اعتبر تقرير «الشال»، أن كل القرارات التنظيمية لابد وأن تخضع للمراجعة الدورية، حال أي اختلاف في ظروف نشأتها، وتستحق المراجعة أكثر القرارات التي تؤثر على بيئة الأعمال العامة وعلى احتياجات كل الناس في أي بلد، مثل القرار الوزاري (67) / 2020 لتثبيت الأسعار إبان الجائحة.
وذكر التقرير أن قراراً صدر في بيئة استثنائية، يفترض أن يزول تلقائياً بمجرد انتهاء الظروف التي سببت صدوره، لا يبدو أنه حقق أياً من مستهدفاته، سواء من واقع أرقام التضخم الرسمية محلياً، أو بالمقارنة مع 3 من دول في الإقليم، أو بالتناغم مع تغيرات مؤشرات أسعار الغذاء على مستوى العالم، فلا هو حقق حماية للمستهلك ولا حافظ على بيئة أعمال صحية.
وذهب «الشال» إلى خلاصته تلك، بعد أن استعرض فاعلية القرار على المستوى المحلي، وأجرى قياساً مقارناً على مستوى الإقليم، كما على مستوى العالم.
أولاً: المستوى المحلي
تعد حماية المستهلك التزاماً أساسياً لسلطات اتخاذ القرار في أي بلد، ولا يبدو أن القرار في شأن تثبيت أسعار السلع الغذائية حقق أياً من مستهدفاته.
ويشير إلى أن الجائحة حدث استثنائي تطلب إجراء استثنائياً، وما هو استثنائي هو بالتعريف موقت يزول بزوال آثار الحدث، ويفترض بالجهة التي أصدرته أن تلغيه حال انتهاء مبرراته ومراجعة فعاليته، من دون طلب أو تدخل من أي طرف آخر.
كما ويعتبر أن القرار استثنائي أيضاً لأن الجهة التي أصدرته لا تملك سلطة على تسعير المنتج المستورد من مصادره حول العالم، والأصل في تثبيت أسعار البيع هو توافر سلطة مماثلة لتثبيت أسعار الشراء كما في حالة البنزين في الكويت كمثال. وعندما يتحول الاستثناء إلى قاعدة، أي استمرار مفعول القرار بتثبيت أسعار السلع الغذائية في الداخل رغم ارتفاعها في الخارج، ذلك يخلق فجوة بين السعرين نتيجة ارتفاع أسعار الشراء، حينها قد تتحول مستهدفات القرار إلى عكسها تماماً.
بمعنى أن السوق قد يقوم بعملية فرز غير صحية، يخرج منه تدريجياً من هو ملتزم بالقرار، والتزامه في الغالب يعود إلى شعوره أخلاقياً بضرورة ذلك الالتزام، ويحل مكانه غير الملتزم، وقد تستبدل السلع محل تثبيت السعر، بسلع جديدة أقل جودة وأعلى سعراً، وحكمها حكم العملة.
تضخم الأسعار
يلاحظ التقرير ارتفاع مؤشر أسعار الأغذية والمشروبات في الكويت من 110.2 في يونيو 2020، إلى مستوى 150.8 في يونيو 2024، أي بنسبة 36.8 في المئة، بينما ارتفع عن مستواه في عام 2017 البالغ 107.6 وحتى صدور القرار في عام 2020 إلى 110.2 كما أسلفنا، أي بنسبة ارتفاع 3.0 في المئة فقط.
ويضيف أن ذلك يؤكد نتائج القرار المعاكسة لمستهدفاته، وربما يكون السبب لأن القرار استنفد وقته منذ زمن طويل، وربما يكون بسبب البيئة الطاردة للمورد الملتزم، وربما يكون ناتجا عن ضعف أو فساد رقابي، وربما من عدم دقة أرقام تضخم أسعار المستهلك في الكويت، وقد يكون خليطا من كل المبررات المذكورة وغيرها، لذلك قد يكون الحل في إجراء آخر غير التثبيت.
المقارنة مع الإقليم
ويقارن «الشال» متغيرات أسعار المستهلك لبعض دول الجوار ذات الاقتصادات المشابهة، ويلاحظ أن معدلات التضخم لديها تقل عن مستوى معدلات التضخم في الكويت، البالغة للأعوام بين 2020 إلى 2023: 3.0 في المئة، و4.2 في المئة و3.2 في المئة و3.4 في المئة على التوالي. بينما كانت للبحرين لنفس السنوات على التوالي نحو -1.6 في المئة، -0.4 في المئة، 3.6 في المئة و-0.3 في المئة، وللسعودية نحو 5.3 في المئة، 1.2 في المئة، 2.0 في المئة و0.4 في المئة، وللإمارات نحو -2.1 في المئة، -0.1 في المئة، 4.8 في المئة و1.6 في المئة.
وكان مؤشر الأغذية والمشروبات، في البحرين يونيو 2020 عند 111.3، وارتفع في يونيو 2024 إلى 128.7 بنسبة 15.6 في المئة، ومن 108.1 إلى 124.5 لنفس الفترة في السعودية بنسبة 15.2 في المئة، وارتفع للإمارات من 100.3 (يناير 2021) إلى 111.0 (يونيو 2023) بنسبة 10.7 في المئة، بينما ارتفاعه في الكويت بلغ 36.8 في المئة كما أسلفنا.
ولو كان القرار حقق أهدافه المقصودة، لكان مستوى الارتفاع في الكويت أدنى من الدول الثلاث الأخرى، أما وقد تحقق العكس، فذلك دليل مقارن إضافي على انتهاء صلاحية القرار.
على مستوى العالم
يشير مؤشر منظمة الأغذية والزراعة الدولية (FAO) إلى مستوى بحدود 99.2 في 2020، ثم يرتفع بشكل كبير إلى 125.2 في 2021، وقفزة أخرى في 2022 إلى مستوى 141.5، لتبدأ الأسعار في الانحسار إلى مستوى 120 في عام 2023، ثم إلى 113 حتى أغسطس من 2024، أو بمعدل ارتفاع عن مستوى 2020 بنحو 13.9 في المئة.
يعتبر «الشال»، أن ما سبق يؤكد أن حركة الأسعار من المصدر متغيرة وبوتيرة حادة وخارجة عن سيطرة سلطات العالم، ومن المؤكد بأن المورد إلى السوق الكويتي لا يملك سوى القبول بالسعر السائد من مصادره، ما يجعل الالتزام بتثبيت أسعار السلع المستوردة محلياً، مهمة شبه مستحيلة.
3.2 في المئة نمو الناتج المحلي الإجمالي
تذكر بيانات تقرير الإدارة المركزية للإحصاء، أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية للربع الثاني 2024، حقق نمواً بنحو 3.2 في المئة، إذ بلغت نحو 12.400 مليار دينار، مقارنة بنحو 12.010 مليار في الربع الثاني 2023.
1.5 في المئة انكماش الناتج المحلي
حقق الناتج المحلي انكماشاً بنحو 1.5 في المئة بالأسعار الثابتة، وهي الأهم، حين بلغت قيمته نحو 9.824 مليار دينار للربع الثاني 2024، مقارنة بمستواه في الربع ذاته 2023 عندما بلغ ما قيمته نحو 9.974 مليار.
1.1 في المئة ارتفاع القيمة المضافة
للقطاع النفطي
عزت الإدارة مبررات الارتفاع بالأسعار الجارية إلى ارتفاع القيمة المضافة للقطاع النفطي بنحو 1.1 في المئة، وذلك انعكاساً لارتفاع أسعار النفط من معدل 79.8 دولار للبرميل الربع الثاني 2023 إلى معدل 86.6 دولار للبرميل خلال الربع الثاني 2024 (+8.6 في المئة).
5.1 في المئة ارتفاع القيمة المضافة
للقطاع غير النفطي
ارتفعت القيمة المضافة للقطاع غير النفطي بنسبة 5.1في المئة خلال الفترة ذاتها بالأسعار الجارية، لتصل إلى نحو 6.718 مليار دينار، مقابل نحو 6.391 مليار دينار. ومن ناحية الأسعار الثابتة، جاء الانكماش نتيجة تراجع القيمة المضافة للقطاع النفطي بـ 6.8 في المئة، رغم نمو القيمة المضافة للقطاع غير النفطي 4.2 في المئة خلال الفترة المذكورة.
45.8 في المئة مساهمة قطاع النفط
في الناتج الإجمالي
مع الانحسار في القيمة المضافة لقطاع النفط، هبطت مساهمته في تكوين الناتج المحلي الإجمالي من 46.8 في المئة للربع الثاني 2023 إلى نحو 45.8 في المئة للربع الثاني 2024، من دون احتساب مساهمة الأنشطة النفطية الأخرى ما بعد الاستخراج.
مساهمات القطاعات
في الناتج الإجمالي
- الإدارة العامة والدفاع والضمان: 11.3 في المئة
- الوساطة المالية والتأمين: 9.2 في المئة
- الصناعات التحويلية: 7.9 في المئة
- النقل والتخزين والاتصالات: 6.7 في المئة
- التعليم: 5.9 في المئة
- تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم: 5.1 في المئة
- كل الأخرى: 9.5 في المئة