في انتخابات تاريخية ومصيرية غير مسبوقة، أدلى الناخبون الأميركيون، أمس، بأصواتهم لاختيار رئيسهم الـ 47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب، في نهاية حملة زخرت بالأحداث والتوتر والاستطلاعات المتقاربة للغاية.

وفتحت مراكز الاقتراع في كل الولايات الأميركية أبوابها، صباحاً، حيث صوت عشرات الملايين لتضاف أصواتهم إلى أكثر من 80 مليون بطاقة اقتراع تم الإدلاء بها في الاقتراع المبكر أو عبر البريد.

ومن المستحيل معرفة ما إذا كان صدور النتيجة سيستغرق ساعات أو أياماً لتحديد هوية الفائز بين نائبة الرئيس والرئيس الجمهوري السابق، المختلفين تماماً إن على صعيد الشخصية أو الرؤية السياسية.

وقالت هاريس ليل الاثنين - الثلاثاء في فيلادلفيا (ولاية بنسلفانيا) قبل ساعات من فتح مراكز الاقتراع، إن «هذه قد تكون واحدة من أكثر الانتخابات تقارباً بالنتائج في التاريخ. كلّ صوت مهمّ».

وكانت أرسلت بطاقة تصويتها إلى ولاية كاليفورنيا عبر البريد قبل أيام عدة.

من جانبه، تعهد ترامب في ولاية ميتشيغن المتأرجحة، قبل التصويت في فلوريدا، «قيادة الولايات المتحدة والعالم» نحو «قمم مجد جديدة»، مؤكداً أنه سيسعى لإعادة السلام إلى العالم والقضاء على التضخم والهجرة والجريمة.

وألمحت حملة ترامب إلى أنه قد يعلن النصر في نهاية يوم الانتخابات حتى رغم عدم إكمال فرز ملايين الأصوات مثلما فعل قبل أربعة أعوام.

والنتائج النهائية التي تحسم الفائز لن تعلن قبل أيام، إذا جاء الفارق بين الأصوات ضئيلاً في ولايات محورية.

وبذلك، يمكن لترامب الاستفادة من الانطباع بأنه قد يكون في المقدمة قبل أن تتغير النتائج مع احتساب بطاقات الاقتراع اللاحقة، ما سيمكنه من تبرير ذلك لقاعدته، وزرع الشكوك من خلال ادعاءات غير مبررة بأن الانتخابات تُسرق منه.

ومهما تكن هوية الفائز، ستكون النتيجة غير مسبوقة وتاريخية.

فإما أن ينتخب الأميركيون، للمرة الأولى، امرأة مولودة لأب جامايكي وأم هندية، إلى البيت الأبيض، وإما مرشحاً شعبوياً مداناً في قضايا جنائية ومستهدفاً بملاحقات قضائية عدة، أدخلت ولايته الأولى بين عامَي 2017 و2021 البلاد والعالم في سلسلة متواصلة من التقلبات والهزات.

وأظهرت آخر استطلاعات الرأي تعادلاً شبه تام بين المرشحين في الولايات الحاسمة التي ستمنح المرشحة الديمقراطية أو المرشح الجمهوري في هذا الاقتراع غير المباشر، عدداً كافياً من الناخبين الكبار لتحقيق عتبة 270 ناخباً كبيراً من أصل 538 الضرورية للفوز.

لكن لا يقتصر الترقب على الانتخابات الرئاسية نفسها، حيث يدور أيضاً سباق لا يقل أهمية وهو الاقتراع التشريعي لانتزاع الغالبية في مجلسي الشيوخ والنواب.

فهذه الغالبية ستحكم العلاقة بين البيت الأبيض والكونغرس، ليس على الصعيد الداخلي فحسب، حيث يتمتع المجلس التشريعي بصلاحيات واسعة، بل على الساحة الدولية كذلك، نظراً لدور السلطة التشريعية الأساسي في تسهيل أجندة الرئيس أو عرقلتها.

وأظهرت أرقام الاستطلاعات في الأيام الماضية، سيناريو لم يحدث من قبل في التاريخ الأميركي: يقلب الحزبان المعادلة في كل مجلس على حدة، فينتزع الديمقراطيون الغالبية في مجلس النواب، والجمهوريون الغالبية في مجلس الشيوخ.

وفي حال حصل ذلك، ستكون هذه المرة الأولى منذ 230 عاماً التي تشهد انقلاباً في الغالبية الحزبية في المجلسين في الوقت نفسه.

مسيّرات وقنّاصة

كما تطرح تساؤلات قلقة حول ما سيأتي بعد الانتخابات، إذ باشر ترامب منذ الآن التشكيك في نزاهة الاقتراع.

وقد انخرط المعسكران من الآن في عشرات الشكاوى القضائية، فيما يخشى أميركي من كل ثلاثة اندلاع أعمال عنف وشغب بعد الاقتراع.

وقد أحيطت بعض مراكز الاقتراع بإجراءات أمنية مكثفة مع مراقبة بمسيّرات وقناصة على الأسطح.

وعمدت ثلاث ولايات على الأقل هي واشنطن ونيفادا وأوريغون إلى تعبئة احتياطي الحرس الوطني كإجراء احترازي.

وفي واشنطن، نصبت حواجز حديد في محيط البيت الأبيض ومبنى الكابيتول ومواقع حساسة أخرى.

فمشاهد وصور السادس من يناير 2021 لاتزال راسخة في الأذهان عندما هاجم مناصرون لترامب مقر الكونغرس لمنع المصادقة على فوز الديمقراطي جو بايدن.

كما حذرت وكالات الاستخبارات من محاولات التدخل الأجنبي لتقويض الثقة في مسار الانتخابات، وزرع المخاوف والشكوك في مصداقية العملية.