عبثية من نوع آخر سادت مسرح الشامية، حيث تستمر المنافسة ضمن فعاليات الدورة الأولى من «مهرجان الكويت للمسرح الثنائي»، وذلك من خلال العرض المسرحي «لتحضير بيضة مسلوقة»، من إعداد وإخراج مصعب السالم، بطولة مصطفى محمود وفاطمة أسد، والذي شاركت فيه فرقة «المسرح الكويتي» وسط حضور جماهيري كبير.
العرض المسرحي، الذي حظي بتفاعل كبير من الحاضرين، مأخوذ عن نص للكاتب الروماني الفرنسي يوجين يونسكو، ودارت فكرته حول سيدة تشرح للجمهور الطريقة المناسبة لتحضير بيضة مسلوقة، إذ تم تجسيد إعداد الإنسان والتحكم فيه، وفرض السيطرة عليه ليكون هو البيضة المسلوقة التي يسعى أحدهم إلى تحضيرها.
فكر عبثي من يونسكو، استطاع السالم تطويعه في عمله المونولوجي مستخدماً أكثر من مذهب مسرحي لإيصال فكرته ورسالته، ومعتمداً على تقديم العديد من الدلالات، تاركاً تفسيرها لعين وفكر الجمهور وفق ما يتناسب معه من تلك الرموز. كما كان واضحاً اعتماده على الأفعال أكثر من الكلام في آلية شرح القصة وبناء العرض المسرحي ككل.
كذلك، قام السالم بكسر الجدار الرابع والنزول إلى الجمهور للتفاعل المباشر معه، حيث اعتمدت المسرحية بشكل كبير على تفاعل الجمهور وإشراكه في الأحداث بصورة مباشرة، ما منح نوعاً من عملية الجذب لكل مشهد. وفي خضم ذلك كله، كان البطل الأساسي لتحقيق الهدف الممثلان اللذان تمكنا ببراعة من ترجمة فكر المخرج إلى أرض الواقع.
أما الموسيقى الحيّة والمؤثرات الصوتية التي وقف وراء صناعتها محمد البصيري، فلا تقل أهمية في اكتمال المشهد ككل. وشاركه في تكامل الصورة البصرية مصمم الديكور محمد جواد الشطي الذي قدّم ديكوراً متناسقاً مع الفكرة العامة ساهمت في إيصال الرسالة، فكانت كل قطعة فوق خشبة المسرح جزءاً مهماً في خلق الأجواء العامة للعمل.
على هامش العرض، أعرب رئيس مجلس إدارة فرقة المسرح الكويتي الفنان أحمد السلمان عن سعادتهم كفرقة بمشاركتهم «في الدورة الأولى من المهرجان الفريد من نوعه في الكويت، حيث إن فرقتنا كانت حريصة على أن تكون لها بصمة من خلال المنافسة مع بقية العروض».
وأضاف في تصريح لـ«الراي»: «لا تنسوا أن (المسرح الكويتي) يعتبر أول مَنْ قدّم المسرح الثنائي، وكان ذلك في العام 1989 من خلال مسرحية (الشفاف) التي كنت أحد أبطالها، وكانت من تأليف فوزي الغريب وإخراج عبدالأمير مطر، وحازت حينها على جائزة أفضل عرض».
«نص غريب»
قال المخرج مصعب السالم إن النص استفزه «كونه غريباً، وفيه انعكاس واضح للعبثية من وجهة نظر يونسكو. ومع التعمّق في النص، لاحظت بعض التفاصيل ما بين السطور، وكوّنت تصوّراً ما في ذهني، بعدها عقدت اجتماعات مع فريق العمل وتناقشنا معاً حول المسرحية، ومع مرور الأيام تطور الأمر إلى أن ظهر للعلن هذا العمل المسرحي».
وتابع في تصريح، لـ«الراي»: «كانت هناك مجازفة بالنسبة إلى تقنيات الإخراج والمذاهب المسرحية التي تم استخدامها، وبالتالي عندما اشتغلت على النص حاولت الخلط بين أكثر من منهج ومذهب بطريقة مدروسة، حتى نوصل في النهاية قضية أو فكرة ما».