ضمن تحركاتها للحدّ من الصرف، وتعزيز الإيرادات غير النفطية في الميزانية العامة، تعكف وزارة المالية منذ فترة على دراسة أوجه الهدر المالي بالميزانية العامة، في مسعى لترشيق المصروفات، من خلال وضع تصور شامل يمكن من خلاله إغلاق نوافذ الإنفاق العام غير الضروري.

وفي هذا الخصوص، قالت مصادر لـ«الراي»، إن «المالية» استفسرت أخيراً من جهات حكومية عن عقودها التأمينية، التي أبرمتها على موظفيها ومبانيها، حيث طلبت تحديد جميع البيانات المتعلّقة بهذه العقود، بدءاً من قيمها، مروراً بأعداد المستفيدين منها، وانتهاء بالشركة المتعاقد معها، مع تحديد آجال هذه العقود، وما إذا كانت شارفت على الانتهاء أم لا تزال في مرحلة التعاقد الأولي.

وأفادت المصادر بأن «المالية» لم تعط أي إشارات إلى الجهات الحكومية تفسّر بشكل مباشر سبب حصرها لبيانات العقود التأمينية، لكنها أوضحت أن المناقشات التي فتحها قياديو الوزارة مع مسؤولي هذه الجهات في وقت سابق، أظهرت رغبة قوية لزيادة إيرادات الجهات الحكومية وتقليص مصروفاتها، لا سيما الإضافية التي يمكن الاستغناء عنها، على ألّا يترك التخفيض أثراً سلبياً على أدائها لمهامها، مرجحة أن يقود الاستعلام الذي تجريه «المالية» مع الجهات المعنية، إلى مراجعة عقود التأمين على موظفي ومباني الجهات الحكومية.

وأشارت المصادر إلى أن عدم وجود مسطرة واحدة لعقود التأمين التي تبرمها الجهات الحكومية، سواء لجهة الحد الأقصى أو نوع الشروط التعاقدية، يجعل جرد عقود التأمين الحكومية يزيد وجاهة اهتمام «المالية» بهذا القطاع، مبينة أن الوزارة تهدف للوصول إلى معالجات حقيقية تسهم في إعادة توجيه السلوك المالي للجهات الحكومية، بالتخلص من الإنفاق غير الحتمي، وترشيد الصرف على بقية البنود المعتمدة، بما يضمن حسن استغلال المبالغ المرصودة في الميزانيات على الوجه الأمثل.

وتوقعت المصادر إلغاء أو تعديل بعض البنود الواردة في عقود التأمين التي تبرمها الجهات الحكومية على موظفيها ومبانيها، لا سيما غير الضرورية، منوهة إلى أنه وفي إطار استجابتها المسؤولة لتحقيق النسبة المطلوبة من الخفض المستهدف في ميزانياتها، بادرت هيئات حكومية في وقت سابق وألغت بنوداً تأمينية لا يتم الانكشاف عليها بشكل مستمر، ويترتب عليها تكلفة كبيرة، من قبيل بند التأمين على الحياة.

وأوضحت المصادر، أنه قياساً إلى مدى الاستفادة تأمينياً من هذا البند، لجهة أعداد حالات الوفاة المسجلة سنوياً إلى التكلفة الفعلية، خلصت هذه الهيئات إلى إلغاء هذا البند، تقليلاً للتكلفة في ميزانياتها، فيما خففت أخرى بعض شروطها بما يضمن خفض الحد الأقصى لتكلفة التأمين.

وذكرت المصادر أن «المالية» وجهت الجهات الحكومية لضرورة القيام بالاعتماد على التخطيط الإستراتيجي، عند إعداد تقديرات الميزانية العامة، على أن تقوم تلك الجهات بالعمل على تنمية إيراداتها، ورفع كفاءة تحصيل ديونها، موضحة أن الوزارة تعّول كثيراً على الفروقات التي يمكن تحقيقها من تقليص مصروفات الجهات الحكومية غير الضرورية، والتي جارٍ العمل على حصرها.

وما يستحق الإشارة في هذا الاتجاه، أنه وفقاً لبيانات «المالية» المعلنة أخيراً، تحوّلت ميزانية الكويت إلى الفائض أول 6 أشهر خلال السنة المالية 2024-2025، حيث سجلت فائضاً عن هذه الفترة بقيمة 150.39 مليون دينار (491.93 مليون دولار)، مقابل عجز للفترة المقابلة من العام المالي الماضي بقيمة 1.45 مليار دينار (4.74 مليار دولار)، وذلك بدعم من زيادة الإيرادات وانخفاض المصروفات.