عاد إلى الواجهة مجدداً النقاش حول مشاريع القوانين المُلِح إقرارها لتطوير البيئة الاقتصادية والمالية في البلاد، لكن المتغير الذي طرأ هذه المرة أن نافذة الاهتمام شُرعت من المعنيين بصناعة هوية الدولة الاقتصادية والمالية بعيدة المدى، تجاه القطاع الخاص، الذي تم استشراف رؤيته، تمهيداً لاتخاذ ما يلزم حكومياً لتطوير البنية التشريعية اقتصادياً ومالياً.

وإلى ذلك، كشفت مصادر ذات صلة لـ«الراي»، أن القطاع الخاص تلقى الفترة الأخيرة ما يشي بتنامي الاهتمام الحكومي بإعداد القوانين المستحق إقرارها، في مواجهة التحديات الاقتصادية والمالية الصعبة، وأنه جاري إعداد قائمة بالمشاريع الإستراتيجية، والتي يعول عليها في تعزيز الاستقرار اقتصادياً ومالياً واستثمارياً ومصرفياً واجتماعياً، وفي المجمل تحقق التنمية المستدامة على الأصعدة كافة.

وأشارت المصادر إلى أنه في موازاة شدّ الحزام على المصاريف العامة، وأثناء البحث الجاد الذي توليه الحكومة عن درب إصلاحي جديد للمالية العامة بمعالجات حقيقية، تبرز جملة قوانين تشكل أم الأولويات التشريعية التي يكتسي إقرارها بالمرحلة الحالية أهمية مضاعفة، لعل أبرزها:

أولاً: «الدَّين العام»:

في هذا الخصوص، أشارت المصادر إلى أنه لطالما شكل إقرار «الدَّين العام» حجر عثرة منذ انتهاء صلاحيته في 2017، فمنذ ذلك الحين لم يتوقف الشد والجذب بين مجلس الأمة والحكومة، رغم أهمية إقراره كونه يتيح للدولة الاقتراض عبر إصدار سندات دولية، تخفف الضغط على سيولة صندوق الاحتياطي العام.

ولفتت المصادر إلى تقارير وكالات التصنيف العالمية عن الكويت، التي تؤكد مجتمعة وآخرها «فيتش»، أهمية وجود قوانين وآلية لدى الدولة، تمكنها من الحصول على تمويل عن طريق الدَّين العام عند الاحتياج إليها، مضيفة أن مضامين وكالات التصنيف تتقاطع على الحاجة لإعداد مجموعة لوائح وقوانين تنظم كيفية اقتراض الحكومة للأموال وسدادها، سواء كانت داخلية أو خارجية.

وبينت «فيتش» أن الحكومة تهدف إلى تمرير «الدين العام»، الذي من شأنه توفير التمويل اللازم، متوقعة تمريره السنة المالية 2025 - 2026.

وبينت أن أهمية هذا التشريع تكمن في أنه يساعد في ضمان تنفيذ الاقتراض بطريقة لا تؤدي إلى مشاكل مالية طويلة الأمد، كما يسهم في حماية الاقتصاد الوطني من الصدمات المالية والمضاربات، إلى جانب دوره في تحسين التصنيف الائتماني للدولة، وكذلك شروط الاقتراض، بما يزيد ثقة المستثمرين والدائنين، بالحكومة.

وأشارت المصادر إلى أن إقرار «الدَّين العام» يضمن فترات استحقاق مختلفة، ما يؤدي إلى تعميق الأسواق والمالية المحلية.

وذكرت أن تطوير أسواق الدَّين يُساعد القطاع الخاص في بناء منحنى عائد يتم استخدامه لتسعير الأصول المالية الأخرى، ويسهم في تنظيم مستويات السيولة وتوطين المدخرات.

ثانياً: «الصكوك الحكومية»:

إلى ذلك، لفتت المصادرإلى تزايد الحاجة لإقرار مجموعة قوانين ولوائح تنظم إصدار وتداول الصكوك من قبل الحكومة، باعتبارها من الأدوات المهمة لتحقيق أهداف تمويلية واقتصادية متعددة، من خلال توفير مصادر تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وجذب مجموعة أوسع من المستثمرين.

ثالثاً: تداول صكوك وسندات القطاع الخاص:

وفي هذا الاتجاه، أكدت المصادر أهمية تطوير أسواق الدين المحلي من خلال تنظيم إدراج وتداول صكوك وسندات القطاع الخاص من قبل هيئة أسواق المال، ما يتطلب تذليل عقبات، عبر تطوير الهيئة لمنظومة أسواق الدين المحلية.

وأشارت المصادر إلى أن أهمية هذا المشروع تتعاظم في تمكين البنوك من (توريق وتصكيك) محافظ التمويل العقاري، وطرحها للمؤسسات والأفراد للاستثمار فيها، بغرض توفير السيولة للبنوك مرة أخرى، لمنح المزيد من التمويلات العقارية لمستحقي الرعاية السكنية، مشددة على أن وجود أسواق دين متطورة، من حيث الأدوات والمؤسسات، يُعتبر من المحاور المهمة لمتطلبات التنمية الاقتصادية.

رابعاً: «التمويل العقاري»

ربما لا يعد سراً الإشارة إلى أن «الرهن العقاري» للسكن الخاص من المشاريع المحالة إلى مجلس الأمة سابقاً، بناء على توجيهات حكومية بتشكيل لجنة لهذا الغرض برئاسة بنك الكويت المركزي وعضوية بنك الائتمان الكويتي، والمؤسسة العامة للرعاية السكنية ووزارتي المالية والعدل، واتحاد مصارف الكويت، لكنه لم يقر حتى الآن.

وترى المصادر أن الوصول إلى تنظيم تشريعي خاص بمنظومة البرنامج الوطني للتمويل العقاري، يشكل نقطة الانطلاقة، وتتزايد أهميته مع تنامي أعداد طلبات الحصول على السكن، بما يفوق إمكانيات بنك الائتمان. وتشدد تقارير المؤسسات الاقتصادية المختلفة على أهمية دور «الرهن العقاري» في ضمان تحقيق وتنفيذ إستراتيجية الدولة لمعالجة المشكلة الإسكانية، وطرح الحلول المناسبة بما يوفر بديلاً تمويلياً لطلبات السكن الخاص، إلى جانب التمويل الذي يقدمه «الائتمان»، من خلال مشاركة البنوك المحلية في دعم المنظومة الإسكانية، وتوفير ضمانات قانونية فاعلة للتمويل.