لا أجد تفسيراً واحداً لتصرف البعض الذين يحترمون القوانين عند سفرهم خارج البلاد، ويستهينون في تطبيقها في بلدهم، وأرى أن المتخصصين في علم النفس عليهم إيجاد تفسير لذلك التصرف. فقبل سنوات تذكّرت موقفاً حصل لأحد المسافرين إلى دولة خليجية، ففي مطار الكويت وقبل تطبيق منع التدخين وإنشاء غرف لذلك، شاهدته يرمي سيجارته على الأرض، وعندما وصلنا إلى مطار تلك الدولة الخليجية، قطع مسافة 3 دقائق مشياً ليرمي علبة فارغة.

هذا الموقف تذكرته عند حديث سريع مع بعض الأصدقاء حول موضوع عدم احترام قوانين المرور، مثل الوقوف مكان ذوي الهمم وفوق الرصيف وممنوع الوقوف والسرعة الزائدة، والتجاوز الخاطئ، فالقيادة فن وذوق وأخلاق وكُل قائد مركبة مُلزم وفق القانون والأخلاق والتربية بعدم عرقلة حركة المرور وعدم الخطأ على أي سائق آخر وسلامتهم مسؤولية مشتركة.

اليوم، بكُل أسف تشير إحصائية الإدارة العامة للمرور، على أن 93 % من الحوادث خلال النصف الأول من العام 2024، كانت بسبب استخدام الهاتف باليد أثناء القيادة، وأنه قد تم تسجيل 30 ألفاً و868 مخالفة خلال الفترة ذاتها من العام بسبب استخدام الهاتف، كما أشارت في إحصائيات نشرتها عبر حسابها الرسمي على منصة إكس، أن عدد مخالفات السرعة هو الأكبر من بين المخالفات المرورية.

لا يختلف اثنان على أن رجال المرور يعملون بكل جد واجتهاد، وهم متواجدون على مدار الساعة لضبط إنسيابية الحركة المرورية، وأن هناك الغالبية من قائدي المركبات لديهم وعي مروري وملتزمون بقواعد وقوانين المرور، ولكن هناك قلة مستهترة غير واعية ولا مدركة لخطورة ما تفعله تتسبب بشكل شبه يومي في حوادث ووفيات لأشخاص أبرياء بسبب استهتارهم، سواء بسرعة زائدة عن الحد أو استخدام الهاتف أثناء القيادة وكذلك التجاوزات الخاطئة والتي تُؤدي لحوادث خطيرة.

أعتقد أن القائمين على الإدارة العامة للمرور لديهم حلول كثيرة ومنطقية ولعل هناك أخباراً عن قرارات مرورية جديدة، ولكن لابد أن يواكب ذلك توعية مرورية مع تغيير في الثقافة المرورية لدى قائد المركبة والتفكير بشكل منطقي بعواقب الأمور، فهناك تجارب لدول مجاورة تغلبت على المشكلة المرورية وقلة نسبة الحوادث بشكل كبير أتمنى أن نستفيد من تجاربها ونطبق بعضاً من قوانينها فهناك من لا ينفع معه سوى الشدة وذلك للحفاظ على مرتادي الطريق من هؤلاء المزعجين والذين يمارسون رعبهم بشكل يومي، والله من وراء القصد.

mesferalnais@