تخيل لو أعطاك أحدهم ورقة وقلماً، وطلب منك كتابة فيلم، حتى وإن لم تكن لديك ملكة الكتابة، ويعدك أن يتابع الفيلم مليون شخص، حتى وإن كان دون المستوى. قررت كتابة فيلم خيالي، ومع ذلك ستستعرض أموراً تحدث في المجتمع وبعضاً من ملامحك، وحياتك الشخصية، متأكدة من أنك ستضيف بعض وجهات نظرك في الفيلم كي تصل للعالم، تعتبر فرصة لإثبات نقاط معينة تتحدث عنها ولا تجد من يسمعك.

في السنوات الخمس الماضية كان من الملحوظ أن هنالك توجهات معينة عدة للأفلام والمسلسلات وكأنها ممنهجة في الوقت ذاته والقضايا نفسها. امتلأت السجون بالمجرمين لدرجة محاولة جعلهم أناساً طبيعيين في الأفلام، وأنهم يملكون حقاً في التعبير عن أنفسهم (لو كان عن طريق القتل).

إن الكثير من الأفلام تصور حياة المجرم والمآسي التي عاشها ومبررات القتل حتى أصبح العديد من الناس يمقتون الشرطة ويواسون المجرم.

تابعت مسلسلاً تلفزيونياً عن مجموعة من المجرمين وكيف استطاعوا إقناع الشرطة بالوقوف في صفهم بادعاء أن «المقتول» يستحق الموت، وبأنهم حققوا العدالة باتقاء شره عن طريق قتله، بل وتصوير حياة المجرم المليئة بالإنسانية والأهداف النبيلة، ولا بأس بتفادي عقوبته والهرب منها والاستمرار في العيش بسلام.

في أوقات فراغي ألعب ألعاب الأطفال المتوفرة في «الآي باد»، هناك فقرات إعلانية بين المراحل، والتي فوجئت بتصويرها المليء بالإيحاءات الجنسية، والعنف، والقتل...الخ.

أتصدقون أن تلك الدعايات والصور وُضعت للأطفال؟ حاولت حينها تنبيه من أعرفهم ويتابعني من خلال التواصل الاجتماعي، وقبل أيام عدة فوجئت بدعاية جديدة للعبة لن أقوم بكتابة اسمها، ملخص اللعبة صورة لمسرح جريمة وجثة مضرجة بالدماء، ويقف القاتل الذي ينشد العون منك، وتقوم أنت بمساعدته على إخفاء الجثة أو التخلص منها قبل وصول الشرطة، مع وضع خيارات عدة لك من سكاكين وأحماض تذويبية وطرق حفر قبر للجثة... لقد صُدمت كثيراً من وجود لعبة أطفال جريئة لهذه الدرجة، وكأنها ترسل رسائل لنا بأن الجرائم أمر طبيعي واعتيادي، وأن الحل الأمثل بدلاً من تسليم المجرم للعدالة هو مساعدته على الهرب.

كان العالم يحرص من خلال المؤلفات والأفلام والمسلسلات على محاربة الجريمة والمخدرات والعنف في المجتمع، واليوم يحاول كثيرون بطرقهم المختلفة أن يجعلوا تلك الأمور اعتيادية جداً، وأنه لا بأس من وجود الجريمة، وأنه عليك أن تستعد لتقبل المزيد من الإجرام، وتتوقف عن محاربته.