أكد وزير الخارجية عبدالله اليحيا أن حل الدولتين «قد يكون هو الحل الوحيد لوقف حمّام الدم» في غزة ولبنان، جراء الحرب العبثية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل متواصل وعنيف، منذ أكثر من عام، مبيناً أنه «غير مؤيد لما حدث في 7 أكتوبر»، في إشارة إلى أحداث «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023 وما تلاها من عدوان إسرائيلي.

وجاءت تصريحات اليحيا، في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، عقب مباحثاتهما، الإثنين الماضي، في موسكو، في إطار الزيارة الرسمية التي أجراها والوفد المرافق له إلى روسيا.

العلاقات مع روسيا

وأكد اليحيا، خلال المؤتمر، حرص الكويت على فتح آفاق جديدة للتعاون مع روسيا، لاسيما في مجال الأمن الغذائي، مشيراً إلى أنه اتفق مع نظيره الروسي على تطوير علاقات البلدين والارتقاء بها إلى آفاق أرحب.

وشدد على أن المباحثات «كانت مثمرة وبناءة» وتناولت سبل تطوير العلاقات «القوية والتاريخية» بين البلدين، لاسيما أن الكويت أول دولة خليجية أقامت علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي في 1963، بينما يحتفل البلدان هذا العام بمرور 61 عاما على إقامة هذه العلاقات «التي نفخر بها وبمستواها».

وتطرق اليحيا إلى تقييم تطور العلاقات الكويتية - الروسية، قائلاً: «تناقشنا (مع المسؤولين الروس) ونحن غير راضين بمستوى العلاقات ونسعى إلى تطويرها بجميع الجوانب، بدءاً من التبادل التجاري، والذي وصل اليوم إلى 1.6 مليار دولار».

وأضاف: «هناك الكثير من الأنشطة التي تقوم بها الفرق الفنية، مثل الهيئة العامة للاستثمار والشركات الخاصة، وآخرها زيارة العضو المنتدب لشركة المطاحن الكويتية، لفتح آفاق جديدة في مجال الأمن الغذائي، ودراسة الفرص الاستثمارية بهذا القطاع الذي نركز عليه، كما أن التعاون العسكري مستمر بيننا، أما التعاون التعليمي فهو متواضع وغير كافٍ لأن أعداد الطلبة الكويتيين في موسكو لا يتجاوز 8، ونسعى لرفع هذا العدد».

وتابع: «نضع تصوراً للتبادل التعليمي على مستوى المعاهد الدبلوماسية الكويتية والروسية، وأنا على يقين بأن هذه العمليات ستقرّب بين مجتمعي البلدين».

وتطرق اليحيا إلى مسألة التأشيرة بين البلدين، وقال: «حريصون على حل موضوع التأشيرة، مثلما أشار إلى ذلك الوزير لافروف، وقريباً ستُمنح التأشيرة بالطريقة التي تناسب الطرفين، عن طريق الفيزا الذكية عبر الموبايل، مثلاً، وهذه ستكون محل نقاش فور عودتي للكويت».

غزة ولبنان

وأشار وزير الخارجية إلى أن مباحثاته مع نظيره الروسي تناولت أيضاً الأوضاع الإقليمية وعلى رأسها الحرب على قطاع غزة، مؤكداً «تطابق وجهات النظر في شأن ضرورة وقفها فوراً والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع»، لاسيما أن «ما نشاهده في غزة يُدمي القلوب»، داعياً المجتمع الدولي إلى العمل على وقف الحرب، وأن يتحمّل مجلس الأمن مسؤولياته.

وعن الأولويات لوقف شلالات الدم والأسس للتوصل لحل شامل للصراع في المنطقة، قال اليحيا: «منذ أن بدأت الحرب على غزة، وتطور الأحداث بعد 7 أكتوبر، وصل عدد الضحايا إلى أكثر من 42 ألف فلسطيني، وأكثر من 100 ألف جريح، ناهيك عن التهجير والنزوح».

وأضاف: «دولة الكويت شاركت في كل محفل ومناسبة، وأكدت ضرورة وقف إطلاق النار، وأهمية حل الدولتين، والاعتراف بدولة فلسطين وضمان حق مصير شعبها الذي عانى لأكثر من 70 سنة... أنا غير مؤيد لما حصل في 7 أكتوبر لكني أتوقع، في ظل وجود ضغط عالٍ على هذا الشعب، الذي عاش وتربى وكبر وأصبح في الجيل الثالث، تحت الاحتلال، فنتمنى الجلوس إلى طاولة واحدة لحل هذه المشاكل إلى الأبد، والاعتراف بفلسطين أولاً من جميع الدول والاتفاق على حل الدولتين، وأتصور أنه الحل الوحيد الذي قد يوقف حمّام الدم».

وأضاف: «الوقف الفوري لإطلاق النار ضروري، ونتواصل مع أصدقائنا وأشقائنا للضغط في هذا الاتجاه، ونتمنى حدوث ذلك قريباً جداً».

أوكرانيا وسورية

وبشأن الحرب الروسية - الأوكرانية، قال اليحيا إن الكويت عبّرت مراراً عن مواقفها المبدئية والثابتة، الداعية إلى وقف الحروب بأسرع وقت، وبينها الحرب الروسية - الأوكرانية، واللجوء إلى الحوار والحلول السلمية.

وعن الوضع في سورية، قال: «الكويت موقفها واضح، وقد أكدته مراراً أيضا، وعبّرت كثيراً عن أملها وسعيها لمساعدة الشعب السوري، لينعم بالأمن والسلم الذي يستحقه».

قمة عربية ـ إسلامية حول غزة ولبنان

أكد اليحيا مباركة الكويت لعقد قمة عربية - إسلامية في السعودية لمناقشة الأوضاع الصعبة في غزة ولبنان، مشيراً إلى أهمية عقد مثل هذه القمة «لمواصلة الضغوط لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وهذه فرصة للمجموعتين العربية والإسلامية ليشكلا ضغطاً عالياً لكل الأطراف، لايقاف هذه الحرب العبثية، نحن نبارك هذه القمة، وسنشارك فيها».

ممر بحري إغاثي للبنان

تطرّق وزير الخارجية إلى تقديم مساعدات للبنان، قائلاً: «منذ اليوم الأول، تم التواصل مع الحكومة اللبنانية، لتوفير ممر بحري وإيصال المساعدات إليها».

وأشار إلى أن «الكويت من أولى الدول التي سارعت إلى إنشاء جسر جوي لإرسال المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى غزة، وقد أقلعت الطائرات الكويتية منذ اليوم الأول للحرب، وتم إدخال المساعدات إلى القطاع، ومستمرون في هذا المسعى».

وقال اليحيا: «استعرضنا مع الصديق لافروف، كل القضايا المثارة بالفترة الماضية، وآخرها القمة الخليجية -الأوروبية، التي ركزت على قضية الشرق الأوسط، ومطالبنا كخليجيين من الجانب الأوروبي تتمثل بالمضي قدماً في خط متواز، هو الاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبول حل الدولتين، على أن يسبق ذلك وقف فوري لإطلاق النار، ودخول المؤسسات والوكالات الدولية لمساعدة الفلسطينيين».

تطور إيجابي للعلاقات مع إيران و3 ملفات مع العراق

قال اليحيا إنه أطلع لافروف «على الملفات بين الكويت مع العراق والتطور الإيجابي للعلاقات مع ايران، لاسيما لقاءاتنا الثنائية الخليجية مع إيران، وقد بيّنت له كل النقاط التي قد تكون قريبة جداً ومحل نقاش، وطلبنا دعم إخواننا في موسكو في هذا الاتجاه».

وأضاف ان «القضايا الرئيسية بين الكويت والعراق تتعلق بثلاثة ملفات، هي الحدود وإعادة الأسرى (المفقودين) والأرشيف الوطني، واستكمال عمل بعثة الأمم المتحدة (يونامي) التي تنتهي أعمالها في نهاية 2025».

وأشار إلى أنه «أطلع الجانب الروسي على المحادثات التي أجريت مع الجانب العراقي في شأن استكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة 162»، لافتاً إلى «التطابق في وجهات النظر بيننا، حول أهمية إنهاء ترسيمها».

وأضاف: «استذكرنا، خلال اللقاء مع لافروف، جهود السفير الراحل يوري فرنسوف، الذي كان يشغل منصب المنسق الدولي الرفيع المستوى لشؤون الأسرى والممتلكات، وقدمت الشكر والامتنان للصديق غينادي تاراسوف، الذي شغل المنصب نفسه، لدورهما البناء وجهودهما الملموسة على مدار السنوات في هذا الملف الإنساني، وكان لهما دور في عودة بعض الأرشيف الكويتي المسروق، واستعادة جزء من رفات شهدائنا، ونحن بانتظار استكمال هذا الملف».