يوسف الفضالة، ذاك الاسم اللي لمع في سماء مجلس الأمة، يوم أعلن استقالته، كان كأنه يقول: «اللي قاعدين تسوونه ما يمثلني، ولا يمثل الكويت اللي حلمت فيها!»، وفعلاً محد فهم اللعبة مثل ما فهمها هو.

استقالة الفضالة ما كانت خطوة سهلة. في بلد الكل يتشبث بالكرسي كأنه شريان حياة. يوسف الفضالة، قام وقال: «الكرسي ما يسوى شيء إذا فقد قيمته». كثر قالوا: «ليش استقال؟»، «شنو اللي صار؟»، وكأنهم مو شايفين المسرحية اللي كانت تصير قدام عيونهم. الفضالة شاف إن الإصلاح صار شعاراً من غير معنى، وإن الصراخ صار أعلى من الفعل.

غازي القصيبي، لو كان بيننا، كان كتب عنه وقال: «هذا الرجل مشى عكس التيار، لأن التيار كان رايح في الاتجاه الخطأ». الفضالة، أدرك أن المشهد السياسي أصبح مليئاً شعارات خاوية، ومصالح تتكدس على حساب الوطن. فقرر أنه يكون صادقاً مع نفسه ومع ناخبيه، وقال: «هذي مو لعبتي!».

الناس تحب التحليلات، وأنا أقولها بكل وضوح: الفضالة استقال، لأنه رأى الصراع كان بين أقطاب يا تكون معاها أو ضدها، وما يصير تكون مو مع أحد ما يصير يكون لك فكر غير هالفكرتين... غير هالفريقين... ما يصير تكون «رمادي» مع أن الحياة ألوانها أكبر من هاللونين.

استقال لأنه فهم اللعبة أسرع من غيره، وعرف أن استمرار وجوده يعني تنازله عن مبادئه.

وأعترف، أني انتقدته بشدة في تلك الأيام وكان هو الصح وأنا غلط.

لكن، هل كان على صواب؟ أنا أقول: إي. لأنه بدل ما يقعد في مكان فقد قيمته، قرّر يتركه، ويرفع رسالة واضحة: «الكويت تستاهل أفضل من اللي قاعد يصير».

الفضالة، كان مختلفاً. شجاعته ما كانت في الكلام، كانت في الفعل. قراره كان يقول: «أنا ما أبيع كرامتي، وما أكون شاهد زور في زمن الصمت». ويمكن بعد سنوات، الكل يدرك أن هالخطوة كانت البداية لوعي جديد في المشهد السياسي!

الرحيل في بعض الأحيان أبلغ من الكلام...