توفي الكاتب والناقد الأدبي والأكاديمي اللبناني إلياس خوري، اليوم الأحد، عن 76 عاما، بعد مسيرة طويلة قدم خلالها إنتاجات أدبية غزيرة حظيت بتقدير عالمي واسع وأصبح عبرها أحد أبرز المفكرين المناصرين للقضية الفلسطينية.

وأفاد مقربون من الأديب والصحافي الذي استمر في الكتابة حتى آخر أيام حياته، وكالة فرانس برس بأن خوري المولود في بيروت سنة 1948، توفي صباح الاحد بعد معاناة جراء مشكلات صحية في الأمعاء استدعت مكوثه في المستشفى للمعالجة أشهرا طويلة.

وبدأ إلياس خوري المولود في كنف عائلة مسيحية أرثوذكسية في منطقة الأشرفية في بيروت، الاهتمام بالقراءة منذ الصغر، وتأثر خصوصا بأعمال الروائي اللبناني جرجي زيدان وروايات من الأدب العربي والروسي الكلاسيكي.

وأظهر خوري منذ شبابه تأييدا للقضية الفلسطينية، وكان مؤيدا للمقاومة الفلسطينية عندما كان مقر منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت، قبل الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982.

ويزخر رصيده الأدبي بأعمال كثيرة تناول فيها موضوعات متنوعة تشمل الذاكرة والحرب والمنفى، وقد تُرجمت إلى لغات عدة منها الفرنسية والإنكليزية والألمانية والعبرية والإسبانية.

ومن مؤلفاته «الوجوه البيضاء» و«رائحة الصابون» و«أبواب المدينة» و«مجمع الأسرار» و«رحلة غاندي الصغير».

لكن أشهر رواياته هي «باب الشمس» الصادرة سنة 1998، وتتمحور حول نكبة الفلسطينيين ورحيلهم القسري عن أراضيهم أثناء قيام دولة إسرائيل عام 1948، وقد حُوّلت هذه الرواية إلى فيلم سينمائي بتوقيع المخرج المصري يسري نصرالله.

حتى أن ناشطين فلسطينيين شيدوا سنة 2013 مخيما سموه «قرية باب الشمس» على أراض خاصة تعود ملكيتها لفلسطينيين، وذلك احتجاجاً على توسع إسرائيل في بناء مستوطنات وعمليات الإخلاء القسري في الضفة الغربية المحتلة.

وعمل الياس خوري أيضا في السلك الأكاديمي، إذ درّس في جامعات عدة في الولايات المتحدة ودول عربية واوروبية، وكان أستاذا زائرا للأدب العربي الحديث والأدب المقارن في جامعة نيويورك في 2006.

وإلى جانب القضية الفلسطينية التي تناولها في روايات عدة، تطرق خوري أيضا الحرب إلى الحرب اللبنانية (1975 - 1990) في العديد من أعماله، بينها «الجبل الصغير» في سبعينات القرن العشرين.

ونال خوري خلال مسيرته الطويلة جوائز عربية وعالمية عدة، بينها جائزة سلطان بن علي العويس سنة 2007. كما له الكثير من الدراسات النقدية والمجموعات القصصية المتنوعة.

غزة «نموذج لحب الحياة»

كان لخوري أيضا تجربة صحافية طويلة، إذ ترأس خلال الفترة من 1975 إلى 1979 تحرير مجلة «شؤون فلسطينية» بالتعاون مع محمود درويش. كما كان مدير تحرير مجلة الكرمل من 1981 إلى 1982، ومدير تحرير القسم الثقافي في صحيفة السفير من 1983 إلى 1990.

واستمر خوري الذي ترأس أيضا تحرير الملحق الثقافي لجريدة النهار اللبنانية، في الكتابة حتى الأسابيع الاخيرة من حياته، رغم دخوله المستشفى ومعاناته مع المرض.

وفي مقال خطّه من سريره في المستشفى في يوليو بعنوان «عام من الألم»، استذكر خوري معاناته من «وجع لا سابق له»، وكتب «غزة وفلسطين تُضربان بشكل وحشي منذ ما يقارب العام أيضا، وهما صامدتان لا تتزحزحان. إنهما النموذج الذي أتعلم منه كل يوم حب الحياة».

وفور انتشار نبأ وفاة خوري، انتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي رسائل تعزية كثيرة من لبنان والبلدان العربية، أشاد أصحابها بالأديب الراحل وبرفعه لواء القضية الفلسطينية بلا كلل على مدى عقود.

ونعت المفكرة والناقدة اللبنانية علوية صبح «رفيق العمر لسنوات»، ووصفته في تصريحات لوكالة فرانس برس بأنه «أديب كبير وصديق كبير، و»رمز من رموز الرواية العربية الحديثة«الذي كان له»عالم خاص محوره قضية فلسطين".

من جهته، نعى الكاتب اللبناني حسن داود الروائي «الكبير» الذي تشارك معه العمل في جريدة السفير التي توقفت عن الصدور قبل سنوات، مشيدا بـ«دفاعه المستمر عن حقوق النشر للكتّاب».

وقال لوكالة فرانس برس إن «الرواية اللبنانية ذهبت معه إلى ابعد مما كانت تصل» مع من سبقوه.