مفهوم الإنسانية لا يعني كما يفهمه البعض اليوم من مساعدة الناس بالمال والعتاد فقط، هذه المساعدات هي جزء من هذا المفهوم الشامل، لهذا عندما نقول إن الكويت بلد الإنسانية وأميرها أمير الإنسانية، فإنها تحمل معاني عديدة من دعم الإنسان في كل مكان ومن جميع جوانبه المادية والروحية والنفسية، من أجل هذا سررت جداً عندما وافقت وزارة الشؤون الاجتماعية مشكورة على نادي (مكين) الذي أنشأته الحملة الوطنية للتوعية بمرض السرطان (كان) التابعة للجمعية الكويتية لمكافحة التدخين والسرطان، هذا النادي يحقق التكامل فيما قامت به قبل ذلك جمعية (السدرة) التي ترعاها مشكورة الشيخة عزة جابر العلي، لدعم مرضى السرطان لاسيما من النواحي النفسية.

نادي (مكين) هو مكمل لهذا الجهد ولا شك أنه سيتعاون مع هذه الجمعية الرائدة؛ ولكن ببعد آخر، نادي (مكين) سيستقطب مرضى السرطان الذين تم شفاؤهم بفضل الله وجعلهم يقومون بواجبهم الإنساني التطوعي تجاه المجتمع.

في الكويت لدينا 2995 إصابة بالأمراض السرطانية في آخر إحصائية لمركز الكويت لمكافحة السرطان، منهم 1653 إصابة بين الكويتيين، يشفى من هؤلاء ما يزيد على 60 % ما يعني أكثر من 900 مريض، ناهيك عن المقيمين والذين هم عون لنا في هذا المشوار، هؤلاء الذين تعافوا من مرض السرطان المزمن يتشابهون مع من تعافى من الأمراض المزمنة الأخرى، وإن كان السرطان يتميز عنهم بأنه مازال يخشاه الناس أكثر من غيره.

لا شك أن من هؤلاء المرضى المتعافين يتذكر الكثيرون منهم كيف كانت بداية تشخيصهم، وكيف عانوا من الضغوطات النفسية قبل عودتهم لحياتهم الطبيعية، هؤلاء نحتاجهم اليوم لينضموا إلى نادي «مكين» حتى يصبحوا عوناً ومصدر دعم لغيرهم من المرضى الجدد، بهذا سيدعمون جهود نادي (مكين) وكذلك جمعية (السدرة)، ويحققون لأنفسهم أولاً الرضا ولغيرهم الدعم.

لقد حرصت حملة (كان) أن توفر في مركز الكويت لمكافحة السرطان غرفاً للاستشارات النفسية والاجتماعية بالتعاون مع قيادات المركز ومديره الذي رحّب بالتعاون مشكوراً، هذه الغرف تعتبر ملاذاً لكل مريض جديد، وسوف يجد المتعافون والمتعافيات أياديَ حنونة تشرح لهم ما يحتاجون إليه، وتبث فيهم الأمل، وتهدئ من روعهم، وتجعلهم يستقبلون العلاج بروح طيبة.

خلال عملي في مركز مكافحة السرطان كطبيب أورام لمدة 40 عاماً أصبحت لديّ قناعة أن مرضى السرطان الجدد يستمعون إلى المتعافين والمتعافيات بروح أكثر إيجابية؛ حتى لو كان الطبيب قريباً منهم، ومجتهداً في شرح حالتهم إلا أنهم يجدون المواساة والدعم الأكبر من المرضى المتعافين الذين مرّوا بهذه التجربة.

إنّ مسؤولية نادي (مكين) ستكون كبيرة فهم سيعطون المتعافين والمتعافيات فرصة ليعبروا عن إنسانيتهم، وليزكوا عن منة الله لهم بالصحة والشفاء، وبالطبع سوف تكون مهمة هذا النادي أن يتولى تدريب المتطوعين والمتطوعات على مهارة التخاطب، حتى يكونوا عوناً إيجابياً للمرضى، فكم من مريض هرب من العلاج، أو تأخر عنه أو لجأ لأساليب أخرى غير مثبتة علمياً للتداوي من هذا المرض المزمن، ودفع الثمن لاحقاً، لأنه لم يجد من يدعمه في بداية تشخيصه ويطمئنه ويرافقه في رحلة العلاج.

شكر خاص للقائمين على نادي (مكين)، وتحية يملؤها العرفان لجمعية (السدرة) لتحقيقهم جميعاً المعنى الأفضل للإنسانية في بلد الإنسانية.