طلال الجردي ممثل من طراز رفيع لا يحتاج إلى شهادة للدلالة على موهبته الاستثنائية والفريدة، ولكنه غالباً ما كان يحتاج إلى فرصة مناسبة ترتبط بمساحة دورٍ كبيرة في عملٍ جيد ليتاح له إبراز إبداعه، وهذا ما تحقق من خلال مسلسل «العميل» الذي يجمع نخبة من الممثلين اللبنانيين والسوريين ويحقق نسبة مشاهدة عالية منذ عرضه على منصة «شاهد».

الجردي تحدث إلى «الراي» عن كواليس هذا الدور وتحضيراته له والإضافة التي حققها من خلاله إلى مسيرته الفنية.

• هل ترى أن دورك في مسلسل «العميل» يشكل نقلة نوعية في مسيرتك الفنية؟

- نعم، لأن المسلسل عمل مختلف على مستوى القصة والدور والشخصية ويسمح للممثل بالتفكير وتركيب الشخصية.

• هل تشعر بالرضا عن تجربتك المهنية هذه السنة، خصوصاً أنها كانت موفقة فنياً في المسرح كما في الدراما؟

- الحمد لله.

• هل وصلتْ إليك عروض للمشاركة في الموسم الرمضاني المقبل؟

- حتى الآن لا شيء ولم يتصل بي أحد.

• ولكن بدأتْ التحضيرات للأعمال الجديدة؟

- ربما لا نصيب لي فيها. لا أعرف.

• هل تحزن إذا حصل ذلك فعلاً؟

- أبداً. هكذا هي طبيعة سوق العمل في التمثيل. هناك عدد معيّن من المسلسلات التي سيتم تصويرها يقابلها عدد معيّن من الممثلين، والأعمال التي يتم التحضير لها لن تَستوعب جميع الممثلين، وهذا أمر طبيعي.

•... ولكن الممثل يحاول مراكمة نجاحاته ويراهن على استثمار المُنْتِجين لها ومنْحه الفرصة للمشاركة في أعمال جديدة يسعى من خلالها لتحقيق نجاحات جديدة يضيفها إلى نجاحاته السابقة، أليس كذلك؟

- صحيح... يمكن للممثل التفكير بهذه الطريقة. بعدما حققتُ النجاح في مسلسليْ «العميل» و«ع أمل»، فإنني أفكّر أوتوماتيكياً بأنه سيكون لي مكان في الأعمال المقبلة، ولكن ربما يوجد عند المُنْتِجين رأي آخر.

• ولكن بعض الوجوه تتكرر؟

- أعلم ذلك. ولكنني لستُ صاحب قرار ولستُ من الأشخاص الذين يطرقون الأبواب أو يتصلون هاتفياً. هذا ليس أسلوبي بصراحة.

• هل ترى أن الشخصية التي تقدّمها في «العميل» هي أكثر شخصية «لَبِسْتَها» درامياً بين كل الأدوار التي قدّمتَها حتى الآن؟

- نعم، مع أنني كنت متردداً حيال الدور في البداية، لأنني سبق وقدمت دور المحقق في أعمال أخرى، فضلاً عن تقديم دورين آخَرين كنت فيهما بمركز القرار في الشرطة، ولكن الخطوط المرسومة والمواقف في مسلسل «العميل» مختلفة، ولذلك حاولتُ أن أغيّر في أداء الشخصية وانفعالاتها ووقوفها وصوتها، والحمد لله أعتقد أنني وُفِّقْتُ في ذلك.

•... وخصوصاً أنك كنت في المسلسل في مواجهة مع فنان كبير وقدير بحجم ووزن الممثل أيمن زيدان؟

- هذا صحيح، وهناك أيضاً سامر إسماعيل ووسام فارس وعبده شاهين وفادي صبيح، ولا شك أن المجموعة المشاركة في المسلسل محترمة جداً، الأمر الذي يشكل نوعاً من التحدي عند الممثل ويرفع سقفه كي يكون أداؤه مثل مستوى الممثلين الزملاء، فضلاً عن أن طبيعة التصوير في تركيا مرتفعة وبمستوى عالٍ تقنياً وفنياً.

• هل الوقوف في عمل واحد إلى جانب الممثل أيمن زيدان أخافك إلى حد ما رغم أنك أنت أيضاً ممثل قدير ومعروف وصاحب خبرة كبيرة وتجربة غنية ومتنوعة في المجال؟ وكيف تعاملتَ مع هذا الموضوع؟

- نعم، هذا الأمر حصل في اللحظات الأولى لأن كل ممثل يتميز بتقنيات أداء خاصة به. وأنا لم أكن على معرفة بالتقنيات التي يستخدمها الممثل أيمن زيدان، ولذلك وصلتُ إلى موقع التصوير أثناء تصويره مشهداً يسبق المشهد الذي كان يفترض أن أصوّره معه، وحاولت استطلاع الأجواء ومعرفة ماذا يحصل وكيفية العمل، ومع الوقت سارت الأمور بسلاسة. كنتُ رسمتُ في مخيّلتي كيفية أدائي للمشهد الأول معه، وهو حصل في المقهى وكان جواد (يلعب دوره الممثل قاسم منصور) بين يديه والمشهد كان صعباً وحصلتْ خلاله مواجهة حامية جداً بيننا. التحضير الجيد للشخصية والثقة العالية بالنفس والانضباط أمور مهمة جداً تضع الممثل على السكة الصحيحة.

• ولماذا حضّرتَ لهذه الشخصية أكثر من غيرها؟

- لأن مساحة الدور كبيرة وهي تحتاج إلى الكثير من التحضير، ولكنني لم أقصّر يوماً تجاه أي دور لعبتُه، بل أحضّر لكل أدواري بمثل هذه الطريقة.

•... أو ربما لأن الممثلين المشاركين في «العميل» لا يستهان بقدراتهم؟

- لا شك أن المسلسل جَمَعَ عدداً كبيراً من الأسماء المهمة، ما رفع سقف التحدي، عدا عن أن مساحة الدور فَرضت عليّ أن أتعب أكثر.

• برأيك، ما السبب الذي جعلك تتميّز بشخصية «الضابط خليل» في مسلسل «العميل» أكثر من الشخصيات الأخرى التي قدمتَها في أعمالك السابقة؟

- يجب ألا ننسى أنه لا تُسند إليّ دائماً أدوار محورية في الأعمال التي أشارك فيها، ومن المعروف أن هذه الأدوار هي التي تساعد الممثل على التميّز. لا أريد أن أشكو أو أن أتذمر ولا أعرف إذا كانت هناك عوائق موجودة فيّ، ولكنني لا أعرف السبب الذي يحول دون أن يتيح «الشباب» في لبنان مثل هذه الفرصة لي، ولكنها وصلتْني من «mbc» وأنا شكرتُهم جداً، خصوصاً سارة دبوس.

• كل ممثل يحتاج إلى فرصة مناسبة؟

- هذا صحيح، ولكن من القبح أنه بعد 25 عاماً من العمل في المجال أن أحصل على دور محوري أساسي. ومع أنني لم ألعب في أعمالي السابقة أدواراً محورية أساسية، ولكنني لم أكن أقبل إلا بمثل هذه الأدوار وإن كانت بدرجة أقلّ. ولطالما رفضتُ أدوار السنيد أو تلك التي تمرّ مرور الكرام. صحيح أنني لعبت دوراً محورياً في مسلسل «ع أمل»، ولكنني ظهرتُ في منتصف المسلسل. وقبل ذلك لعبت الأدوار المحورية في الخط الثاني، وكنت مجبراً على القبول بها لأن الناس ينسون الممثل عندما يغيب لفترة طويلة.

• وهل يمكن أن تقبل بعرض للمشاركة في مسلسل تركي مُعرَّب جديد بعد نجاح تجربة «العميل»؟

- طبعاً، في حال كان الدور مناسباً. من خلال «العميل» تمكنتُ من أن أقدم بعضاً من قدراتي التمثيلية، وأقدّر هذا الأمر لـ«mbc»، لأنها أمّنت لي فرصة لم يؤمّنها لي أولاد البلد.