قال الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) جمال اللوغاني اليوم الأربعاء، إن السوق النفطية على المدى القريب محاطة بحالة من عدم اليقين يصعب معها تحديد مستوى معين قد تصله أسعار النفط الخام.
وأضاف اللوغاني في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية بمناسبة إصدار المنظمة تقريرها الربع سنوي الثالث لعام 2024 حول الأوضاع البترولية العالمية، أن أداء الاقتصاد العالمي ظل مستقرا خلال الربع الثالث تزامنا مع تحسن نسق النشاط الاقتصادي والناتج المحتمل في الاقتصادات المتقدمة مما ساهم في استمرار التراجع في معدلات التضخم حتى مع استمرار الضغوط السعرية في بعض الاقتصادات وارتفاع أسعار الخدمات.
وبين أنه ورغم استقرار نمو أداء الاقتصاد العالمي إلا أنه حمل في طياته بعض التباين في التطورات على مستوى الاقتصادات العالمية منفردة، متوقعا أن يشهد الاقتصاد العالمي نموا بمعدل 3.2 في المئة خلال عام 2025 وهو نفس المعدل السائد خلال العام الجاري.
وأشار إلى تباين اتجاهات الأسعار الفورية للنفط الخام خلال الربع الثالث اذ ارتفعت في يوليو الماضي بدعم رئيسي من الطلب الموسمي القوي على النفط وانخفاض توافر شحنات التحميل الفوري من الخامات الخفيفة منخفضة الكبريت في الأسواق الفورية وتزايد عمليات الشراء من قبل المصافي الأوروبية فضلا عن الانخفاض الكبير في مخزونات النفط الخام ومخزونات الغازولين الأميركية مع ارتفاع هوامش التكرير في آسيا وساحل الخليج الأميركي لاسيما منتجات التقطير الخفيفة والمتوسطة.
وأوضح أن الأسعار الفورية للنفط الخام تراجعت خلال شهري أغسطس وسبتمبر الماضيين متأثرة بتزايد عمليات بيع العقود في الأسواق الآجلة للنفط الخام والتوقعات السلبية في شأن سوق النفط الخام في الأمد القريب وضعف هوامش التكرير في جميع المراكز الرئيسية فضلا عن تباطؤ الطلب خلال موسم صيانة المصافي وزيادة توافر النفط الخام الخفيف منخفض الكبريت في حوض الأطلسي.
وأفاد اللوغاني بأن متوسط الأسعار الفورية لسلة خامات (أوبك) على أساس فصلي انخفض بنسبة 7.6 في المئة مقارنة بالربع السابق ليصل إلى 78.8 دولار للبرميل في حين سجلت عقود خام برنت خسائر فصلية هي الأكبر لها في عام بلغت نسبتها نحو 17 في المئة كما سجلت عقود خام غرب تكساس الأميركي أكبر خسائر فصلية لها منذ الربع الثالث لعام 2023 إذ بلغت نسبتها نحو 16 في المئة خلال نفس الفترة.
وعزا ذلك إلى تنامي التوقعات في شأن إمكانية تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط خلال عامي 2024 و2025 مما يعكس ضعف النمو الاقتصادي مع تباطؤ نمو الوظائف وارتفاع معدل البطالة وضعف نشاط التصنيع في الولايات المتحدة وهي أكبر مستهلك عالمي للنفط.
وأشار إلى انكماش نشاط التصنيع في الصين - أكبر مستورد عالمي للنفط - مع انخفاض نمو الصادرات والاستثمار مع استمرار ضعف الطلب المحلي على الوقود وضعف هوامش التكرير.
وأضاف اللوغاني أن الإمدادات النفطية العالمية (نفط خام وسوائل الغاز الطبيعي) شهدت انخفاضا بنسبة 0.4 في المئة بالربع الثالث من 2024 مقارنة بالربع السابق لتصل إلى 102 مليون برميل يوميا.
وفيما يتعلق بالطلب العالمي على النفط لفت اللوغاني إلى أنه شهد ارتفاعا بنسبة 1.3 في المئة على أساس فصلي ليصل إلى 104.7 مليون برميل يوميا بدعم رئيسي من ارتفاع الطلب في دول الأمريكيتين ودول منطقة الشرق الأوسط والصين وروسيا وأفريقيا.
وقال إنه كان لانخفاض الطلب على النفط في كل من الهند وباقي الدول الأسيوية النامية وباقي دول (أوراسيا) دورا في الحد من ارتفاع الطلب العالمي على النفط خلال الربع الثالث من العام الجاري.
وذكر أن إجمالي المخزونات النفطية العالمية التجارية والاستراتيجية قد انخفض بنسبة 0.2 في المئة على أساس فصلي ليصل إلى نحو 9.2 مليار برميل في نهاية الربع الثالث 2024.
وأكد اللوغاني أن التطورات في السوق البترولية العالمية ألقت بظلالها على مستويات الأداء الاقتصادي في دول (أوابك) حيث كان لانخفاض العائدات النفطية تأثيرا سلبيا على أرصدة المالية العامة والحساب الخارجي.
وبين أنه وعلى الرغم من التحديات المستمرة نتيجة التشتت الجغرافي والاقتصادي فقد ظلت اقتصادات الدول الأعضاء ملتزمة بالاصلاحات الاقتصادية مما ساهم في تباطؤ التضخم وتعزيز الاستثمار وسوق العمل.
وأضاف أن استمرار نمو النشاط الاقتصادي في القطاع غير النفطي في دول (أوابك) ساعد على تحقيق توازن مقابل التراجع الذي شهده القطاع النفطي متوقعا استمرار تباطؤ نمو القطاع النفطي على المدى القريب تزامنا مع قرار دول أوابك الأعضاء في تحالف (أوبك +) تمديد التخفيضات البالغة 2.2 مليون برميل يوميا حتى نهاية شهر ديسمبر المقبل.
وفيما يخص التطورات المتعلقة بتغير المناخ ذكر اللوغاني أن الانبعاثات العالمية من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سجلت رقما قياسيا جديدا بلغ 57.1 جيجا طن في عام 2023 وأن موسم الأعاصير الأطلسية لعام 2024 تطور بشكل سريع ليصبح أحد أكثر المواسم نشاطا وكثافة في التاريخ الحديث قائلا «بدون تخفيضات جذرية في انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي قد يواجه العالم ارتفاعا في درجات حرارة الأرض بمقدار 3.1 درجة مئوية».
وأشار إلى وصول الطلب العالمي على الهيدروجين إلى مستوى قياسي جديد يتجاوز 97 مليون طن في عام 2023، مؤكدا أن منطقة الشرق الأوسط شهدت نموا ملحوظا في الطلب بأكثر من 6 في المئة على أساس سنوي بدعم من ارتفاع الطللب عليه في صناعة التكرير وصناعة الميثانول.