في تطور قانوني وإجرائي لافت، أكدت إدارة الفتوى والتشريع أحقية البنوك المحلية في إتمام إجراءات بيع ورهن وتسجيل العقارات السكنية الخاصة للمواطنين، بشرط أن يكون العقار الوحيد الذي يمتلكه المواطن، وذلك بعد توقف قطاع التوثيق العقاري في وزارة العدل، عن تسجيل هذه المعاملات، عقب صدور القانون رقم 126 لسنة 2023، الخاص بمكافحة احتكار الأراضي الفضاء، أي منذ نحو 11 شهراً.

وكشفت مصادر مطلعة، أن أحد البنوك المحلية، الذي يعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، أتم معاملة بالاستناد إلى المادة 3 من القانون 126، والتي تجيز للبنوك رهن العقارات السكنية أو تملكها بغرض تمويل المواطنين، شريطة أن يكون العقار ممولاً لمواطن، لا يمتلك سوى عقار واحد.

ورداً على سؤال وجّهه وكيل «العدل»، أوضحت «الفتوى» أن القانون 126 نافذ منذ صدوره، ولا يتوقف تطبيقه على صدور اللائحة التنفيذية، إذ إن اللوائح التنفيذية تُعد تشريعات فرعية تهدف إلى تنظيم الإجراءات دون المساس بنصوص القانون أو تعطيلها، مؤكدة أن القوانين تسري فور صدورها ونشرها، ما لم يحدد نص القانون تاريخاً لاحقاً لتطبيقه، وعليه لا يحق لقطاع التوثيق العقاري الامتناع عن التسجيل بذريعة عدم صدور اللائحة التنفيذية.

وذكرت «الفتوى» أن القانون نص على استحقاق الرسوم السنوية المقررة منذ 1 يناير 2026، وفي الفترة الحالية تُطبق الرسوم الواردة في القوانين السابقة، ما لا يبرر تعطيل تسجيل العقارات.

تفاصيل الخلاف

واستندت إدارة التوثيق في منع تسجيل بيع أو رهن عقاري لصالح البنوك، إلى المادة 3، التي نصت على «حظرعلى جميع الشركات والبنوك والمؤسسات الفردية، التعامل بالبيع أو الشراء أو الرهن، أو إصدار حوالة حق، أو إصدار توكيل بالتصرف للغير، أو قبول وكالة بالتصرف عن الغير، في القسائم أو البيوت المخصصة لأغراض السكن الخاص، في أي موقع وضمن أي مشروع، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، ويعتبر باطلاً بطلاناً مطلقا وكأن لم يكن، كل تعامل من هذا القبيل، وكل إجراء من شأنه نقل ملكية القسائم والبيوت المخصصة، لأغراض السكن الخاص بالمخالفة لأحكام هذا القانون».

كما دفعت بأن الحظر لأسباب قانونية تتعلق بعدم صدور اللائحة التنفيذية للقانون 126.

في المقابل، استندت البنوك إلى تتمة المادة نفسها، وهي «يجوز للبنوك وفق الحدود والمتطلبات الرقابية الصادرة من بنك الكويت المركزي، رهن العقارات السكنية أو تملكها، وذلك بغرض تمويل عملائها المواطنين، بشرط أن يكون التمويل لعقار سكني واحد لكل عميل لا يملك عقاراً».

وخلصت «الفتوى» إلى جواز إتمام إجراءات تسجيل العقار السكني، مبينة أن المادة 3 من المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 1959 في شأن قانون التسجيل العقاري، تنص على أن «تختص دائرة التسجيل العقاري بتسجيل المحررات المتعلقة بالعقارات»، والمادة 7 من ذات المرسوم، تنص على أن «جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية، أو نقله، أو تغييره، أو زواله، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك، يجب تسجيلها بطريق التسجيل بما في ذلك الوقف والوصية»، ما يترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المذكورة لا تنشأ، ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول، لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم، ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الآثار، سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن».

نفاذ القانون

وبينت «الفتوى»، أن الدستور حدد ميعاد نفاذ القانون، ونطاق اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، بأن لا تتضمن تعديلاً فيها أو تعطيلاً لها أو إعفاء من تنفيذها، باعتبار أن اللوائح التنفيذية تعد تشريعاً فرعياً يناط بالسلطة التنفيذية إصدارها لتنفيذ القوانين، بما لا يتضمن أي تعديل في أحكام القانون أو تعطيل لها، أو وقف لنفاذها، وفي حال التعارض بين النص القانوني ونص اللائحة، يطبق النص القانوني عن اللائحي، ولا يتوقف سريان القانون ونفاذه على صدور اللائحة التنفيذية بغير ذلك.

وأشارت «الفتوى» إلى أنه لا يغير من هذا الحق ما إذا كان تاريخ المعاملة في تاريخ لاحق أو سابق على صدور قانون مكافحة احتكار الأراضي الفضاء، إذ إن سريان أحكام القانون على المعاملة، لا يحول دون إتمامها استناداً إلى ما نصت عليه المادة 3 منه والتي أجازت للبنوك الموافقة على رهن العقارات السكنية أو تملكها، وذلك بغرض تمويل عملائها المواطنين، شريطة أن يكون التمويل لعقار سكني واحد لكل عميل لا يملك عقاراً.

وذكرت أنه لا يسوغ قانوناً تعطيل إتمام المعاملة لعدم صدور اللائحة التنفيذية، إذ إن القانون نافذ بذاته فور صدوره، ولم يعلق المشرع سريانه على صدور اللائحة، ولم يحدد تاريخاً آخر لسريانه بالمخالفة للقاعدة الدستورية العامة المقررة لتاريخ نفاذ القوانين والمحددة بمضي شهر من تاريخ نشرها.

وقالت إن المشرع لم يستثن عقارات من التسجيل، ولم يرخص لجهة الإدارة الامتناع عن تسجيلها أو إرجاء ذلك لأي سبب، إلا في حالة طلبها استيفاء أوراق ومستندات محددة متعلقة بالملكية من صاحب الشأن.

قواعد التحصيل

كما ذكرت أن اللائحة التنفيذية للقانون والمزمع صدورها تتعلق بتحديد قواعد تحصيل الرسوم المقررة به، إعمالاً لحكم المادة الثانية منه، والتي نصت على عدم جواز إتمام إجراءات نقل الملكية، إلا بعد سداد الرسوم المقررة وفقاً لأحكام هذا القانون، «يستحق الرسم السنوي المقرر وفقاً للقانون اعتباراً من أول الشهر التالي لانقضاء سنتين من تاريخ بدء العمل به، أي منذ 1 يناير 2026، إذ اعتباراً من ذلك الأجل تسري أحكام الرسوم وتحصيلها وفقاً للائحة عند صدورها».

إتمام التسجيل في جميع الأحوال بناء على طلب ذوي الشأن

لفتت «الفتوى والتشريع» إلى أن المادة 8 نصت على أن «جميع التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية العقارية الأصلية يجب تسجيلها، ويسري هذا الحكم على القسمة العقارية ولو كان محلها أموالاً موروثة».

ولفتت إلى أن المادة 12 من ذات القانون، المعدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1979 على أن «تتم إجراءات التسجيل في جميع الأحوال بناء على طلب ذوي الشأن أو من يقوم مقامهم، بعد التثبت من شخصياتهم وصفاتهم وجنسياتهم، ويقدم الطلب إلى مكتب التسجيل الذي يقع العقار في دائرة اختصاصه. ويجب أن يقرن الطلب بالأوراق المؤيدة له، ومنها سند الملكية وصورة ما تم الاتفاق عليه بين ذوي الشأن...».

حظر تعاملات المتخلفين عن سداد الرسوم

نوهت «الفتوى والتشريع» إلى أن المادة 2 تنص على «يحظر إتمام إجراءات نقل الملكية أو إصدار توكيل بالتصرف أيا كانت صورته في أي من القسائم التي لم تسدد عنها الرسوم، وتلتزم الجهات الحكومية بحظر التعاملات مع المتخلفين عن سداد الرسوم».

وبينت، أنه استثناء «يجوز للمالك المتعثر عن سداد الرسم المقرر وفق هذا القانون أن يتقدم بطلب بيع كل أو جزء من قسائم السكن الخاص محل الرسم بيعاً أو بالمزاد العلني تنظمه وتشرف على تنفيذه (العدل)، ويتم استيفاء الرسوم المستحقة للدولة كاملة من قيمة العقار المبيع وتودع لدى وزارة المالية، وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات استيفاء هذه الرسوم».

بنك إسلامي سجل أول معاملة توثيق للسكن الخاص مع أحد عملائه بعد منع استمر 11 شهراً

رأي «الفتوى»:

• السماح ببيع أورهن عقار المواطن إذا كان واحداً• القانون نافذ فور صدوره ولم يعلق سريانه على اللائحة

• اللائحة تتعلق بتحديد قواعد تحصيل الرسوم المقررة

• يحق تسجيل المعاملات إذا كان تاريخها لاحقاً للقانون «126»

موانع «التوثيق»:

• لا يجوز بيع أورهن العقار الوحيد الذي يمتلكه المواطن

• حظر إجراء التسجيل انتظاراً لصدور اللائحة التنفيذية

• اللائحة ستنظم العقارات المسموح بتسجيلها أو حظرها

• رفض تسجيل المعاملات اللاحقة لإقرار «الأراضي الفضاء»