الصراع بين الصحة والتدخين ما زال مستمراً.
هناك هجمةٌ كبيرةٌ على صحة الإنسان، مقابل ذلك يوجد تقاعس كبير في صد هذا الهجوم، في عام 2022 وحده تم إنتاج 5.8 مليون طن من التبغ في العالم، وهي كمية تعادل أحجام جبال، ولو سقطت تلك الجبال فوق البشر لما كان عدد الضحايا 7 ملايين إنسان كما يفعل التدخين كل عام.
سرُّ هذا الصراع أن هناك اقتصاديات قائمة على صناعة التبغ والمتاجرة به، وهذه الاقتصاديات يمثلها قادة سياسيون وهناك نفوذ تجاري يمنع أي هجوم فاعل ضد التدخين.
وزارات الصحة في العالم تنفق الملايين لمعالجة مرضى التدخين، ولكنها للأسف لا تدفع بضع مئات لبرامج التوعية ضد التدخين، ما هو السرّ؟ المجالس التشريعية تقضي أياماً لوضع التشريعات الصحية، ودعم ميزانيات الصحة: ولكن هذه المجالس تمتنع عن إصدار قوانين تمنع التدخين، ما هو السبب؟
في الجمعية الكويتية لمكافحة التدخين والسرطان طلبت إحدى الشخصيات المهمة اللقاء مع أعضاء مجلس الجمعية، هذه الشخصية أصبحت تعمل لدى إحدى شركات التبغ، ليس مهماً ما دار في اللقاء ولكن المهم كيف تنجح هذه الشركات في استقطاب أهل النفوذ لدعمها، هذا هو جواب التساؤلين السابقين.
من أجل هذا عقدت منظمة الصحة العالمية ورشة عمل حول اقتصاديات التبغ، ورشة كانت توصياتها بعمل المزيد من اللقاءات العلمية لتسليط الضوء على هذا الوحش المسمى اقتصاديات التبغ، من أجل ذلك قامت جمعية مكافحة التدخين والسرطان بتنظيم مؤتمر اقتصاديات التبغ بهدف تسليط الضوء على حجم اقتصاديات التبغ وأساليب الترويج وطرق اقتحام المجتمعات من أجل زيادة المدخنين والربح المادي، المؤتمر سيُعقد يومي الأحد والاثنين المقبلين، إن شاء الله، ورغم أهمية مواضيع المؤتمر إلا أنه لم يجد الدعم المادي من أي مؤسسة حكومية، فقط شركة البترول الوطنية الكويتية وجمعية صندوق إعانة المرضى، فشكراً لهما.
إنه صراع قديم وسيستمر إلا إذا انتبهت الدول إلى تلك الاقتصاديات التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، ظاهرها دعم الاقتصاد وباطنها هدم صحة الإنسان، متى ما تيقنت الحكومات لهذه المعادلة ستنهار اقتصاديات التبغ وسيتمتع الإنسان بالصحة، تلك الصحة التي هي أساس الإنتاج النافع والداعم الحقيقي لأي اقتصاد.