة.

ثم قد تكون اضطرابات الشخصية:

مثل اضطراب الشخصية النرجسية، حيث يسعى الشخص لإشباع غروره.

وأيضا التوقعات غير الواقعية: سبب للخيانة عند دخول العلاقة بتوقعات عالية وغير واقعية، قد يصاب أحد الطرفين بخيبة أمل ويبحث عن السعادة في مكان آخر.

وعند رؤية الخيانة من نظارة النظريات العلمية نجدها في

نظرية التعلق (Attachment Theory):

تشير إلى أن نمط التعلق الذي يتطور في الطفولة يؤثر على سلوكياتنا في العلاقات.

• الأشخاص الذين يعانون من «تعلق قلق» قد يبحثون عن الطمأنينة خارج العلاقة.

• أما «التعلق الآمن» فيقلل من احتمالية الخيانة.

وأيضاً نظرية التنافر المعرفي (Cognitive Dissonance Theory):

التي تشرح هذه النظرية كيف يبرر الخائن سلوكه ليقلل من التوتر الناتج عن تعارض أفعاله مع قيمه. مثلاً، قد يقول: «زوجتي مهملة، لذا أبحث عن الاهتمام خارج البيت».

ويبقى السؤال الأزلي هل الخيانة رجل أم امرأة؟

الإجابة هي أن الدراسات تظهر أن الخيانة ليست مرتبطة بجنس معين، بل تتعلق بظروف الشخص النفسية والاجتماعية.

• في المجتمع العربي، قد يكون الرجل أكثر عرضة للمساءلة في حالات الخيانة الجسدية، بينما المرأة قد تُدان بشدة حتى في حالات الخيانة العاطفية.

• الأهم هو أن الخيانة تعكس نقصاً في التفاهم والالتزام بين الطرفين، بغض النظر عن الجنس.

الآن، ماذا تفعل لكي لا تصاب بسهم الخيانة؟

أولاً، الحوار المفتوح:

فبناء حوار صحي بين الطرفين لتحديد مواطن الخلل في العلاقة.

ثانياً، التوجيه النفسي:

وطلب المساعدة من مختصين في العلاقات الزوجية أو الإرشاد الأُسري.

ثالثاً، الوعي الذاتي:

فهم الأسباب التي دفعت للخيانة والعمل على إصلاحها.

وأخيراً،

الخيانة ليست حكراً على الرجل أو المرأة، بل هي انعكاس للتحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه العلاقة.

في النهاية، الخيانة ليست الحل، بل هي مؤشر لوجود خلل يجب معالجته بالحوار والتفاهم.

تذكّر دائماً أن بناء الثقة أصعب من كسرها، وهي أساس كل علاقة ناجحة، واستمراريتها.

تحياتي.