هناك طفل كامن في أعماق ذواتنا، وهذا الطفل يحتاج دائماً إلى من يتفهمه، ويسايره ويرعاه، ويضمه إلى صدره، وتشتد الحاجة حين نخفق في عدم إتمام مشروع مهم، وحين نشعر بالعجز عن تحقيق هدف من الأهداف، لذا نحن بحاجة إلى التعاطف مع الذات خصوصاً عندما نشعر بالعجز والوهن وخيبة الأمل، في بعض المواقف، وفي كل الحالات التي نشعر فيها بانسداد الآفاق.
التعاطف في الأصل نوع من العلاقة بالآخر، أما التعاطف مع الذات، فهو نوع من علاقة الذات بالذات، مثلما هناك من الناس من يحتاجون إلى تعاطفنا ودعمنا، هناك أيضاً نفوس في دواخلنا تحتاج منا إلى الرعاية والمساندة والدعم، وقال أحد الحكماء: تعامل مع ذاتك كما تتعامل مع أفضل صديق لك، ونحن نعرف أن الأصدقاء يتآزرون ويتعاونون ويتناصحون... والذات أولى من الصديق في التآزر والتعاون والنصح والعتاب والمواساة، والتدقيق في بعض الأمور. والتعاطف مع الذات قد يشتمل أحياناً على نوع من الضحك على الذات ونوع من التفاؤل المُبالغ فيه، وهذا شيء مباح ومتفهّم ما دمنا نتعامل مع طفل يسكن في أعماقنا، ومادام ذلك يساعدنا على أن نتخلص من مأزق نفسي مزعج، ويساعدنا على أن نبدأ من جديد.
إن مفاهيم التراحم والتواصل والتعاون والشعور المتبادل مع الآخرين، هي مفاهيم متعانقة مع التعاطف، وعلينا تجسيد ذلك في علاقتنا مع الذات، وفي العلاقات الاجتماعية، من تعاطف مع ذاته استطاع أن يتعاطف مع الآخرين، وتكون علاقاته ناجحة على مستوى الذات والآخرين.
M.alwohaib@gmail.com
mona_alwohaib@