قانون المرور الجديد الذي ينتظر اعتماده من قبل مجلس الوزراء بعد مراجعة إدارة الفتوى والتشريع والنيابة العامة والمجلس الأعلى للقضاء، يتضمن عقوبات رادعة بسبب ما نشاهده من استهتار ورعونة من المواطنين والمقيمين.

فاليوم أصبحت هذه الجزاءات والعقوبات حاجة ملحة أمام هؤلاء السائقين المستهترين الذين لا يحترمون قوانين البلاد ولا يطبقونها بالشكل الصحيح، والنتيجة ارتفعت معدلات المخالفات الجسيمة إلى أرقام قياسية في البلاد، الأمر الذي أرهق قطاع المرور والعمليات، لاسيما أن كثرة الحوادث المرورية تؤدي معظمها إلى كثرة حالات الوفيات والإصابات البالغة وأكثرهم شباب في أعمار الزهور، فكم من شاب صغير قد رحَلَ عن أهله بسبب رعونته في القيادة واستهتاره بأرواح البشر، وكم من فتاة قد رحلت من الدنيا بسبب مضايقات الشباب لها والنتيجة حوادث أليمة، وكم من أب أو أم قد فقدوا أولادهم بسبب السرعة رغم وضوح العلامات الارشادية التي تدل على معدل حدود السرعة في الطريق، ناهيك عن وجود الكم الهائل من الدراجات النارية التي توصّل الطلبات ليلاً ونهاراً والتي ساعدت على زيادة الثقل على الشوارع الرئيسية والفرعية، وأدت الى زيادة الفوضى المرورية وأثقلت نسبة الحوادث المرورية، وبالتالي لم يتوقف معدل المخالفات المرورية الجسيمة مع زحمة المركبات مع وجود سائقين لا يحترمون قانون ولوائح المرور ولا يجيدون فن القيادة، وكأن الأمر أصبح فيه تحدٍ واضح بين السائقين ورجال المرور رغم وجود العشرات من الكاميرات.

إذاً، نحن اليوم بحاجة إلى تغليظ عملية العقوبات في القانون الجديد حتى يعي السائق حجم مسؤوليته عند القيادة أمام الكم الهائل من حوادث المركبات اليومية والتي أصبحت ثاني أعلى سبب للوفيات في البلاد، فهل يعقل أن يكون لدينا 300 حادث مروري يومياً في البلاد؟ وأن نجد 90 في المئة منها ناتجة من عدم الانتباه أو الانشغال بالهاتف أو أمور أخرى؟!

إذاً كم حادثاً سيكون لدينا سنويا؟!

لذلك، للقانون المروري الجديد عقوبات مشددة لمَنْ لا يرتدع بالغرامات المرورية المقرّرة بحيث تتم إحالته إلى القضاء لينال العقوبة المناسبة له، وقد تكون أعلى من غرامة الصلح في المخالفة المرورية، فضلا عن أنها قد تصل إلى السجن، وأيضاً استحداث عقوبة الحجز المنزلي ربما يكون أمره إيجابياً، وبالتالي علينا أن نقر بالواقع أن مشروع قانون المرور الحالي مع عقوباته المنصوصة في الغرامات الهامشية لم تعد عقوبات رادعة للمخالفين وأكبر دليل على ذلك كثرة حالات السرعة الجنونية التي تؤدي إلى حوادث مرورية يومية بشكل لافت، ومعظمها ناتج عن عدم التقيد بقواعد ونظم المرور، فأصبحنا نشاهد ظواهر غريبة مثل السرعة الجنونية فوق المعدل المطلوب، وكثرة تجاوز الإشارة الحمراء، وكثرة السير على حارة الأمان المخصصة للحالات الطارئة مثل سيارات الاسعاف والمرور والمطافئ، وكثرة استخدام الهاتف أثناء القيادة بشكل مقزز بحيث نشاهد غالبية السائقين ينشغلون بالهاتف أثناء القيادة أكثر من أي شيء آخر.

وكذلك عدم استخدام حزام الأمان أثناء القيادة رغم أن هذا النظام متبع في جميع دول العالم، كما نلاحظ كثرة وقوف المركبات في أماكن ممنوعة وفوق الرصيف ولا يبالي السائق بإغلاق الطريق، والتعمد في الوقوف بأماكن مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين) ومواقف كبار السن والاستمرار في الغلو بمخالفة اللوائح والقوانين المرورية.

هناك الكثير من التجاوزات المخيفة على قانون المرور الحالي بسبب تدني قيمة الغرامات وهو الأمرالذي نجده لا يحد من معدلات المخالفات المرورية وبالتالي لا تكون رادعة للسائقين، وكذلك كثرة إجراء الشباب السباق على الطرق العامة (الرئيسية والفرعية) وجرأة الشباب بممارسة التقحيص وقت الأمطار وأمام مقر الأفراح، لأنهم يعلمون أن المخالفة تعتبر رمزية وهي بواقع 50 ديناراً!

وكذلك ظاهرة قيادة المركبة والشباب بأعمار صغيرة تحت الـ18 عاماً رغم أن هذا مخالف للسن المطلوبة في القيادة، وبالتالي كيف يتجرأ الأب بإعطاء ابنه «الحدث» السيارة رغم علمه بمخالفة القوانين؟!

إن ما نشاهده في الطرق اليوم مقلق للغاية، فهناك مَنْ لا يحترم القانون ولا يطبقه بالشكل الصحيح، ومَن لا يرتدع من القانون بحاجة إلى أن يُحال إلى المحكمة وذلك لفرض عقوبات قاسية بأعلى قيمة غرامة أو تصل إلى الحبس الفوري، فمَنْ أمن العقوبة أساء الأدب، وبالتالي آن الأوان، أن تشد وزارة الداخلية (المرور) وزرها وأن تحمّر العين للسائقين من خلال عقوبات رادعة في قانون المرور الجديد الذي سيرى النور قريباً بعد موافقة الحكومة عليه.

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com