نشرت إسرائيل قوات خاصة على طول حدودها مع لبنان للاشتباك مع «حزب الله» واختبار خطوطه الدفاعية. وقد أعقب هذا الاشتباك التكتيكي تعبئة العديد من الفرق الرئيسية، بما في ذلك الفرق 91 و98 و36، إلى جانب إعلانها أخيراً عن انضمام الفرقة 146 إلى العملية.

ويشير هذا الحشد إلى أن إسرائيل تستعد لغزو بري واسع النطاق يهدف إلى تحييد القدرات العسكرية لـ«حزب الله» وهزيمته.

وقد كشفت عن خطط لدمج بحريتها في العملية، ما يشير إلى إستراتيجية أوسع نطاقاً تتضمن عمليات إنزال برمائية وقصف بحري محتمل على طول الساحل اللبناني.

ونشر قوات خاصة يهدف عملياً إلى التعامل مع المواقع الدفاعية للحزب واستكشاف نقاط ضعفه. ثم جعل هذه المناوشات الأولية اختباراً لدفاعاته وتحديد المخابئ أو مواقع الصواريخ تحت الأرض.

ومن خلال القيام بذلك، يمكن للقوات الإسرائيلية تحديد الأمكنة «الرخوة» في دفاعات الحزب وتركيز قواتها على تلك النقاط.

من المرجح أن تلتحق بعمليات القوات الخاصة فرق مدرعة وميكانيكية، بما في ذلك الفرقة 36، لاستغلال أي نقاط ضعف محددة والاندفاع عبر خطوط «حزب الله». إذ يجري استكشاف جبهات متعددة، بما في ذلك قطاعات المطلة - كفركلا، ويارون - عيترون، والناقورة، بهدف التغلب على قوات الحزب.

الفرقة 36 المدرعة

الفرقة 36، المعروفة أيضاً باسم «فرقة غااش المدرعة»، هي واحدة من أبرز الوحدات المدرعة. ومجهزة بدبابات «ميركافا» والمشاة الآلية، ما يجعلها تاريخياً عنصراً حيوياً في عمليات الاختراق.

وكانت، استُخدمت لاختراق المواقع المحصنة بشدة، كما كانت الحال في حرب لبنان عام 1982 أثناء الاندفاع نحو بيروت.

في الحرب الحالية، يمكن أن تقود الفرقة 36 الغزو البري واسع النطاق، مستهدفة المواقع المحصنة في جنوب لبنان. فقدرتها على اختراق الخطوط المحمية بشدة والاحتفاظ بالتضاريس الإستراتيجية، مفتاح تأمين أهداف مثل نهر الليطاني، الذي كان على امتداد الحقبة الماضية حدوداً دفاعية حاسمة لـ«حزب الله».

الفرقة 98 (المظليون)

تلعب فرقة المظليين من النخبة في إسرائيل، دوراً حاسماً في العمليات المحمولة جواً والتوغلات العميقة خلف خطوط الأمامية.

هذه الوحدات عالية الحركة قادرة على الانتشار السريع ويمكن إدخالها عن طريق الجو لتطويق دفاعات «حزب الله» أو استهداف مواقع ذات قيمة عالية، مثل مراكز القيادة أو مستودعات الصواريخ.

تاريخياً، تم نشر المظليين الإسرائيليين في صراعات رئيسية مثل حرب الأيام الستة عام 1967، حيث قاموا بمهمة محورية في الاستيلاء على نقاط إستراتيجية. في الصراع الحالي، من المرجح أن تكون الفرقة 98 مكلفة بضربات دقيقة تهدف إلى تعطيل المواقع الخلفية للحزب وتعقيد قدرته على تنسيق الدفاع. ويمكن أيضاً استخدام وحدات المظليين في العمليات البرمائية المحتملة على طول الساحل اللبناني لقطع طرق الإمداد الساحلية له.

فرقة الجليل

الفرقة 91، المعروفة أيضاً باسم «فرقة الجليل»، هي واحدة من أبرز الوحدات الدفاعية في إسرائيل المسؤولة عن تأمين حدودها الشمالية مع لبنان.

ويتمثل دورها الأساسي في حمايتها من توغلات «حزب الله» والسهر على أمن الحدود، وهي تتمتع بخبرة كبيرة في الاشتباكات الحدودية، حيث شاركت في مواجهات سابقة مع الحزب، بما في ذلك حرب لبنان عام 2006.

في العملية الحالية، من المتوقع أن تركز الفرقة 91 على تأمين الجزء الخلفي وضمان عدم تمكن «حزب الله» من اختراق الحدود الشمالية لإسرائيل. فإلمامها بالتضاريس الوعرة في جنوب لبنان يجعل دورها حاسماً في الاستطلاع قبل الغزو وإدارة الاشتباكات الأولية مع الحزب.

علاوة على ذلك، يمكن أن تكون هذه الفرقة مسؤولة عن تأمين خطوط الإمداد ودعم أجنحة القوات الإسرائيلية المتقدمة.

فرقة مدرعة احتياطية

إن تعبئة الفرقة 146، وهي وحدة مدرعة احتياطية، تشير إلى أن إسرائيل تستعد لصراع طويل الأمد، ما يزيد من قوتها النارية وقدرتها على التذخير.

وغالباً ما يتم نشر فرق احتياطية مثل 146 لدعم وحدات الخطوط الأمامية، ما يمكن الجيش من مواصلة العمليات لفترة طويلة.

فدورها أساسي في دعم الاختراقات الأولية، وضمان الحفاظ على الزخم، وتأمين الأهداف الرئيسية.

ويؤشر الزج بالفرقة 146 إلى أن إسرائيل لا تستعد للتقدم السريع فحسب، بل وأيضاً لتعزيز الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها أو تعزيز المناطق التي ضعفت فيها دفاعات «حزب الله».

ويمكن تكليفها بالسيطرة على التضاريس الرئيسية، وضمان ترسيخ أي مكاسب تحققت خلال المرحلة الأولية من الغزو.

ونظراً للتحذير الإسرائيلي الأخير للمدنيين في جنوب لبنان بتجنب استخدام الطريق الساحلية، فمن المحتمل نشر الفرقة 146 للتقدم على طول الساحل، والسيطرة على هذا الطريق الاستراتيجية.

وهو أمر بالغ الأهمية للخدمات اللوجستية وإعادة الإمداد، والاستيلاء عليها من شأنه أن يقطع طرق الإخلاء أو التراجع لـ«حزب الله» ويحد من قدرته على نقل التعزيزات.

ومن خلال التقدم على طول هذه الطريق، فإن الفرقة 146 ستلعب دوراً رئيسياً في إستراتيجية التطويق الأوسع نطاقاً، بهدف عزل قوات الحزب جنوب نهر الليطاني.

ومن المفترض أن تضطلع البحرية، التي أعلنت مشاركتها الرئيسية في الغزو بمهمة محورية في العمليات البرمائية وفي دعم القوات البرية من البحر. وقد تشمل مشاركتها القصف البحري أو استخدام قوات العمليات الخاصة للإنزال خلف دفاعات «حزب الله» الساحلية، ما يؤدي إلى تمدد خطوطها وقطع طرق الهروب المحتملة.

إن إستراتيجية إسرائيل متعددة الجبهة مصممة لتمديد قوات الحزب عبر جبهات عدة، بغرض فرض الدفاع عن كل موقع بشكل فعال.

ومن خلال الضغط على محاور عدة، بما في ذلك من شمال وجنوب نهر الليطاني، تأمل القوات الإسرائيلية في إجبار الحزب على تقسيم موارده وطاقته.

وتشكل تكتيكات التطويق عنصراً مهماً في هذه الإستراتيجية. فمن خلال التقدم من اتجاهات مختلفة، تهدف إسرائيل إلى محاصرة قوات «حزب الله» وقطع طرق الإمداد، لترك وحداته معزولة وأكثر عرضة للهجمات المركزة من الدروع والمدفعية.

إلى ما وراء الليطاني ووادي البقاع

إن احتمال تقدم إسرائيل إلى ما وراء نهر الليطاني والتوغل في وادي البقاع، يمثل تصعيداً محتملاً في الصراع قد تترتب عليه آثار إستراتيجية عميقة.

فمن الناحية التاريخية، كان نهر الليطاني بمثابة خط دفاعي لـ«حزب الله»، وكان عبور هذه الحدود يعني توغلاً أعمق في مناطق العمليات الأساسية للحزب. وفي صراعات سابقة، مثل حرب 1982، تقدمت إسرائيل إلى وادي البقاع لاستهداف معاقل منظمة التحرير الفلسطينية وإنشاء منطقة عازلة.

وتظل منطقة البقاع بالغة الأهمية من الناحية الإستراتيجية بسبب قربها من سورية ودورها كطريق إمداد لأسلحة الحزب وتعزيزاته من إيران.

وفي الصراع الحالي، يتطلب التقدم إلى وادي البقاع عملية عسكرية أكثر تعقيداً.

فالوادي محصن في شكل كبير بمواقع «حزب الله»، وأي تحرك نحو هذه المنطقة سيواجه مقاومة كبيرة. ولكن إذا تم إضعاف دفاعات الحزب جنوب نهر الليطاني بدرجة كافية من خلال الغارات الجوية والتقدم المدرع والعمليات التي تقوم بها القوات الخاصة، فإن التوغل في وادي البقاع قد يصبح خياراً قابلاً للتطبيق بالنسبة إلى القوات الإسرائيلية.

وعلاوة على ذلك، فإن مراكز القيادة ومستودعات الإمدادات التابعة للحزب في وادي البقاع محصنة ومتكاملة مع البنى التحتية المدنية، ما يجعل استهدافها أكثر صعوبة دون أضرار جانبية كبيرة.

كما يشكل الوادي ممر إمداد رئيسيا من سورية، ما يعني أن أي محاولة إسرائيلية للاستيلاء عليه من شأنها أن تعطل قدرة الحزب على تلقي الأسلحة والتعزيزات من حلفائه.

وفي هذا السيناريو، يمكن نشر المظليين من الفرقة 98 لاستهداف المواقع ذات القيمة العالية في الوادي، بما في ذلك مواقع إطلاق الصواريخ ومراكز الاتصالات، الأمر الذي يزيد من تدهور قدرة «حزب الله» على تنسيق دفاعاته.

من هنا، فإن عملية واسعة النطاق في وادي البقاع تتطلب دعماً لوجستياً واسع النطاق، بما في ذلك التفوق الجوي والتنسيق الوثيق بين الوحدات البرية والجوية. وستحتاج القوات الإسرائيلية إلى الحفاظ على الضغط المستمر على قوات «حزب الله» عبر جبهات عدة، وضمان تقليص قدرته على إعادة التجمع والهجوم المضاد.

كما ستلعب القوات الخاصة دوراً حاسماً في مهام الاستطلاع واستهداف المفاصل ذات القيمة العالية، مثل مراكز القيادة والسيطرة ومستودعات الذخيرة، لإضعاف قدرة الحزب على المضي في مقاومة فعالة.

وأمام هذا السيناريو المترامي الجبهات تشكل قدرة «حزب الله» على شن حرب عصابات وشن حروب استنزاف تحدياً كبيراً للإسرائيليين، ما يؤشر إلى حرب طويلة الأمد تلوح في الأفق، خصوصاً إذا نجحت إسرائيل في التوغل بعيداً في العمق اللبناني.