أكد سفير سلطنة عُمان لدى البلاد الدكتور صالح الخروصي، متانة العلاقات بين الكويت والسلطنة، مبيناً أنها ذات جذور عريقة تعود إلى حقبة قديمة دلت عليها الشواهد الأثرية، معرباً عن الأمل في تحقيق المزيد من التقدم للبلدين في ظل توجيهات القيادتين والحكومتين الرشيدتين.
وأضاف الخروصي، في حوار مع «الراي»، أن مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية تمثل أكبر مشروع خليجي في قطاع الطاقة بحجم استثمار مشترك يبلغ نحو 9 مليارات دولار، مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في نهاية يوليو الماضي نحو 2.7 مليار دولار، معرباً عن الطموح لبلوغ سقف أعلى من الاستثمارات الكويتية في السلطنة، مشيراً إلى تجاوز عدد السياح الكويتيين 50 ألفاً بنهاية سبتمبر الماضي.
وذكر أن بلاده تقدم كل التسهيلات اللازمة للمستثمرين الأجانب، وهناك خصوصية للأشقاء من الكويت ومجلس التعاون الخليجي من خلال تقديم خدمة سريعة في محطة واحدة ضمن منصة «استثمر في عمان» الالكترونية، التي تجمع الجهات الحكومية كلها، توفيراً للوقت والجهد.
ولفت إلى نحو 100 طالب عماني يدرسون في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والمعهد العالي للفنون المسرحية ومعهد الفنون الموسيقية. وفي ما يلي نص الحوار:
• تبدو للمتابع بعض الخصوصية، في العلاقات الكويتية - العمانية. حدثنا عن ذلك؟
ـ العلاقات بين السلطنة والكويت جذورها عريقة، تعود إلى حقبة قديمة دلّت عليها الشواهد الأثرية، وقد تبادل البلدان المصالح والمنافع الاقتصادية منذ فترة الإبحار عبر السفن الشراعية والقوافل البرية. فقد عُرف عن أهل عمان والكويت أنهم أهل تجارة وربابنة سفن، جابوا البحار والمحيطات. وهذه العلاقات الوطيدة استمرت في تطور ونماء حتى الوقت المعاصر وسوف تحقق المزيد من التقدم في ظل توجيهات القيادتين والحكومتين الرشيدتين في كلا البلدين.
• ارتبط البلدان بعلاقات اقتصادية واستثمارية مميزة، ربما كان آخرها مشروع مصفاة «الدقم». هل هناك مشاريع تعاون مقبلة؟
ـ يولي البلدان اهتماماً خاصاً بالعلاقات الاقتصادية، لما تمتلكه السلطنة والكويت من إمكانات اقتصادية كبيرة، وسيعزز البلدان ذلك بمشاريع مستقبلية.
ولقد تابعتم بلا شك، افتتاح السلطان هيثم بن طارق وأخيه سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية في فبراير الماضي، والتي تعتبر أكبر مشروع خليجي في قطاع الطاقة، بحجم استثمار مشترك يبلغ نحو 9 مليارات دولار.
كما أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في نهاية يوليو الماضي نحو مليار و100 مليون ريال عماني (أكثر من 2.7 مليار دولار).
استثمر في عمان
• ما الحوافز التي تقدمها السلطنة للمستثمر الكويتي؟
ـ سلطنة عمان تقدم كل التسهيلات لجميع المستثمرين الأجانب، ولا شك أن هناك خصوصية للأشقاء من الكويت ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية. وتقدم الجهات الحكومية المختصة في السلطنة التسهيلات اللازمة للمستثمرين من خارج البلاد، عبر خدمة سريعة في محطة واحدة تجمع جميع الجهات الحكومية، وتوفر الجهد والوقت ضمن منصة إلكترونية (استثمر في عمان).
وأُذكّر هنا، أنه أثناء انعقاد ملتقى الأعمال الكويتي العماني للتجارة والاستثمار الذي تزامن مع زيارة الدولة التي قام بها السلطان هيثم بن طارق الى الكويت مايو الماضي، وقعت وزارتا التجارة والصناعة في البلدين مذكرة تفاهم في مجال الاستثمار، كما تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين جهاز الاستثمار العماني والهيئة العامة للاستثمار الكويتية.
ونحن نعمل على زيادة حجم الاستثمار الكويتي في السلطنة، خارج قطاع الطاقة، من 830 مليون ريال عماني (حسب آخر الإحصائيات في 2023) إلى سقف أعلى.
تبادل ثقافي
• كيف يبدو التبادل الثقافي بين البلدين، وما هي الخطط المقبلة لتعزيزه، وهل ينمو التعاون جيداً في قطاع التعليم العالي؟
ـ هناك تعاون كبير بين البلدين في المجالات الثقافية والفنية والعلمية والتربوية والأكاديمية. وفي الجانب الثقافي أقمنا أسبوعا ثقافياً بالتنسيق مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، احتضنته المكتبة الوطنية في سبتمبر الماضي، تضمن ندوة عن العلاقات العمانية - الكويتية المبكرة، وأمسية شعرية وأخرى موسيقية، إضافة إلى محاضرة عن الفنون المعمارية المحصنة في سلطنة عمان. ولاقت الفعاليات إعجاب الحضور، وأكدت عمق الروابط الثقافية العمانية - الكويتية.
ولدينا مشاريع وفعاليات أخرى خلال الفترة المقبلة لاسيما أن الكويت ستكون عاصمة للثقافة العربية خلال 2025.
وبالنسبة للتعاون العلمي والأكاديمي، فالطرفان يتبادلان المنح الأكاديمية في مؤسسات التعليم العالي، ولدينا نحو 100 طالب يدرسون في جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب والمعهد العالي للفنون المسرحية والفنون الموسيقية. كما أن جامعة السلطان قابوس وغيرها من الجامعات والكليات الجامعية الحكومية والخاصة في سلطنة عُمان تعتبر من المؤسسات الأكاديمية المشهود لها بالجودة وفق المعايير الدولية وتستقطب طلاباً من مختلف دول العالم. ولديها برامج تعاون مع المؤسسات الأكاديمية الكويتية. ونحن نسعى لتعزيز التعاون بين الجانبين في هذا القطاع.
السياحة في عمان
• السياحة قطاع حيوي في السلطنة. كم يبلغ عدد السياح الذين يزورون عمان سنوياً، خصوصاً الكويتيين والخليجيين؟
ـ حكومة بلادي تولي أهمية خاصة لتعزيز قطاع السياحة ورفع معدل مساهمته في الناتج المحلي العام، وتعزيز مكانة السلطنة على خريطة السياحة إقليمياً ودولياً. وقد حبا الله عمان بطبيعة متفردة وجمال أخاذ، وتتوافر فيها بيئات متعددة تستقطب السائح على مدار العام. وكما تابعتم مشكورين في مؤسسة الراي الإعلامية، فقد أقامت سفارة سلطنة عُمان في الكويت مؤتمراً صحافياً للترويج السياحي لسلطنة عمان وموسم خريف ظفار، بحضور مسؤولين من وزارة التراث والسياحة وبلدية ظفار، وتقول الأرقام المبدئية أن عدد السياح من الكويت الشقيقة تجاوز 50 ألف سائح خلال موسم الخريف مع نهاية سبتمبر الماضي، كما تشير الأرقام إلى أن أكثر من مليون سائح زاروا محافظة ظفار خلال هذا الموسم.
• متى ينعقد اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين؟ وهل هناك ملفات معلقة؟
ـ تنعقد الدورة العاشرة للجنة العمانية - الكويتية قبل نهاية العام الجاري، بعون الله، وستتم مناقشة مجمل العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، والتوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية.
علاقات البلدين منذ 1624
شدد السفير الخروصي على أن العلاقات العمانية - الكويتية تشهد زخماً كبيراً بحكم حرص القيادتين الرشيدتين على الارتقاء بها وتعزيزها بما يعود بالفائدة على الشعبين.
وذكر أن فعالية الأسبوع الثقافي العماني في الكويت، التي أقيمت في سبتمبر الماضي، أتاحت له التعرف على معلومات جديدة عن العمق التاريخي لهذه العلاقات، حيث أشار أحد الباحثين إلى أنها ترجع إلى فترة الإمام ناصر بن مرشد اليعربي، الذي تولى الحكم في عمان خلال الفترة من 1624 إلى 1649، وهي فترة مبكرة بطبيعة الحال.
نشاط تجاري مربح
قال السفير الخروصي إن أحد الباحثين أشار إلى تميّز عمان بمغاصات ذات قيمة عالية من اللؤلؤ، وكان الغواصون من الكويت يقصدونها في مواسم محددة، ما خلق نشاطاً تجارياً مربحاً للطرفين.
أمسية موسيقية متميزة
ذكر السفير الخروصي أن الأمسية الموسيقية العُمانية التي أُقيمت في الكويت سبتمبر الماضي، تميزت بظهور عازفة التشيلو الأولى، مريم المنجي، وعازف الكيبورد، يعقوب العاصمي، وهما من ذوي الخبرة في الأوركسترا السلطانية، ولقي العرض إقبالاً وإعجاباً من الجمهور، ولفت إلى التنسيق حالياً مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب لاستضافة العازفة مريم في فعاليات مقبلة.