ما الذي نراه اليوم، فالذي نراه بمثابة مفاجآت صادمة لا يصدقها العقل ولا المنطق، فهل يعقل أن نتفاجأ بهذا الكم الهائل من التزوير في وثيقة الجنسية الكويتية، وما يطيّر العقل أن نرى أسماء قد تغيّرت من الأصل لتصبح وثيقة الجنسية باسم آخر غير الاسم الحقيقي حتى يستخدمه في بقية الوثائق الرسمية، وكأن الأمر سهل لهذه الدرجة من الجرأة!
فعلى سبيل المثال: من يحمل اسم (باسم) في سجله المدني في بلده الأصلي أصبح اسمه بالتزوير (عادل) في وثيقة الجنسية الكويتية والسجلات الرسمية الأخرى، والشخص نفسه الذي حمل اسم عادل قد رزقه الله بأبناء وأحفاد بعد كسبه الجنسية، وبالتالي هؤلاء حصلوا على الجنسية الكويتية بالتبعية وهم في قائمة المزوّرين لحين انكشاف أمرهم...
وكذلك هناك حالات سحب وفقد الجنسية الكويتية أخرى من زوجات مواطنين طلقن بعد حصولهن عليها في وقت قياسي، وكأن الأمر ظهر جليّاً بأنه مبنيٌ على اتفاق مُسبق بين الطرفين، ويأتي ذلك إما في سبيل المنفعة الشخصية، وإما مقابل اتفاق مالي وهنا الطامة!
لذلك، أستغرب هنا من الحالات الناجمة من ازدواجية الجنسية، فإن كنتِ لا تريدين التنازل عن جنسيتكِ الأصلية أو إسقاطها، فلماذا تريدين الجنسية الكويتية إذاً؟!
هناك حالات مماثلة من زوجات متجنسات ممن غادرن البلاد بعد طلاقهن ولم يرجعن الكويت، وهناك أيضاً زوجات قد غادرن البلاد بعد وفاة أزواجهن ولم يرجعن لها، وبالتالي لماذا تحتفظ بالجنسية الكويتية وهي في بلدها أو ليست بحاجة لها وبالأخص عند الزواج من أجنبي آخر!
هناك قضية أخرى تتعلق بأشقاء بينهم امرأة قد أُضيفوا جميعهم على ملفات مواطنين كويتيين في غفلة من الزمن، وهي قضية تزوير جديدة تم اكتشافها أخيراً، فهناك الكثير من الأشخاص قد دينوا في قضايا تزوير متنوعة بالجنسية الكويتية وإحدى هذه القضايا تفيد أن هناك 70 سورياً حصلوا على الجنسية الكويتية بالتبعية من دون وجه حق وبالتزوير، وهؤلاء لديهم اليوم أبناء وأحفاد بالعشرات، فالبعض منهم انكشف أمره بعد الانتهاء من التحريات المطلوبة، وأن أصحاب هذه الملفات هم مواطنون متوفون منذ زمن بعيد!
لقد انكشف الغطاء عن حالات غريبة وعجيبة أبطالها حصلوا على الجنسية الكويتية مقابل مبالغ نقدية كبيرة طمعاً في حصولهم على الامتيازات المالية التي تقدمها الدولة للمواطنين مثل البيوت الحكومية والقروض الحكومية وغيرها، وبالتالي هناك تلاعب واضح في بعض ملفات الكويتيين معظمها بدأ في فترة ما قبل وما بعد الغزو العراقي الغاشم لدولة الكويت، وما يثير استغرابنا حينما يكتشف أمر أحدهم أنه كان ضابطاً في سلك الشرطة أو الجيش ونال من جنسيته المزوّرة منصباً رفيعاً لا يستحقه!
والبعض لم ينكشف أمره إلا بعدما خدم البلد مدة ثلاثين عاماً وأكثر أي على وشك التقاعد، وهذا يعني أنه خدم في موقعه وعرف جميع أسراره ولم ينكشف أصل جنسيته إلا بعد إجراء التحريات المطلوبة عليه في ملف جنسيته المزوّرة وتدقيقها.
إذاً، في المحصلة نجد أن هناك أشخاصاً قد تحصلوا على شرف الجنسية الكويتية عن طريق التدليس والتزوير وأعدادهم بلغت العشرات وجميعهم أدلوا بمعلومات غير صحيحة أسهمت في حصولهم على الجنسية بطريقة ملتوية في غفلة من الزمن، بينما هناك مجموعة متخفية ربما لم ينكشف أمرهم بعد!
ولكن كما يقول المثل «حبل الكذب قصير» والأيام بيننا، سيأتي اليوم الذي سينكشف أمرهم ولو بعد حين...
كل هذه الملفات المزوّرة تجعلنا نتساءل حقاً: ماذا لو أردنا أن نعرف كم كلّف هؤلاء المزوّرون الدولة من أموال، كم يبلغ عدد القروض التي حصلوا عليها لغاية اليوم، وما عدد أبنائهم وأحفادهم اليوم بعد حصولهم على الجنسية الكويتية بالتبعية؟!
إنّ كل هذه القضايا الحساسة التي تخصُّ قضية التزوير اليوم حتماً ستؤثر سلباً على مجريات القضايا الشعبوية الأخرى مثل قضية «البدون» وإيجاد الحلول السريعة لها، وقضية فوضى العمالة الهامشية وتأثيرها على تعديل التركيبة السكانية، وقضية زيادة الرواتب وتعديل معيشة المواطنين وقضية إسقاط القروض، وقضية «كرت عافية» وما هي البدائل المناسبة لها في وزارة الصحة، وبالتالي نرى أن جميع هذه القضايا العالقة تحتاج إلى وقفة من الحكومة لإيجاد الحلول المناسبة لها...
فهل ستنتهي الحكومة منها في القريب العاجل؟!
ولكل حادث حديث،،،
alifairouz1961@outlook.com