لا شك أن المستقبل سيكون لصالح التكنولوجيا وفي جميع المجالات تقريباً في الصناعة والطب وحتى التسوق، والتقدم التكنولوجي أصبح يفوق حتى سرعة الخيال، لدرجة أنه بدأ يؤثر على جميع مناحي الحياة، وأصبح الإنسان لا يستطيع أن يعيش من دونه، والمستقبل سيكون مِلكاً للذين يستعدون له جيّداً.

وتقنيات الذكاء الاصطناعي بدأت تختصر الساعات والأيام وفي بعض الأحيان الشهور، فتحليل الملفات والبحث عنها كان في السابق يستغرق وقتاً طويلاً، أما مع وجود هذه التكنولوجيا فقد أصبح الأمر يستغرق ثواني ودقائق، والذكاء الاصطناعي يجعل الآلات قادرة على التعلم من البيانات واتخاذ القرارات بناءً على تحليلات معقدة في ثوانٍ قليلة، ومن المتوقع أن تؤثر على الطب والتصنيع والمالية والتعليم، حيث يمكن للآلات الذكية أن تقوم بمهام معقدة، مثل التشخيص الطبي أو التنبؤ بالمشاكل في أنظمة الإنتاج، وتحليل الميزانيات، ومختلف العمليات.

ويقولون إن هناك ملايين الروبوتات ستكون موجودة في السنوات المقبلة وتقوم بأعمال البشر، لدرجة بدأنا نشاهد في وسائل التواصل الاجتماعي روبوتات تؤدي أعمالاً لم يكن يتصورها الإنسان سابقاً. في المستقبل، ستصبح الروبوتات أكثر تكاملاً في حياتنا اليومية، من الروبوتات المنزلية التي تقوم بالأعمال الروتينية إلى الروبوتات الصناعية التي تعمل في بيئات صعبة أو خطرة.

إنّ الأتمتة ستؤدي إلى تغييرات جذرية في سوق العمل، حيث ستُستبدل بعض الوظائف التقليدية بوظائف جديدة تعتمد على إدارة وصيانة الروبوتات.

كذلك هناك الواقع الافتراضي والواقع المعزز هما تقنيتان تُستخدمان حالياً في الألعاب والترفيه، لكن تأثيرهما سيمتد إلى التعليم والرعاية الصحية في المستقبل القريب، وقد تحمل تقنيات تسمح للأشخاص بالتفاعل مع بيئات افتراضية تحاكي الواقع، ما يتيح تجارب تعلمية تفاعلية، كالجراحة التجريبية أو السياحة الافتراضية، وفي مجال التسوق يمكن للمستخدمين تجربة المنتجات افتراضياً قبل الشراء.

ومن الآن يجب أن نفكر حول مستقبل الوظائف للأبناء والأجيال القادمة في عالم يعتمد على التكنولوجيا بشكل متزايد، والذي يعرف كيف يوظّف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي سيكون مطلوباً في سوق العمل، والقلق الحاصل من فقدان الناس وظائف هو في غير محله، ولكن ستكون هناك وظائف أكثر من الحالية ولكن تحتاج إلى استعداد مختلف، والاقتصادات الأكثر إنتاجية تولد المزيد من الثروة وتخلق أنواعاً جديدة من الفرص الوظيفية، ومن يأملون في التنافس لتحقيق النجاح والتقدم الوظيفي في المستقبل يجب أن يمتازوا بمهارة استخدام التكنولوجيا بشكل جيد.

مهم على كل رب أسرة أن يخطط لأبنائه جيداً ويوضح لهم أهمية التكنولوجيا، حيث لو استمر الوضع على ما هو عليه من دون تغيير، فسنواجه مرحلة مختلفة من قلة الموارد وارتفاع التكاليف، في ظروف إقليمية صعبة ومتغيرة، لأن التخطيط للمستقبل هو صناعة ومن دون إدارة لن تتشكل هذه الصنعة.

وحتى نكون عمليين، فإننا بحاجة إلى قيادات شبابية تفهم لغة العصر وهي (البرمجة) التي ستغير الكثير من الأعمال، ولدينا شباب تخرّج من أفضل جامعات العالم وبحاجة إلى الفرصة، ويجب توجيه الشباب للتخصصات المطلوبة لسوق العمل، فبأي منطق أن تذكر المؤسسات الحكومية بأن هناك تخمة وعدم حاجة في الكثير من التخصصات الجامعية مثل بعض تخصصات الهندسة، وفي الوقت نفسه ما زالت البعثات الداخلية والخارجية تبتعث شباب الكويت للتخصصات ذاتها غير المطلوبة لسوق العمل الآن... فما بالكم في المستقبل؟

القطاع الخاص لا بد أن يكون له دور، وهو شريك أساسي في عملية التنمية والتقدم والتكنولوجيا وهو أسرع من الحكومة في اتخاذ القرارات، حيث إن الحكومة ستكون عاجزة عن استقبال الخريجين خلال السنوات المقبلة... يجب التفكير بهم من الآن حتى لا نزيد البطالة أكثر من الآن، والقطاع الخاص يمكن أن يستوعب الخريجين المميزين الذين يفهمون لغة العصر والذكاء الاصطناعي.