في اليوم الـ412 من الحرب التدميرية على غزة، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن خمسة منازل مكتظة بالسكان في بلدة بيت لاهيا فجر أمس، ما أدى إلى دفن عدد كبير من المدنيين تحت الأنقاض، كما توغلت قواته أكثر على امتداد الطرف الشمالي من القطاع.
وبينما تحدثت وسائل إعلام تابعة لحركة «حماس»، عن 66 شهيداً لم يُعثر على معظمهم بعد، قال مدير مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا حسام أبوصفية، إن 200 شخص على الأقل يعيشون في المنطقة السكنية التي تعرضت للقصف.
وأضاف أبوصفية، أنه حتى لو تمكن المصابون من الوصول إلى المستشفى فسيموت كثيرون منهم بسبب نقص الإمدادات الطبية والأطباء المتخصصين بعد أن احتجز الاحتلال معظم الطاقم الطبي أو طرده.
وأكد سكان في البلدات الثلاث، جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، أن القوات الإسرائيلية دمرت مئات المنازل منذ أن بدأت أحدث هجماتها في الخامس من أكتوبر، بهدف إنشاء منطقة عازلة بمحاذاة الطرف الشمالي للقطاع.
من جانبه، قال المفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني إن 80 في المئة من القطاع أصبح الآن في خطر شديد مع تزايد حالة اليأس لدى كثير من الناس.
وأضاف على منصة «إكس»، أمس، «انهم محاصرون ولا مكان آمن يذهبون إليه. وفي شمال غزة، لايزال الناس تحت حصار مشدد. ويفرون من الموت إلى الموت، وقد حرموا من المساعدات الإنسانية لأكثر من 40 يوماً حتى الآن».
حكم عسكري
وفي سياق متصل، تشهد السياسة الإسرائيلية تجاه قطاع غزة تحولاً لافتاً، مع تزايد المؤشرات على إعادة صياغة الوضع، من خلال فرض حكم عسكري بحجة إدارة الأوضاع الإنسانية.
وتعكس هذه السياسة تحولاً إستراتيجياً يهدف إلى تقليص نفوذ «حماس» وإضعاف قدرتها على السيطرة، بعد أن قامت الحركة بإعادة تموضعها وفرض سيطرتها غير الواضحة، عبر مقاتلين وسياسيين يتغلغلون بين المواطنين، ومن خلال آلاف المتطوعين الذين انضموا لصفوفها خلال حرب السابع من أكتوبر 2023.
من جانبه، وصف وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، عملية توزيع الأغذية تحت حراسة الجيش بأنه «بداية حكم عسكري».
وحذر من أن هذه السياسات تنطوي على «عمل سياسي خطير وعديم المسؤولية»، مؤكداً ضرورة البحث عن بديل يُجنّب الجيش التورط المباشر في إدارة القطاع.
في المقابل، اتهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، غالانت، بالفشل في إيجاد حلول ملموسة أثناء توليه وزارة الدفاع.
وادعى أن «السيطرة على القطاع ضرورية لتوفير الأمن، وتجاهل هذا الأمر يُمكن حماس من السيطرة على المساعدات الإنسانية والحفاظ على سلطتها».
بدورها، ذكرت القناة 12 أن إسرائيل بدأت بالفعل بترسيخ تواجدها الميداني في غزة عبر:
- توسيع محور نتساريم من خلال تحويله إلى منطقة تمتد لعرض 7 - 8 كيلومترات في بعض المناطق.
- إنشاء مناطق عازلة تشمل قطع أوصال بلدات مثل بيت حانون، جباليا وبيت لاهيا.
- توسيع المناطق الحمراء عبر تعزيز نشاطات الجيش في هذه المناطق بهدف تضييق الخناق على «حماس».
ووفق القناة العبرية فإن هذه التحركات تشير إلى السعي لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: زيادة الضغط العسكري على «حماس»، لإجبارها على قبول صفقة تبادل أسرى؛ منع انتقال السكان من شمال القطاع إلى جنوبه للحفاظ على الوضع الديموغرافي في المناطق المستهدفة، وإعداد خطة طويلة الأمد لإدارة القطاع من خلال دراسة الخيارات المتاحة لاستمرار القتال أو فرض واقع سياسي جديد.