وسط حضور عربي ودولي واسع، استضافت القاهرة، أمس، المؤتمر الوزاري الدولي لدعم وتعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة، تحت عنوان «عام على الكارثة الإنسانية في غزة... احتياجات عاجلة وحلول مستدامة».
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في خطاب تلته مساعدته أمينة محمد، أن «الوضع في غزة مروع وكارثي»، محذّراً من أن الظروف التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع قد ترقى إلى «أخطر الجرائم الدولية».
وحضّ المجتمع الدولي على «بناء أسس السلام المستدام في غزة وفي أنحاء الشرق الأوسط»، مشدداً على تداعيات النزاع والحاجة الملحة لتحرّك دولي.
وأضاف أن «سوء التغذية متفش، والمجاعة وشيكة (...) في الأثناء، انهار النظام الصحي»، مشيراً إلى أن غزة بات لديها الآن «أكبر عدد في العالم من الأطفال المبتوري الأطراف نسبة إلى عدد السكان»، إذ «يخسر العديدون أطرافاً ويخضعون لعمليات جراحية بدون بنج حتى».
وانتقد الأمين العام القيود في المؤتمر الذي حضره، وزراء وممثلو عدد من الدول الإقليمية والدولية ومنظمات دولية وهيئات الأمم المتحدة المعنية «القيود المشددة» على إيصال المساعدات، واصفاً المستويات الحالية بأنها «غير كافية بشكل كبير».
وأوضح أن حصار غزة «ليس أزمة مرتبطة بالمسائل اللوجستية» بل هو «أزمة رغبة سياسية واحترام المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي».
وأكد غوتيريش أن وكالة «الأونروا» هي «طوق نجاة لا يمكن استبداله بالنسبة لملايين الفلسطينيين»، مضيفاً أنه «إذا أُجبرت الأونروا على الإغلاق، فستتحمل إسرائيل... مسؤولية إيجاد بديل لخدماتها الحيوية».
لازاريني
من جهته، قال المفوض العام لـ«الأونروا» فيليب لازاريني، إن الوكالة «دفعت ثمناً باهظاً خلال الصراع في غزة، ولقي العديد من موظفيها حتفهم خلال الصراع».
وشدد على أن «المساعدات الإنسانية ستنجح فقط عندما تتوافر الحماية في إطار قانوني معترف به»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني في غزة محاصر في كابوس، فأكثر من 45 ألف شخص لقوا حتفهم، منهم 70 % من النساء والأطفال والعديد ما زال تحت الأنقاض، فيما يواجه آخرون الموت بسبب المجاعة والأوبئة، وكل هذا يدعو إلى استجابة إنسانية واسعة النطاق، وضروري الاستجابة الإنسانية الطارئة والحل السياسي للأوضاع في القطاع».
عبدالعاطي
من ناحيته، قال وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبدالعاطي، «لقد فاق العدوان على غزة كل الحدود، إذ تواصل إسرائيل ارتكاب الفظائع على مرأى ومسمع من العالم منذ أكثر من عام من دون رادع، وفي مشاهد مروعة تعجز الكلمات عن وصفها».
وتابع «تستخدم إسرائيل التجويع والحصار كسلاح، والتهجير كعقاب جماعي للفلسطينيين، بالمخالفة الفادحة للقانون الدولي الإنساني، وعلى مدار 13 شهراً، وقف المجتمع الدولي متفرجاً أمام ما يتم ارتكابه من أفعال بشعة ومشاهد قتل الأطفال والنساء، وتشريد للسكان المدنيين، وتدمير المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، وقصف سيارات الإسعاف، بل واستهداف العاملين في المجال الإنساني، بمن فيهم موظفو الأمم المتحدة».
وأضاف «ليكن معلوماً، أن مصر مستعدة لإدخال أعداد كبيرة من الشاحنات يومياً للقطاع، بمجرد أن تسمح الظروف الميدانية لضمان النفاذ الآمن للمساعدات وتوفير مناخ آمن لعمل وكالات الإغاثة».
وأكد «الأولوية البالغة للانسحاب الإسرائيلي الفوري من على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، فضلاً عن الانسحاب من منطقة محور فيلادلفيا»، مشدداً على «الرفض الكامل لأن تكون هناك دولة فوق القانون، ولا تخضع للمساءلة ولا المحاسبة».
فيصل بن فرحان
بدوره، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن «تداعيات التصعيد القائم في غزة وتوسع دائرة الصراع إقليمياً ينذر بخطورة الوصول إلى حرب شاملة يصعب احتواؤها»، مشيراً إلى أن «الأزمة الإنسانية في فلسطين بلغت حداً لا يُحتمل، ولا يمكن بأي حال السماح بتدهور الأوضاع في المنطقة أكثر من ذلك، إذ فقد نحو 44 ألف فلسطيني حياتهم على يد آلة الحرب الهمجية، فيما أصيب أكثر من 100 ألف، ويعيش نحو 350 ألفاً في ظروف كارثية غير إنسانية».
وأكد أن السعودية «لم تدخر جهداً أو تتأخر في تقديم العون والمساعدة لضحايا الاعتداءات الإسرائيلية، إذ بلغ إجمالي ما قدمته من برامج ومشروعات في قطاع غزة منذ بدء الأزمة حتى تاريخه أكثر من 500 مليون ريال».
وأوضح أن «ارتكاب المجازر ضد الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنى التحتية في غزة، وانتهاج سياسة القمع والحصار والتهجير القسري الذي طال نحو مليوني شخص ومصادرة الأراضي الفلسطينية من قبل الإسرائيليين تكرّس المعاناة، وتغذي التطرف في المنطقة، وتوسع رقعة الصراع، وتقوّض فرص التعايش، والسلام المستدام».
وشدد على أن «توسيع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية والإجراءات التي تمس الوضع القانوني والتاريخي للقدس تمثل اعتداءات مباشرة على القانون الدولي، وتهدد حل الدولتين، مطالباً بوضع حد لتلك الإجراءات لتجنب إطالة أمد دائرة العنف والدمار».
وجدد التأكيد على أهمية الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار، والتحلي بالمسؤولية للحفاظ على الأرواح والممتلكات، وبذل الجهود الممكنة كافة لمنع اتساع رقعة العنف، وتفعيل آليات المحاسبة، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب والمعايير المزدوجة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.
من جانبها، أعربت هيئات المساعدات الدولية مراراً عن قلقها حيال تدهور الأوضاع في غزة، محذرة من أن المدنيين باتوا على شفير المجاعة.
وأشارت إلى أن شحنات المساعدات التي تصل إلى الجيب الفلسطيني باتت عند أدنى مستوى لها منذ اندلاع الحرب.
وذكرت «الأونروا» أن كل محاولاتها لإيصال المساعدات إلى شمال غزة قوبلت إما بـ«المنع» أو «العرقلة» بين السادس من أكتوبر 2024 و25 نوفمبر، في ظل القتال العنيف في المنطقة.
وبناء على إحصاءات «الأونروا، لم تتمكن سوى 65 شاحنة مساعدات من الدخول إلى غزة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة مع معدل 500 شاحنة قبل الحرب».