تتقدم القوات الروسية في أوكرانيا بأسرع وتيرة منذ الأيام الأولى للغزو عام 2022، إذ سيطرت على منطقة كبيرة خلال أكتوبر الماضي، بينما اتهمتها كييف باطلاق «عدد قياسي» من المسيّرات بلغ 188، ليل الإثنين - الثلاثاء.

وتدخل الحرب في أوكرانيا ما يصفه بعض المسؤولين الروس والغربيين بأنه قد يكون المرحلة الأكثر خطورة بعد أن حققت قوات موسكو جانباً من أكبر المكاسب في ما يتعلق بالسيطرة على الأراضي وبعد أن سمحت الولايات المتحدة لكييف بالرد باستخدام صواريخ أميركية.

وذكرت مجموعة «أغنتستفو» الإخبارية الروسية المستقلة في تقرير، أن «موسكو سجلت أرقاماً قياسية أسبوعية وشهرية جديدة من حيث مساحة الأراضي التي احتلتها في أوكرانيا».

وأوضحت أن القوات الروسية سيطرت على نحو 235 كيلومتراً مربعاً في أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي، وهي مساحة قياسية أسبوعية لعام 2024.

وأضافت أن القوات الروسية سيطرت على 600 كيلومتر مربع في نوفمبر، نقلاً عن بيانات من مجموعة «ديب ستيت» التي تربطها صلات وثيقة بالجيش الأوكراني وتدرس صوراً ملتقطة للقتال وتوفر خرائط للخطوط الأمامية.

ووفقاً لخرائط مفتوحة المصدر، بدأت روسيا في التقدم بشكل أسرع في شرق أوكرانيا في يوليو، بمجرد أن تمكنت القوات الأوكرانية من الاستيلاء على جزء من منطقة كورسك غرب روسيا. ومنذ ذلك الحين، تسارع التقدم.

وقال محللون في معهد دراسة الحرب، الذي يتخذ من واشنطن مقراً، في تقرير «تتقدم القوات الروسية في الآونة الأخيرة بمعدل أسرع بكثير مما سجلته عام 2023 بأكمله».

وأفادت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في تحديث الاثنين، بأن 45 معركة متفاوتة الشدة دارت بمحاذاة كوراخوف على خط المواجهة في فترة المساء.

وذكر تقرير معهد دراسة الحرب ومدونون عسكريون موالون لروسيا أن القوات الروسية موجودة في كوراخوف.

لكن مجموعة «ديب ستيت» كتبت عبر «تلغرام»، الاثنين، أن القوات الروسية موجودة بالقرب من كوراخوف.

وتتمثل الأهداف الرئيسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالسيطرة على منطقة دونباس بأكملها، التي تشمل منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وطرد القوات الأوكرانية من منطقة كورسك التي تسيطر على أجزاء منها منذ أغسطس.

وفي السياق، أعلن الجيش الروسي، اليوم الثلاثاء، سيطرته على بلدة في منطقة خاركيف (شمال شرق أوكرانيا)، في إطار مكاسب متزايدة تحققها موسكو في الأسابيع الأخيرة أمام صعوبات يواجهها الجيش الأوكراني.

وأفادت وزارة الدفاع «بفضل تحركات حاسمة، حررت وحدات من التجمع العسكري غرب بلدة كوبانكي» الواقعة في منطقة احتلتها موسكو في بداية الحرب لكن كييف استعادتها في خريف 2022.

قائد جديد

وذكرت شبكة «آر.بي.سي» الإعلامية الروسية نقلاً عن مصادر لم تذكرها أن اللفتنانت جنرال ألكسندر سانشيك تم تعيينه قائداً موقتاً لوحدة عسكرية تسمى «وحدة الجنوب».

يأتي ذلك بعد إقالة القائد السابق للوحدة، وهي واحدة من الوحدات العسكرية الكبيرة المشاركة في الحرب.

«عدد قياسي» من المسيّرات

وفي كييف، أعلن سلاح الجو الأوكراني، أنه «خلال الهجوم الليلي (الإثنين - الثلاثاء) شن العدو عدداً من الهجمات بواسطة طائرات من دون طيار من طراز شاهد (إيرانية الصنع) ومسيّرات أخرى غير معروفة الطراز».

وتابع أنه أسقط 76 مسيرة روسية في 17 منطقة، بينما اختفت 95 مسيرة أخرى عن شاشات الرادار أو اسقطت من قبل أنظمة التشويش الإلكتروني الدفاعية.

كذلك، أطلقت موسكو أربعة صواريخ بالستية من طراز «إسكندر-إم»، بحسب سلاح الجو.

وأضاف في البيان «للأسف، أصيبت منشآت حيوية، وتضررت مبان خاصة وسكنية في عدة مناطق بسبب هجمات المسيّرات الضخمة».

وسمع مراسلو «فرانس برس» دوي انفجارات في العاصمة، بينما قال مسؤولون في كييف إن حال التأهب الجوي استمرت خمس ساعات واسقطت 10 مسيّرات فيها.

الأسلحة النووية

إلى ذلك، ومع تصاعد التوتر بين موسكو وحلف شمال الأطلسي على خلفية الحرب، قال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، إنه إذا زود الغرب أوكرانيا بأسلحة نووية فقد ترى موسكو في الأمر، ما يمكن أن يمثل هجوماً عليها ويوفر الأساس لرد نووي.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأسبوع الماضي أن مسؤولين غربيين لم تكشف هوياتهم أشاروا إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن قد يمد أوكرانيا بأسلحة نووية رغم الخوف من أن يكون لمثل هذه الخطوة عواقب وخيمة.

وتابع ميدفيديف، الذي شغل منصب الرئيس بين عامي 2008 و2012، على «تلغرام»، اليوم الثلاثاء، «يعكف سياسيون وصحافيون أميركيون على مناقشة عواقب نقل أسلحة نووية إلى كييف».

وأضاف أن مجرد التهديد بنقل مثل هذه الأسلحة النووية قد يعتبر استعداداً لحرب نووية.

وتابع «النقل الفعلي لمثل هذه الأسلحة يعادل في الأمر الواقع شن هجوم على بلادنا» بموجب العقيدة النووية الروسية المعدلة حديثاً.

لافروف ينتقد «الناتو»

وفي السياق، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن «الناتو تخلى عن كل القواعد عندما أعلن عن إمكانية توجيه ضربات وقائية ضد روسيا».

وأضاف خلال الاجتماع العشرين لرؤساء الأجهزة الأمنية وأجهزة الاستخبارات في الدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة الذي عقد في موسكو، اليوم الثلاثاء، «قبل بضعة أيام قال رئيس اللجنة العسكرية لحلف الناتو، روب باور، يجب ضرب أهداف داخل روسيا بشكل استباقي، من أجل تحقيق الأهداف الدفاعية لدول الأطلسي».

وأردف قائلاً «أعتقد أنه لا يوجد شيء للتعليق عليه، لقد تم تجاوز جميع الحدود الأخلاقية، وكشف بشكل صريح عن النوايا الحقيقية للحلف».

وكان لافروف أشار الإثنين، أيضاً، إلى أن «الناتو» أُنشِئ في الأساس من أجل الدفاع عن أراضي أعضائه، ووعد بعدم توسيع عضويته»، ملمحاً إلى أن ما حصل العكس تماماً.

وأضاف أن«موسكو وقّعت على اتفاق مع الناتو يقضي بعدم نشر قوات مسلحة دائمة على أراضي الأعضاء الجدد، لكنهم استمروا في القيام بذلك، والآن أصبح بالفعل على حدودنا».

سيناريو الحرب

وحض روب، الاثنين، الشركات على الاستعداد لسيناريو الحرب وتعديل خطوط الإنتاج والتوزيع لديها، حتى تكون أقل عرضة للابتزاز من دول مثل روسيا والصين.

وقال رئيس اللجنة العسكرية للحلف الأميرال الهولندي من بروكسيل«إذا تمكنا من ضمان إمكانية وصول جميع الخدمات والسلع الأساسية أيا كانت، سيشكل ذلك جزءاً رئيسيا من قدرتنا على الردع».

وأتى ذلك بعد تأكيد موسكو أن محاولات دول«الناتو«تسهيل ضربات أوكرانية بعيدة المدى في العمق الروسي»لن تمر من دون عقاب».

وتنتشر قواعد الحلف الغربي في دول حدودية مع روسيا، ما يثير قلق الكرملين، وتنديدات مسؤوليه المتكررة منذ سنوات، من بينها استونيا ولاتفيا (نحو 9000 جندي في كل منها) وليتوانيا (20 ألفاً من الحلف).

كما ينتشر أكثر من 130 ألف جندي تابعين لدول الحلف في بولندا، الداعمة القوية لأوكرانيا. وفي المجر يبلغ عددهم نحو 25 ألفاً، وفي رومانيا نحو 80 ألفاً، وبلغاريا 27 ألفاً.

سلام راسخ وطويل الأمد

من جانبه، أكد مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين، أن موسكو في موقع قوة في ميدان المعركة.

وتابع ناريشكين، أمس الثلاثاء، أن روسيا تعارض بشكل قاطع«تجميد الصراع‭‭»‬‬، مضيفاً أنها ترغب في سلام طويل الأمد وأنها منفتحة على إجراء محادثات.

الكرملين: التواصل مع إدارة «طالبان»مهم جداً

موسكو - رويترز - قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، اليوم الثلاثاء، إن روسيا تعتبر زيادة التواصل مع قادة «طالبان» أمر بالغ الأهمية لأن الحركة تدير أفغانستان.

ومع ذلك أشار إلى أن موسكو لم تتخذ قراراً بعد في شأن حذف«طالبان» رسمياً من قائمة روسيا للجماعات الإرهابية.