في ضوء ما حدث خلال يومي الثلاثاء والاربعاء الماضيين من قيام إسرائيل بتفجير أجهزة البيجر واللاسلكي «ووكي توكي» والخاصة لاستخدامات عناصر «حزب الله» والتي سبق قبلها تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي بنقل الثقل العسكري إلى شمال إسرائيل ناحية جنوب لبنان علماً بأن الوضع العسكري لم ينته في غزة، أي أنهم كانوا يخططون لإخلاء الجنوب اللبناني من عناصر «حزب الله» ودحره إلى الخلف لتأمين مناطقهم الحدودية ناحية لبنان.

في مقالة سابقة نشرتها بتاريخ 2024/9/3 في صحيفة «الراي» وهي بعنوان: «مقالة سمو الأمير تركي الفيصل والمؤامرة الإسرائيلية في تداعيات حرب غزة». أشرتُ فيها إلى «أن الجانب الإسرائيلي يتحدث عن إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل وذلك من خلال التصريحات التي يطلقها كبار مسؤوليهم ونخبهم الفكرية ودون مواربة بهذا الشأن.

وهذا هو نتنياهو في بداية العدوان على غزة يصرّح علناً أمام وسائل الإعلام أنه طيلة 30 عاماً يصر على أن الصراع ليس في عدم وجود دولة فلسطينية بل في عدم وجود دولة يهودية تمتد من النهر إلى البحر، وأن أي اتفاق قادم في المستقبل فإن دولة إسرائيل يجب أن تسيطر على المنطقه بأسرها، وهو يهدف من ذلك إلى توسيع دائرة الحرب تدريجياً حتى يتمكن من إنجاح التطهير العرقي في مناطق السلطة الفلسطينية في محاوله لخلق نزوح إلى الأردن وغيرها من المناطق، وسيكون جنوب لبنان الهدف التالي وذلك عبر القضاء على (حزب الله) أو جعله في أضعف حالاته.

كما صرّح نتنياهو في وقت سابق أنهم قد تجهزوا لتحرك قوي في جهة الشمال، وكذلك تجاه الضفة الغربية ويجري الاستعداد لذلك لما يسمى لديهم (المذبحة الكبرى) عبر تسليح المستوطنين الذين يؤمنون بالتطهير العرقي من خلال القتل، وقد ظهرت فيديوهات لعناصر من المستوطنين تدعو إلى القتل وذلك ترقباً لساعة الصفر». انتهى الاقتباس

... والآن وقد اتضح التحرك الإسرائيلي تجاه جنوب لبنان من خلال استخدام كل الأسلحة والوسائل الممكنة القانونية منها وغير القانونية، أعتقد بأن السيناريو القادم بعدما بثت إسرائيل الرعب عند عناصر الحزب من خلال استخدام الحرب الإلكترونية في محاولة لإضعافه وهو ما أشرت إليه في مقالتي السابقة، البدء بالتحرك الميداني لاجتياح الجنوب بدعوى طرد الحزب إلى داخل لبنان، وسيقوم زعيم الحزب والذي تم إضعاف حزبه سواءً من خلال اغتيال كبار قياداته العسكرية وانتهاءً بتفجير وسائل الاتصال الخاصة بالحزب، بالانسحاب التكتيكي لقواته من الجنوب إلى الخلف، وهي خطوة لا شك ستكون خطيرة لأنها ستؤدي لتهجير أهل تلك المناطق ليصبحوا بعدها لاجئين داخل بلادهم، وهذا يشبه ما حدث عندما قام الحشد الشعبي في العراق باجتياح وسط العراق بحجة محاربة «داعش».

من الواضح والجلي أن نقول إن المخطط التآمري سواءً في العراق أو سورية أو لبنان ما هو إلا تمهيد لقيام الدولة اليهودية الكبرى.

أعتقد أن الاجتماع الذي عقد يوم الخميس الماضي والذي تداعى له وزراء خارجية كل من الولايات المتحده الأميركية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا لتحديد ومناقشة الوضع في الشرق الأوسط، لا شك أن مثل هذا الاجتماع ما هو إلا اجتماع الخبثاء المتآمرين علينا لوضع سيناريو جديد للمنطقة تكون لإسرائيل اليد الطولى في المنطقة، وهو ما سيعزز بداية إسرائيل الكبرى والسماح لإيران بالهيمنة على المنطقة لأن الغرب وأوروبا طوال تاريخهم دائماً متآمرون لنهب خيرات المنطقة بشتى الوسائل خصوصاً بعدما انتهت فاعلية الاستعمار العسكري.

والسؤال المهم، هو ماذا سنعمل لمواجهة وضع منطقتنا العربية مستقبلاً من مثل هذا المخططات الخبيثة، وما نحن فاعلون لحماية أمننا الوطني؟