عند استضافة الألعاب الأولمبية الصيفية عام 2012، أعدت مدينة هيوستن الأميركية ملفاً خاصاً لتلك الفعالية الكبيرة. الملف تضمن إقامة منشآت رياضية تتناسب وطبيعة المناخ الحار والرطب للمدينة أثناء جريان البطولة، حيث احتوت التصاميم على منشآت مكيّفة ومغطاة من أجل توفير البيئة الملائمة للأنشطة الرياضية. كما أنشأت دوله قطر، بمطلع الألفية، منشآت مكيّفة لاستضافة البطولات الرياضية إدراكاً منها لقسوة المناخ السائد. ومنها انطلقت الدولة الشقيقة كي تصبح قبلة البطولات الرياضية الدولية والأنشطة الترفيهية على مدار السنة.

بالرغم من تشابه المناخ بالكويت بما سبق من أمثلة، نجد الإصرار على تشييد المنشآت الرياضية التي لا تتناسب وطبيعة المناخ السائد. فما سبق من منشآت رياضية وما أعقبها، ومنها على سبيل المثال استاد الشيخ جابر الأحمد الصباح، كانت جميعها منشآت تقليدية حيث يتوسط الملعب مضمار ألعاب القوى دون اعتبار للمعايير الدولية، ما استعدى ترميمها أو تعديلها وهو ما كلّف الميزانية العامة مبالغ كبيرة لا تتناسب مع الفوائد منها.

ومما هو مثير أيضاً في هذا السياق، أن أحدث المنشآت الرياضية وهو استاد جابر المبارك الصباح، بنادي الصليبيخات الرياضي والمتوقع افتتاحه أثناء دورة الخليج العربي لكره القدم الـ26 لم يخل من العيوب والمشاكل المتكرّرة ولم يتم إنشاؤه وبما يتناسب والمناخ الحار بالكويت من حيث وجوب تكييف المدرجات للجماهير وأرضية الملعب.

الأمر الذي يدعو للاستغراب هو الاستمرار في إقامة مثل هذه المنشآت دون الأخذ بطبيعة المناخ السائد أو حتى المعايير الدولية للاستادات الرياضية. كما أن إقامة هذه المنشآت لا تأخذ بالحسبان تعددية الاستعمالات ما يجعل هذه المنشآت فارغة دون أي استخدام يذكر خارج فترات المواسم الرياضية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة التكلفة عن عوائد الاستثمار المرجوة.

وبناءً على ما تقدم، لا بد من مواكبة الحداثة من حيث بناء المنشآت الرياضية علاوة على تبني رؤية رياضية جديدة. ويكمن القول إنّ الحل يكمن بإقامة منشآت رياضية تتناسب وطبيعة المناخ والنشاط الرياضي، مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية استخدام المنشآت لأكثر من غرض سواءً كانت المنشأة استاداً لإقامة مباراة لكرة القدم أو صالة مغطاة.

ومن جانب آخر، يتعيّن الاستعانة بجهاز إداري وهندسي متخصص لإدارة وصيانة المنشآت الرياضية بالأندية الرياضية والتابعة للهيئة العامة للرياضة لتعظيم الإيرادات وتقليص المصروفات، فمن غير المعقول استمرار الهيئة العامة للرياضة بصيانة وإدارة المنشآت، ولا ضير من إتاحة الفرصة للقطاع الخاص المشاركة بتطوير وإدارة المنشآت الرياضية.

في ظل الترشيد الحكومي على الانفاق، فإن دور القطاع الخاص مهم وحيوي لتحقيق أهداف إستراتيجية الهيئة العامة للرياضة للأعوام 2022 – 2028.

الإستراتيجية التي احتوت على خطط لإنشاء 6 استادات رياضية في مختلف محافظات البلاد وإنشاء مدينة رياضية أولمبية متكاملة. هذه الإستراتيجية قد تكون غير واقعية وغير مناسبة إن لم تأخذ بالحسبان ما سلف ذكره، بالإضافة إلى دراسة لحجم النشاط الرياضي الذي قد يتطلّب مراجعة اعداد الاستادات المراد إقامتها.

وأخيراً، نتمنى أن يصاحب حسن الإنشاء حسن التنظيم وأن تقوم شركات متخصصة بتنظيم المناسبات الرياضية، فتنظم الحشود والمركبات وجلوس الجمهور على المقاعد وتقديم المرطبات أو حتى المأكولات. فمن غير المناسب أن يُترك لوزارة الداخلية تنظيم دخول المشجعين والأمن وتنظيم سير المركبات، وأرى أن يقتصر دورها على المساعدة والتدخل عند الضرورة. على أن يكون تنظيم السير والمركبات للمنظمين المستقلين مع الالتزام بالخطة التي تضعها وزارة الداخلية متمثلة بإدارة المرور. فمتى ما تحقق ذلك، انعكس بشكل إيجابي على مستوى صورة الكويت ومكانتها وقدرتها على إقامة الفعاليات الرياضية والترفيهية المحلية والدولية طوال العام، وهو الهدف الذي يتماشي مع محاور وغايات الخطة التنموية والحداثة في عالم الرياضة.