عدت أخيراً من زيارة صلالة، في سلطنة عمان الشقيقة، وقد سرني كل ما شاهدته من تكامل سياحي يمكن أن تلمسه منذ اللحظة الأولى، بدءاً بالمطار الأنيق السلس في إنجاز الخطوات، مروراً بنظافة المطار، وانتهاء بفريق عمل متكامل يرحب ويُقدّم أرقى الخدمات، وكذلك الفنادق والمنتجعات واستخدام التقنية الحديثة في تقديم أفضل الخدمات السياحية التي تلائم الأسرة الخليجية المحافظة.

إن مدينة صلالة العريقة، تعد من أبرز المدن السياحية، ليس في سلطنة عمان فقط، بل في منطقة الخليج العربي، حيث المتعة بالطبيعة ورذاذ الخريف من المطر الظفاري واللباس الأخضر الذي ترتديه صلالة في مثل هذا الوقت من كل عام.

كما أن الكرم العماني تلمسه في ابتسامة الناس وهم يرحبون بضيوفهم وعلى استعداد لتقديم أي خدمة يمكن أن يسألها السائح.

إن مدينة صلالة التابعة لمحافظة ظفار، باتت تحظى بسمعة طيبة ليس على مستوى الشعب الخليجي فقط، بل امتد ليصل إلى بعض شعوب العالم. وقد وصل الأمر إلى تنفيذ مشروع التوأمة مع مدينة صوفيا عاصمة بلغاريا.

وقد تطورت مدينة صلالة كثيراً، وهذا ما أكده لي صديقي الذي يسافر إليها في كل عام مع أسرته من دون ملل.

فقد قامت الحكومة بالاهتمام بصناعة السياحة من حيث البنية التحتية والاهتمام بكل المرافق التي يحتاجها السائح للاستمتاع بالطبيعة الخلابة والطقس المعتدل، وبها تنوع كبير في الأنشطة، منها مهرجان صلالة السياحي إلى جانب الشواطئ النظيفة ورمالها البيضاء ومياه البحر التي تميل إلى الاخضرار، ولا ننسى النخيل التي يعشقها الإنسان الخليجي، ناهيك عن النوافير الطبيعية التي تندفع إلى الأعلى من فتحات الصخور ما يمنح النفس راحة وسعادة.

كما ان هناك الكثير من الأودية والعيون والكهوف القديمة جداً، فهي الأكثر قدماً في التاريخ، لتكون احد عناصر الجذب السياحي إلى جانب المواقع الأثرية التاريخية والمزارات الدينية.

وهناك المتاحف التي تعرض طبيعة الحياة البحرية وتاريخ عمان العريق، حيث الحصون والقلاع التاريخية التي تمنح الشعب العماني فخراً وتواضعاً مغلفاً بدماثة الخلق والكرم الحاتمي.

ولا ننسى الأسواق الشعبية التي تحظى بإقبال كبير من قبل الشعب العماني الذي يعيش في بقية مدن السلطنة، ويشد الرحال إليها، وكذلك السياح، لشراء البخور واللبان وبعض الحرف اليدوية التقليدية والملابس الشعبية، مثل العمامة العمانية الشهيرة بأنواعها المختلفة.

إن الاستثمار الحقيقي الذي قامت به سلطنة عمان، هو الاستثمار بالإنسان العماني الأصيل. كما ان دماثة الخلق لا يمكن تجاهلها خصوصاً من قبل السيد حميد عبدالله المجيني، منظم البرنامج، والأستاذة سلوى ربيع اليافعي، من مركز العرفان للخدمات المجتمعية، والأستاذة جميلة عباس الرئيسي مشرفة الرحلة.

ولا أنسى الأخ الفاضل عبدالله الحارثي سائق الحافلة الذي كان متفانياً في عمله ولا تفارق ابتسامته محياه العماني الجميل.

ومن أهم الملاحظات الإيجابية التي لاحظتها في كل مرة أزور مدن السلطنة، خصوصاً العاصمة «مسكت»، وهي المفردة الشعبية لمدينة «مسقط»، هو النظافة والالتزام بالقوانين ولاسيما قانون المرور من قبل الشعب العماني وكذلك المقيمون، إضافة إلى حسن التعامل، فالكبير يحترم الصغير ويحنو عليه، والأمر ينطبق على الغني والفقير.

وقد تذكرت دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال «رحم الله أهل الغبيراء(أي أهل عمان) آمنوا بي ولم يروني». كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي برزة الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى حي من أحياء العرب مبعوثاً فسبوه وضربوه، فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام «لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك».

ولم تتطور سلطنة عمان صدفة، إنما بعد رؤية ثاقبة وجهود جبارة متتالية كونها سلطنة حضارية ونهضة شاملة قادها المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد، والآن يكمل المسيرة جلالة السلطان المعظم هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد، حفظه الله ورعاه.

همسة:

خريف صلالة يمنح القلب ربيعاً عُمانياً دائماً.