أبرم ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتفاق «شراكة إستراتيجية» يهدف لتعزيز العلاقات الثنائية، ودعوَا إلى انتخاب رئيس للبنان، وذلك في اليوم الأول من «زيارة دولة» يقوم بها سيّد الإليزيه إلى المملكة، وتستمر 3 أيام.
واستقبل ولي العهد ضيفه في الديوان الملكي بقصر اليمامة في الرياض، مساء الإثنين، حيث عقدا «لقاء موسعاً وثنائياً» جرى خلاله «استعراض العلاقات الثنائية، والجهود التنسيقية المشتركة لتعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات، وبحث فرص استثمار الموارد المتاحة في كلا البلدين بما يحقّق المصالح المشتركة»، وفقاً لـ «وكالة واس للأنباء».
وعقب اللقاء تمّ توقيع «مذكرة تفاهم بشأن تشكيل مجلس الشراكة الإستراتيجي»، وقّعها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير أوروبا والشؤون الخارجية جان نويل بارو.
من جانبه، ذكر قصر الإليزيه في بيان فجر أمس، إنّ اتفاقية الشراكة الاستراتيجية «ستمكّن من زيادة التعاون وتحقيق إنجازات ملموسة في كل المجالات، سواء الدفاع أو انتقال الطاقة أو الثقافة أو التنقل بين البلدين أو تنظيم أحداث كبرى».
واتفق الرئيس وولي العهد بشكل خاص، «على العمل معاً للتحضير لقمة العمل بشأن الذكاء الاصطناعي التي ستعقد في أوائل فبراير في باريس».
كما ناقش ماكرون ومحمد بن سلمان «الوضع الإقليمي واتفقا على بذل كل الجهود للمساهمة في وقف التصعيد في المنطقة»، ولا سيما عبر «التوصّل إلى وقف لإطلاق النار من دون مزيد من التأخير في غزة، من أجل تحرير جميع الرهائن، وحماية السكان المدنيين من خلال إيصال المساعدات الإنسانية والمساهمة في السعي إلى حل سياسي على أساس حل الدولتين»، بجانب جهود وقف التصعيد في سورية، بحسب الإليزيه.
ودعا الزعيمان «إلى إجراء انتخابات رئاسية في لبنان بهدف جمع اللبنانيين وإجراء الإصلاحات اللازمة لاستقرار البلد وأمنه»، مؤكدين أنهما «سيواصلان الجهود الدبلوماسية الرامية لتعزيز وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان».
ووصل ماكرون إلى الرياض عصر الإثنين، حيث أحاطت مجموعة من طائرات القوات الجوية الملكية، الطائرة الرئاسية الفرنسية، منذ دخولها في أجواء السعودية حتى وصولها مطار الملك خالد الدولي.
وهذه ثالث رحلة يقوم بها ماكرون إلى المملكة منذ 2017 والأولى من نوعها منذ نحو عقدين. وتعود آخر زيارة دولة لرئيس فرنسي إلى السعودية إلى عهد جاك شيراك في 2006.
وتكتسب الزيارة، أيضاً، بعداً اقتصادياً مهماً، مع تنظيم المنتدى السعودي - الفرنسي للاستثمار، أمس.
وقال ماكرون إن بلاده ترغب بأن تصبح شريكاً معتمداً للسعودية في «إكسبو 2030» ومونديال 2034 لبطولة كأس العالم.
وأضاف في اختتام أعمال المنتدى، أن باريس تريد أن تشارك في رؤية المملكة 2030، مشيراً إلى أن فرنسا توصلت إلى مشاريع اقتصادية مشتركة وواعدة مع السعودية، مشدداً على أن المملكة شريك موثوق بالنسبة على مدار سنين.
وأضاف «ان شراكتنا الاقتصادية تنمو في كل المجالات»، مشيراً إلى أن باريس تقوم بتوسيع نطاق الشراكات مع الرياض وتعزيزها بمزيد من الاستثمارات.
وإذ قال إن «رؤية 2030» تتلاقى مع طموح باريس في مجال الطاقة، أوضح «نريد تعزيز الشراكة في الرقمنة والذكاء الاصطناعي».
وشجع المستثمرين على الاستثمار أكثر في المملكة، قائلاً إن «الاستثمار في السعودية يعني الاستثمار في حجر الزاوية المهم لكل العالم».
كما دعا المستثمرين السعوديين إلى دخول السوق الفرنسية، لافتاً إلى أنها مهمة نحو بقية الدول الأوروبية.
ويرافق ماكرون نحو 50 من رؤساء المجموعات الفرنسية الكبرى لكن أيضاً الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والطاقة والنقل.
ويتوجه ماكرون إلى العلا، اليوم، مع وزيرة الثقافة رشيدة داتي ومسؤولين ثقافيين فرنسيين آخرين، بمن فيهم مسؤول من مركز بومبيدو الذي سينشئ في العُلا متحفا للفن المعاصر مخصصاً لفنانين من العالم العربي.
قمة «المياه الواحدة»
في سياق آخر، قال محمد بن سلمان، إن المملكة قدمت أكثر من 6 مليارات دولار لدعم المياه في أكثر من 60 دولة، مشدداً على ضرورة العمل ووضع الخطط المشتركة لاستدامة مصادر المياه، ولفت إلى أن «قمة المياه الواحدة تعكس اهتمامنا بقضايا المناخ».
وانطلقت في الرياض قمة «المياه الواحدة»، التي أعلنت السعودية عنها مسبقاً، بتأسيس منظمة عالمية للمياه، لتطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات، لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي، وتبادل الخبرات والتجارب والتقنيات، وتعزيز البحث والتطوير والابتكار.