أشار تقرير شركة كامكو إنفست، إلى تداول أسعار النفط الخام في حدود 72 دولاراً للبرميل، بعدما انخفضت من مستويات الذروة التي بلغت 76 دولاراً، متأثرة بشكل رئيسي بارتفاع الدولار وتباين مؤشرات الطلب المقبلة من الصين، والتي أظهرت ضعفاً مستمراً في الطلب على المدى القريب. في ذات الوقت، أثارت التغييرات الحكومية في الولايات المتحدة تساؤلات حول احتمالات زيادة الإنتاج النفطي للدولة.

من جهة أخرى، ساهم إغلاق وحدات إنتاج النفط والغاز في خليج المكسيك نتيجة العاصفة الاستوائية رافائيل في تعزيز أسعار النفط موقتاً.

وقد عطلت العاصفة إنتاج 449.5 ألف برميل يومياً من النفط الخام، أي ما يعادل نسبة 25.7 في المئة من إنتاج المنطقة، وفقاً لبيان صادر عن مكتب السلامة وإنفاذ لوائح البيئة الأميركي (BSEE)، نقلاً عن وكالة بلومبرج. كما ساهمت توقعات بأن تشهد أوروبا شتاءً أكثر برودة خلال الأسابيع المقبلة في دعم الأسعار.

في المقابل، أشارت المؤشرات الاقتصادية التي اعقبت الانتخابات الأميركية إلى إمكانية تحسن الأداء الاقتصادي نسبياً في الولايات المتحدة، بفضل السياسات الجديدة المقترحة من قبل إدارة ترامب، والتي تشمل التعهد بخفض الضرائب وفرض التعريفات التجارية.

نتيجة لذلك، من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، بينما يتوقع أن تظل معدلات التضخم أعلى من التوقعات السابقة.

وساهم هذا الوضع في ارتفاع الدولار الأميركي إلى أعلى مستوياته المسجلة في أربعة أشهر مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى. ويؤثر ارتفاع الدولار في زيادة تكلفة النفط بالنسبة للمستوردين، ما ينعكس سلباً على الطلب.

الطلب والعرض

على صعيد الطلب، أعلنت الصين عن طرحها لخطة بقيمة 1.4 تريليون دولار لإنقاذ الاقتصاد، مع التركيز بصفة رئيسية على إعادة هيكلة ديون الحكومات المحلية المثقلة بالديون. إلا أن هذا الإعلان شكل خيبة أمل لمراقبي سوق السلع الذين كانوا يأملون في الإعلان عن تدابير تهدف إلى تعزيز الاستهلاك المحلي وزيادة الطلب.

أما على صعيد العرض، سجل إنتاج النفط في الولايات المتحدة مستوى قياسيا جديدا بلغ 13.5 مليون برميل يومياً، وظل مرتفعاً خلال الأسابيع الأربعة الماضية، رغم انخفاض عدد منصات الحفر النفطي التي بقيت دون مستويات ما قبل الجائحة. وفي تصريح حديث، أشار المدير المالي لشركة Diamondback Energy إلى أن زيادة إنتاج النفط الصخري قد تضر بالقطاع، حيث يواجه المنتجون صعوبة في مراقبة التدفقات النقدية.

من جهة أخرى، شهد إنتاج «أوبك» من النفط نمواً ملحوظاً خلال أكتوبر 2024، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى زيادة إنتاج ليبيا بنحو 500 ألف برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق، بالإضافة إلى رفع مستوى الإنتاج في نيجيريا، الأمر الذي ساهم في تعويض انخفاض الإنتاج من معظم منتجي المجموعة الآخرين.

الاتجاهات الشهرية

ظلت أسعار النفط الخام تشهد تقلبات ملحوظة خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصاً بعد الهجمات التي استهدفت إيران. وأسهمت الاستجابة الضعيفة التي تجنبت استهداف المنشآت النفطية الرئيسية في تراجع الأسعار بأكثر من نسبة 6 في المئة في 28 أكتوبر 2024، حيث انخفضت علاوة المخاطر المتعلقة بانقطاع الإمدادات النفطية بشكل كبير عقب الهجمات الأخيرة. إلا أن صدور عدد من التقارير التي أشارت إلى انخفاض مخزونات النفط الخام والبنزين في الولايات المتحدة ساهم في تعزيز التفاؤل في شأن استمرار قوة الطلب في السوق الأميركية، ما ساعد في دعم الأسعار بنهاية الشهر. كما ساهمت التقارير المتعلقة بالهجمات الانتقامية من قبل إيران في توفير دعم إضافي لأسعار الخام. بالإضافة إلى ذلك، أسهم قرار «أوبك» وحلفائها بتأجيل إلغاء تخفيضات الإنتاج حتى العام المقبل في دعم استقرار الأسعار.

وبلغت أسعار العقود الآجلة لمزيج خام برنت ذروتها، متخطية 76 دولاراً للبرميل في الأسبوع الأول من نوفمبر 2024، إلا أن الأسعار تراجعت خلال الأسبوع الثاني لتنخفض إلى ما دون 72 دولاراً للبرميل في 11 نوفمبر 2024.

وكان ارتفاع الدولار من أبرز الأسباب الرئيسية التي ساهمت في انخفاض الأسعار خلال الأسبوع الماضي.

أما من حيث الاتجاهات الشهرية للأسعار، فسجلت أسعار جميع درجات النفط الخام تقريباً مكاسب هامشية خلال شهر أكتوبر 2024 مدفوعة بارتفاع الأسعار خصوصاً في بداية الشهر. إذ ارتفع متوسط سعر العقود الفورية لمزيج خام برنت بنسبة 1.8 في المئة ليصل إلى 75.6 دولار للبرميل في أكتوبر 2024 مقارنة بمتوسط 74.3 دولار للبرميل في شهر سبتمبر 2024. من جهة أخرى، ارتفع سعر سلة أوبك المرجعية بنسبة 1.2 في المئة ليصل إلى 74.5 دولار للبرميل، في حين كانت أسعار خام التصدير الكويتي ثابتة مقارنة بالشهر الماضي، إذ استقرت عند 74.9 دولار للبرميل في أكتوبر 2024. في ذات الوقت، أشارت تقديرات الإجماع إلى تراجع سعر مزيج خام برنت مرة أخرى خلال الستة أرباع المقبلة. إذ تم خفض توقعات الربع الرابع من العام 2024 بمقدار 1.5 دولار للبرميل إلى 77.0 دولار للبرميل، وفقاً للبيانات الصادرة عن وكالة بلومبرج.

الطلب العالمي

وفقاً لأحدث التقارير الشهرية الصادرة عن أوبك، قامت أوبك مرة أخرى بخفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط للعام 2024، وذلك للشهر الرابع على التوالي. إذ خفضت الوكالة توقعاتها بمقدار 107 آلاف برميل يومياً وتتوقع الآن أن يصل الطلب على النفط إلى 104.03 مليون برميل يومياً خلال العام، بزيادة قدرها 1.82 مليون برميل يومياً مقارنة بالعام 2023.

وتعكس المراجعة الهبوطية التعديلات المتعلقة ببيانات الطلب الفعلي على النفط للأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري. كما تعكس انخفاض توقعات الطلب على النفط في الصين والهند وآسيا الأخرى وأفريقيا ودول أوروبا الآسيوية الأخرى مدعومة ببيانات فعلية. في مقابل هذه المراجعات الهبوطية، تم رفع توقعات الطلب للدول الأميركية والدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وعدد من الدول غير الأعضاء في المنظمة.

كما خفضت «أوبك» توقعاتها للعام 2025 بمقدار 103 آلاف برميل يومياً، ليصل بذلك معدل النمو إلى 1.5 مليون برميل يومياً.

وتتوقع «أوبك» أن يصل الطلب على النفط إلى 105.6 مليون برميل يومياً العام المقبل.

كما تشير التوقعات إلى مساهمة تزايد الطلب على السفر الجوي وتحسن التنقل على الطرق في تعزيز الطلب العام المقبل، خاصة في ما يتعلق بالديزل الخاص بالمركبات وشاحنات النقل. كما تتوقع أوبك تحسن الأنشطة الصناعية والإنشائية والزراعية في الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

العرض من خارج «أوبك»

أبقت «أوبك» مرة أخرى على توقعاتها لنمو إمدادات النفط للدول غير المشاركة في ميثاق التعاون المشترك دون تغيير لهذا العام مقارنة بتوقعاتها السابقة.

ومن المتوقع أن ينمو العرض الخاص بهذه الدول بمقدار 1.23 مليون برميل يومياً في العام 2024 ليصل في المتوسط إلى 53.07 مليون برميل يومياً خلال العام.

وأظهرت التعديلات على بيانات العرض للفترات ربع السنوية ارتفاع العرض بمقدار 53.2 مليون برميل يومياً خلال الربع الثالث من العام 2024 مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 53.1 مليون برميل يومياً.

وقابل ذلك مراجعة هبوطية بنفس المستوى لبيانات العرض الخاصة بالربع الرابع من العام 2024 والتي من المتوقع الآن أن تصل إلى 53.4 مليون برميل يومياً في المتوسط مقارنة بالتوقعات السابقة البالغة 53.5 مليون برميل يومياً. وطرأت تعديلات بصفة رئيسية على بيانات العرض الخاصة بالدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في المنطقة.

وتشير التغييرات إلى مراجعة تصاعدية لبيانات الولايات المتحدة في الربع الثالث 2024 بمقدار 0.17 مليون برميل يومياً والتي قابلتها جزئياً مراجعة هبوطية لبيانات العرض الخاصة بالدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 0.06 مليون برميل يومياً.

وبالمثل، بالنسبة للربع الرابع 2024، قامت «أوبك» برفع توقعاتها لمستويات العرض الخاصة بالولايات المتحدة ودول آسيا والمحيط الهادئ التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. إلا أن هذه المراجعة قابلها خفض توقعات العرض الخاصة بالدول الأميركية والأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما تم خفض توقعات العرض لأميركا اللاتينية بمقدار 0.08 مليون برميل يومياً.

وأبقت «أوبك» على توقعاتها لإمدادات النفط من الدول غير المشاركة في ميثاق التعاون المشترك دون تغيير للعام 2025. وتتوقع الوكالة أن تنمو تلك الإمدادات بمقدار 1.11 مليون برميل يومياً لتصل إلى 54.17 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال العام 2025.

أما على الصعيد الإقليمي، رفعت «أوبك» توقعاتها لبيانات العرض الخاصة بالدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. في المقابل، تم خفض توقعات العرض للدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

إنتاج «أوبك»

شهد إنتاج «أوبك» من النفط الخام أعلى معدل نمو شهري في 26 شهراً في أكتوبر 2024 ليبلغ في المتوسط 26.9 مليون برميل يومياً.

ووفقاً لوكالة بلومبرج، يعزى نمو متوسط الإنتاج بمقدار 370 ألف برميل يومياً بصفة رئيسية إلى زيادة إنتاج ليبيا. وساهمت الزيادة في تعويض انخفاض إنتاج معظم المنتجين الآخرين من أعضاء المجموعة.

في ذات الوقت، كشفت البيانات الصادرة عن مصادر «أوبك» الثانوية عن زيادة الإنتاج الشهري للمجموعة بمعدلات أكثر حدة بلغت نحو 0.5 مليون برميل يومياً ليصل متوسط الإنتاج إلى 26.54 مليون برميل يومياً خلال الشهر.

وأظهرت بيانات الإنتاج عن تراجع حاد في إنتاج كل من العراق وإيران خلال الشهر بمقدار 90 ألف برميل يومياً و40 ألف برميل يومياً، على التوالي، وفقاً لوكالة بلومبرج، في حين كشفت بيانات أوبك عن تراجع الإنتاج بمقدار 66 ألف برميل يومياً و68 ألف برميل يومياً، على التوالي.

وخلال الشهر، قرر منتجو «أوبك» وحلفاؤها مرة أخرى تأجيل الموعد النهائي لإلغاء تخفيضات الإنتاج الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً. ويتوقع المنتجون الآن زيادة الإنتاج بدءاً من العام المقبل، ومن المتوقع أن تستمر السياسة الحالية حتى نهاية العام. ويعكس التمديد تراجع أساسيات سوق النفط، حيث لم نشهد زيادة طلب الصين بعد، بينما وصل إنتاج الولايات المتحدة إلى معدلات قياسية.

إنتاج الكويت

وظل إنتاج النفط في الكويت مستقراً عند 2.4 مليون برميل يومياً في أكتوبر 2024، بانخفاض هامشي قدره 10 آلاف برميل يومياً مقارنة بالشهر السابق، وفقاً لتقرير وكالة بلومبرج.

وفي إطار مساعيها لتعزيز الإنتاج، تخطط الكويت لزيادة الإنتاج في حقل الخفجي النفطي خلال العامين المقبلين. وأكدت الشركة الكويتية لنفط الخليج عزمها رفع إنتاجية الحقل بمقدار 50 ألف برميل يومياً لتصل إلى 350 ألف برميل يومياً.