بإطلالته المميزة والتاريخية على ميناء ممتلئ باليخوت في منطقة الشرق بشارع الخليج العربي، يطل سوق شرق أحد أهم وأقدم المعالم التجارية في الكويت، لكن من الواضح أن ثمة شيئاً ما تغير حيث المشهد العام للسوق الذي بدأ إنشاؤه 1994 وتم افتتاحه 30 سبتمبر 1998، تغير كثيراً من زخم المحلات والرواد إلى الهدوء وقلة الزوار، فما الذي طرأ لينقلب حال أحد أبرز المعالم التجارية والسياحية في الكويت بهذا الشكل؟

من حيث المبدأ يتكون سوق شرق من طابقين ويضم نحو 70 مطعماً ومتجراً، يشمل العديد من الماركات التجارية الكبيرة والشهيرة والعالمية، إضافة إلى مجموعة خدمات لمختلفة، ما يجعله مقصداً مناسباً لتسوق جميع المواطنين والمقيمين وأيضاً لمن يأتي من خارج الكويت زائراً، فضلاً عن كونه مكاناً مشهوراً بالتجمع، والإطلالة السياحية.

لكن خلال العام والنصف الأخيرة شهد السوق تراجعاً واضحاً سواء في المحال والماركات التجارية العالمية التي كانت تميزه كعلامة بارزة بين الأسواق التجارية، أو لجهة إقبال مرتاديه الذين يبدو أن شهيتهم لزيارته تراجعت كثيراً، لا سيما مع إغلاق غالبية محلاته وسينما المجمع التي كانت أحد أهم عوامل الجذب الذي يعتمد عليه.

«الراي» من جهتها استطلعت آراء رواد السوق الذين عبروا عن حسرتهم لما آلت إليه أوضاع مجمعهم «المفضل» والمرتبطين به منذ أكثر من عقدين من الزمان، وما يعانيه من إهمال في تطوير مرافقه وإدخال التحديثات اللازمة لمواكبة تطور المجمعات المماثلة والمنافسة له، فيما طالبوا بسرعة نقل إدارته إلى القطاع الخاص مجدداً من خلال طرحه في مزايدة تضمن إحياء هذا المعلم التاريخي.

وأكدوا على ضرورة أن يطول التطوير المستهدف جميع مرافق المجمع في داخله وخارجه، مع إعادة افتتاح سينما المجمع، مشيرين إلى أن سوق شرق بات خاوياً من زواره في معظم الأوقات بما في ذلك ساعات الذروة وأيام الإجازات والعطلات التي كانت تشهد سابقاً ازدحاماً واسعاً.

تطوير حقيقي

في البداية قال «بوطلال» وهو أحد رواد سوق شرق منذ التأسيس، إن السوق يحتاج إلى نفضة إدارية، وأن ذلك لن يتحقق إلا من خلال نقل إدارته إلى القطاع الخاص، باعتباره المؤهل الحقيقي لإعادة تطويره وإدارته بما يسهم في اجتذاب المحلات مرة أخرى ومواجهة ظاهرة الإغلاقات المتكررة التي شهدها المجمع الآونة الأخيرة، موضحاً أنه في السابق كانت هناك حركة وكان التطوير مستمراً، لكن الوضع يتدهور منذ فترة بشكل ملموس.

وأشار «بو طلال» إلى أن التطوير يجب أن يطول جميع مرافق المجمع في داخله وخارجه، موضحاً أن من أبرز مؤشرات تغير الحال التي تعكس واقع سوق شرق المتغير من الزخم إلى الفوضى، أن مظلات مواقفه سقطت أكثر من مرة ولم يتم تجديدها بالشكل المطلوب، مؤكداً على أهمية تطوير ممشى الواجهة البحرية.

من جهتها، قالت سميرة العجمي إن سوق شرق أحد المعالم التراثية التي كان يتغنى بها الكويتيون، لكن من المؤسف الحال الذي آل إليه حالياً، مستغربة من تركه هكذا دون تطوير رغم موجة الإغلاقات المتواصلة للمحلات والمطاعم، مؤكدة أن المتضرر الأول من هذا الوضع هم الزوار سواء كانوا مواطنين أو مقيمين أو من خارج الكويت، فضلاً عن المال العام الذي فقد عوائده من هذا السوق، خصوصاً أنه كان إحدى الوجهات الترفيهية الرئيسة للعائلات في الكويت.

وشدد يوسف الفيلكاوي على ضرورة إعادة تطوير المجمع بشكل شامل، بما يستقيم مع كونه أحد أهم الوجهات الترفيهية بالكويت والتي كان يأتي إليها الجميع من كل من مكان، حتى من الخارج كانوا دائماً ما يرتادون السوق في كل زيارة لهم بالكويت من أجل التمتع بإطلالته المميزة ومرافقه ذات الخصوصية السياحية.

وأشار الفيلكاوي إلى أن المطاعم والكافيهات المطلة على الواجهة البحرية بحاجة ماسة إلى التطوير وتجديد، إضافة إلى تطوير «مارينا» اليخوت.

ساعات الذروة

من جانبه، تحسر جفران راضي على الوضع الحالي للمجمع وما شهده من تراجع كبير في الزوار الفترة الماضية، موضحاً أن المجمع أصبح خاوياً في معظم الأوقات حتى في ساعات الذروة، وعطلات نهاية الأسبوع.

وأضاف جفران أن المجمع كان الوجهة المفضلة له وللعديد من الكويتيين لكن الفترة الأخيرة شهد تراجعاً كثيراً مع الإغلاقات العديدة التي قامت بها الماركات العالمية والمطاعم التي كانت تميز المجمع، معرباً عن أمله في أن تتم إعادة افتتاح هذه المحال مرة أخرى وأن يتم تطويره وتجديده حتى يظل كمعلم تراثي لأهل الكويت.

من جهته، قال محمد أحمد، إنه دأب على القدوم إلى المجمع منذ سنوات عدة، حيث ظهرت التغيرات واضحة الفترة الأخيرة من عدم الاهتمام بتطوير المجمع مع إغلاق العديد من المحال و«البراندات العالمية» فيه، مبيناً أن سوق شرق يعاني حالياً من التغير الأسوأ في خدماته.

وأشار أحمد إلى ضرورة تطوير الوجهة البحرية للمجمع فهي غير مستغلة، فبديلاً عن وجود مواقف بها يتم نقل المواقف إلى مكان آخر ويتم استخدام هذه المساحات في مطاعم وكافيهات وجلسات لزوار المجمع.

ولفت عبدالله محمد إلى أن المجمع أصبح أكثر هدوءاً وأكثر ملاءمة لكبار السن والراغبين في الأجواء الهادئة، موضحاً أن هناك عدداً من المحال التي تم إغلاقها بالفعل ولكن الرواد الدائمين في المجمع، مستمرون في القدوم إليه ولم تؤثر الإغلاقات على رغبتهم في زيارته.

وأعرب محمد عن أمله أن يتم تطوير المجمع خاصة وأنه يعد من المعالم التاريخية للكويت، مؤكداً ضرورة الاهتمام بتطوير المواقف والوجهة البحرية للمجمع.

الزمن مُتوقّف

تعد الساعة المائية بسوق شرق واحدة من 21 ساعة مائية في العالم والوحيدة من نوعها في الخليج، وتقف هذه التحفة الزمنية التي صنعها البروفيسور الشهير برنارد جيتون في القاعة الرئيسة بمنتصف السوق كأحد المعالم البارزة المهمة التي يشهدها كل من يرتاد سوق شرق.

وتحولت الساعة التي كانت تعكس بوضوح حركة الزمن في سوق شرق إلى شاهد على توقف الزمن، حيث لا يخفى على العين ثبات عقاربها، ما يثير المفارقة حول ما إذا كان المسؤولون لم يلحظوا ذلك، أو لحظوه وتجاهلوا أهمية إعادة تشغيلها لتطلب الأمر منهم استيراد المادة الخاصة بتشغيلها.

إغلاقات مُستمرة

قال أحد البائعين في محل يتم إخلاؤه استعداداً لإغلاقه، إن الحركة على السوق انخفضت بشكل كبير الفترة الماضية، الأمر الذي أدى إلى استمرار إغلاقات المحال مدفوعة بتراجع المبيعات الناجمة عن تدني زوار السوق، مشيراً إلى أن الإشاعات والأقاويل زادت الفترة الأخيرة، حيث يقول العديد من العاملين في السوق إن إدارة «سوق شرق وفقاً لآلية الإدارة الحالية ستستمر لفترة طويلة، وأن طرح المجمع على القطاع الخاص لن يكون في الأمد القريب، ما أسهم في تنامي مخاوف أصحاب المحلات والزوار من الانكشاف على مزيد من الخسائر، وتدهور مرافق المجمع.

وأضاف أن الجميع يتكلم ولكن لا أحد يعلم الحقيقية، ولكن الواضح والملموس تراجع حال المجمع من أحد أهم الوجهات للعائلة الكويتية والأفراد والزوار، إلى مكان مفتوح نظرياً لكنه عملياً مغلق حتى إشعار آخر.

تكلفة الإنشاء

وصلت تكاليف إنشاء سوق شرق وقتها إلى 35 مليون دينار حيث تمت إدارة السوق من قبل القطاع الخاص وفقاً لعقد«BOT» لمدة 20 عاماً، ومع إخلاء السوق سلمت وزارة المالية السوق لشركة وفرة العقارية منذ 2023.