التسيب والإهمال وعدم الإشراف على الممتلكات فرصة لأصحاب النفوس السيئة للسرقة وخيانة الأمانة، ومن الأمثال الشعبية التي تحمل ذلك المعنى: «المال السايب يعلم السرقة»...

تعود قصة المثل الشعبي إلى بعض الأشقاء من ملاك الأراضي الزراعية، الذين أوكلوا أحد المزارعين مهمة رعاية الأراضي والإشراف عليها، مقابل حصة يأخذها من الثمار والمزروعات؛ ولأن الملاك كانوا يسكنون في مدن بعيدة عنها؛ فإنهم لا يرتادون هذه الأرض، ولا يعلمون شيئاً عنها، مُصدقون ما يدعيه المزارع بأن الأرض لا تنتج من الثمار الكثير، ولا يبعث المزارع إليهم سوى الفتات، مستأثراً لنفسه بالنصيب الأكبر، وبعد مرور سنوات التقى أحد المُلاك مع أحد سكان القرية وسأله عن أحوال القرية؟ وحال أرضهم مع العطش والجفاف الذي أهلك الزرع؟

أجابه أن أراضيهم تطرح ثماراً طائلة، وأن المزارع الذي يخدمها قد اغتنى ويكاد يملك معظم أراضي القرية، تفاجأ المالك من رده، وعلم أن المزارع خان الأمانة، وألقى اللوم كله على نفسه وعلى أشقائه، قائلاً: «المال السايب يعلم السرقة».

القصد من وراء المثل الشعبي نصيحة صاحب الأموال بالمحافظة عليه، والإشراف عليه بنفسه، أو اختيار أصحاب الضمير الذين يحافظون على الأمانة؛ فالمال الذي يهمله صاحبه ويتركه بلا رقابة معرض للسرقة، وعلى الطرف الآخر الذي خان الأمانة إعادة الأموال إلى صاحبها.

وقد وصل الحال اليوم أن الإنسان صار لا يبالي بما أخذه من مال، حلالاً كان أو حراماً... كما في الحديث الشريف: (ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال؟ أمن حلال أمن من حرام؟) فرسولنا عليه الصلاة والسلام من شفقته على أمته يحذرنا من كسب الحرام، ومع ذلك يستمر كثير من الناس في أكل المال الحرام، وكأنه صار عادة، ومع تكرار ذلك لا يشعر الفاعل أنه وقع في كبيرة من كبائر الذنوب، تلزمه إعادة كل ما أخذه من مال الحرام، وزيادة الصدقات، ولعل في ذلك تخفيفاً لما وقع فيه من خيانة وسرقات.