بين «العاصفة» و«الغريب والنقيب»، أتى ختام العروض المتنافسة ضمن فعاليات «مهرجان الكويت للمسرح الثنائي» بدورته الأولى، مساء أمس، عُمانيا - سعودياً فوق خشبة مسرح الشامية.
إذ قدمت فرقة «الرؤية المسرحية» العمانية، عرضها المسرحي بعنوان «العاصفة»، فيما عرضت فرقة «فن بوكس» السعودية «الغريب والنقيب»، واللذين دارت أحداث أولهما بين الصالح والفاسد، فيما ناقش الثاني الطبقية.
بساطة في الطرح
بالنسبة إلى«العاصفة»، والتي أتت من تأليف الدكتور عماد محسن الشنفري وسينوغرافيا وإخراج عدي عمر الشنفري، ومن بطولة عبدالله مرعي وهشام صالح، فقد حملت بساطة في الطرح وعمقاً في المعنى، إذ دارت الأحداث حول عاملين في محل خياطة يشعران بالملل لانقطاع الكهرباء منذ أشهر، حينها يتحدثان عن الفواتير المتراكمة عليهما، وفي محاولة من الهرب من الواقع، يقرران أن يعيشا دور القبطان ومساعده، ويتخيلا وجود ركاب معهما على متن السفينة (دلالة رمزية إلى أي أرض في العالم)، مقسمين إلى طبقات عليا وسفلية ( دلالة إلى الشعب).
ومع تصاعد الأحداث، تواجه السفينة – الوهمية – عاصفة هوجاء، ويكتشف الربّان أن المحرك قد تعطّل وليس هناك بديل له (الدلالة إلى الأزمة)، وأن كل الاحتياطات المتاحة ما هي سوى مجرد ديكور لملء الفراغ، ليتبيّن له لاحقاً أن مساعده فاسد منذ زمن طويل ولم يهتم بالمصالح العامة، ومنحاز إلى ركاب الطبقة العليا من دون أن يكترث إلى من هم في الطبقة السفلية.
النص حمل في مضمونه العديد من الدلالات الرمزية، منها قضية الإخلاص في العمل والذي جسده القبطان، والبطانة الفاسدة التي تجسدت في شخصية المساعد.
والجميل في هذا العرض كان استخدام السينوغرافيا البسيطة والإكسسوارات التي كانت تشير إلى محل الخياطة في الأساس من المكواة والمروحة الكهربائية ومجسمات الملابس المعلقة في السقف وغيرها، ومن خلالها رمزت لاحقاً إلى السفينة وما تحتويه من المرساة والعاصفة والشخوص التي تتحرك، وهنا تظهر إجادة المخرج عدي الاستعانة بالرمزية في تقديم رؤيته، وما ساعده في ذلك هو براعة الممثلين.
خطأ وهروب
وفي ما يخصّ مسرحية «الغريب والنقيب»، من تأليف أسامة الزايد وإخراج فهد الدوسري، وبطولة كميل العلي ومحمد آل محسن، فقد دارت قصتها حول رجلين، أولهما ثري، ويعمل نقيباً في كتيبة عسكرية، يخشى الموت والمحاربة وحده بعد أن ضحّى بجميع عناصره خلال الحرب، فيما الثاني فقير ويدعى بدر ويلقّب بـ«الغريب»، والذي ينضم إلى تلك الكتيبة عن طريق الخطأ أثناء محاولته إيجاد الدواء لوالدته المريضة. ومع تصاعد وتيرة الأحداث، يستطيع بدر إقناع النقيب بأن يدافع عن أرضه ووطنه وخوض المعركة وحيداً، لكن ذلك لا يحصل بعد الجدال الذي يحصل بينهما، إذ يسمعان صوت رصاصة تدفع بالنقيب إلى الهرب خوفاً من الموت، ويبقى الغريب مدافعاً عن الأرض.
كان واضحاً تمكّن العلي وآل محسن من تأدية دوريهما بالشكل المطلوب، حيث استطاعا تقديم أداء رائع لم يخلُ من روح الكوميديا التي لطّفت الأجواء، تمكنا من خلاله إيصال هدف ورسالة المسرحية ككل، وهي أن الدفاع عن الأرض والأهل لا يحتاجان إلى امتلاك المال، بل هو أمر يجب أن يولد مع الإنسان، ثم يكبر معه في قلبه طوال حياته. إذ لم تخل الحوارات من التركيز على الطبقية المجتمعية والمستوى المعيشي للشعب، فاستخدم الكاتب، على سبيل المثال، عبارات تدل على ذلك منها استخدام النقيب عبارات حب الوطن، محاولاً بها دفع بدر الفقير للالتحاق بالكتيبة العسكرية، في حين يكون همّ بدر هو إيجاد الطعام لنفسه. وما ساهم في وصول هذه الفكرة برمتها إلى جانب الأداء التمثيلي الرائع، هو تجانس العناصر المسرحية مع بعضها من الديكور والإضاءة والموسيقى مع المؤثرات الصوتية.